من اقوال الرب يسوع المسيح

***** *** لا تضطرب قلوبكم.انتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. *** اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل *** لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. *** لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سرّ ان يعطيكم الملكوت. *** وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا.كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا. *** كما احبني الآب كذلك احببتكم انا.اثبتوا في محبتي.*** تعالوا اليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم *** الى الآن لم تطلبوا شيئا باسمي.اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ***اسألوا تعطوا.اطلبوا تجدوا.اقرعوا يفتح لكم. *** هانذا واقف على الباب واقرع.ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي . *****

أتحبني أكثر من هؤلاء ؟



۱٥ فَبَعْدَ مَا تَغَدَّوْا قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُسَ: «يَاسِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلاَءِ؟» قَالَ لَهُ: «نَعَمْ يَارَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ: «ارْعَ خِرَافِي».
۱٦ قَالَ لَهُ أَيْضًا ثَانِيَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟» قَالَ لَهُ: «نَعَمْ يَارَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ: «ارْعَ غَنَمِي».
۱۷ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟» فَحَزِنَ بُطْرُسُ لأَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: «يَارَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ارْعَ غَنَمِي.




أتحبني أكثر من هؤلاء ؟ 



ما الذي حدث وجعل الرب يسوع يوجه هذا السؤال بهذه الصورة الواضحة الصريحة لبطرس (تلميذه ورسوله) أمام باقي التلاميذ ؟ ولماذا ناداه بأسمه القديم (سمعان بن يونا)؟ بعد أن لقبّه سابقا بالاسم الشهير (بطرس) ؟ عندما أجاب (أنت المسيح ابن الله)(متى ١٦: ١٦)  ، (اعتذر مسبقا عن الاطالة ) تعالوا لنرى : 


قبل الصليب، كان المسيح يعلّم تلاميذه أنه سوف يذهب إلى الصليب وأنهم سوف يتركونه ويهربون ، ودار هذا الحوار : 


۳۱ حِينَئِذٍ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ.
۳۲ وَلكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ».
۳۳ فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا».
۳٤ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ».
۳٥ قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!» هكَذَا قَالَ أَيْضًا جَمِيعُ التَّلاَمِيذِ.
( متى ٢٦ : ٣١- ٣٥)

وأضاف البشير لوقا إلى هذا قول المسيح لبطرس ( وأنت متى رجعت ثبت إخوتك) :
۳۱ وَقَالَ الرَّبُّ: «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ!
۳۲ وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ».

( لوقا ٢٢ : ٣١- ٣٢) 




وها نحن بعد القيامة فعلا ، وتحقق كلام الرب يسوع كله ، وقد سبقهم إلى الجليل وها هو يأكل ويشرب معهم ، وبعد أن أكلوا توجه الرب يسوع إلى بطرس وسأله على مسمع من باقي التلاميذ (يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء ؟ )

(إقتباس عن هنري أيرونسايد : قيل لنا أنه عندما جاء هؤلاء التلاميذ من عماوس في مساء يوم الرب الأول، وجدوا التلاميذ مجتمعين، قائلين: "قام الرب حقًا، وظهر لسمعان" (لوقا ٢٤: ٣٤). لا نعلم بالضبط أين حدث هذا الظهور، ولكن كان هناك لقاء سري بين بطرس والرب الذي أنكره. نتيجة لذلك، أنا متأكد من أن روح بطرس قد استُعيدت. لكنك ترى أنه كان هناك فرق بين أن يسترد رجل مثله شخصيًا إلى الرب وشيء آخر يجب تأكيده للخدمة العامة، وبطريقة تتوافق مع ضمائر إخوته. لقد فشل العديد من عباد المسيح وسببوا له ضيقًا شديدًا على نفسه وعلى الآخرين. لقد أعيد، في سر غرفته، إلى الشركة، ولكن فيما يتعلق بالشهادة العلنية مرة أخرى، فإن إخوته لا يملكون الثقة في اعتماده أو تمديد الزمالة له لأنهم لا يعرفون ما حدث في قلبه. تعامل الرب يسوع بهذه الطريقة العلنية مع بطرس لكي يدرك الآخرون أن المسيح كان واثقًا بخادمه وأرسله مرة أخرى في طاعة للكلمة لإطعام الخراف والحملان للقطيع. )

(يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء ؟ )

(إقتباس عن ديفيد كوزيك : تكلم يسوع مباشرة مع بطرس بعدما تغدوا. وكان يسوع قد التقى قبلاً مع بطرس يوم قيامته (لوقا ٣٤:٢٤، كورنثوس الأولى ٥:١٥). لا يسعنا إلا أن نتساءل عن الحديث الذي دار بين يسوع وبطرس في لقاءهم الأول. ومع ذلك، كان لا يزال من المهم بالنسبة ليسوع أن يعيد إيمان بطرس في حضور التلاميذ الآخرين)
بدأ سؤاله باسمه القديم لكي يذكره بطبيعته القديمة ، المتفاخر والمتسرع في الكلام قبل أن يفكر ، (اقتباس : يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا: خاطب يسوع قائد التلاميذ المعروف باسم سِمْعَان، لا بطرس. ولعله أراد أن يذكره برفق بأنه لم يثبت كالصخرة في إخلاصه له كما وعد. “نرى الجدية من طرف يوحنا حينما استخدم الاسم الكامل لسمعان بطرس، وكيف أشار لاحقاً إلى استخدام يسوع لاسم بطرس الكامل، سمعان بن يونا.” موريس (Morris) )

(يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء ؟ )

ثم سأله هل تحبني أكثر من بقية التلاميذ كما كنت تقول سابقا ، وانك كنت مستعدا للذهاب إلى السجن وإلى الموت ؟ وربما دار بذهن بطرس أن التلاميذ كلهم هربوا و اختبئوا ولكنه الوحيد فيهم الذي أنكر المسيح ثلاث مرات بلعن وقسم كما رأينا ،

من الجدير بالذكر أن الكلمة (أتحبني .. أحبك ) في الترجمة العربية جاءت كلمة واحدة ، ولكن الكلمة اليونانية المستخدمة في هذا السؤال عن الحب كانت (أغابي = ἀγαπᾷς ) ورد بطرس كانت كلمة مختلفة ( φιλέω = فيلو)

ومن المعروف أنه في اللغة اليونانية هناك كلمات عديدة تعبر عن أنواع مختلفة من الحب، يهمنا منها الآن ثلاثة نذكر منها

( الأول : ἀγαπάω = أغابي وهو الحب السامي الذي مصدره الله، الحب المعطاء الذي لا ينتظر مقابلا الذي يستطيع أن يطبق محبة الأعداء ، الثاني ، φιλέω = فيلو : وهو المودة والمعزة التي تبادل المودة بين الأصدقاء ، الثالث إيروس : وهو الحب الرومانسي )

الملفت للنظر أن رد بطرس كان مثيرا للانتباه ، فقد استخدم الكلمة الثانية في التعبير عن المودة والمعزة بين الاصدقاء ، وكأن الحوار دار بهذه الصورة ، الرب يسوع يسأل بطرس : أتحبني أكثر من هؤلاء ؟ ، يرد بطرس : نعم يارب ، أنت تعلم أني أعزك كصديق عزيز ومقرب جدا إلىّ .

اقبتاس وترجمة بتصرف عن جون جيل (لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق. بإخلاص، وبدون نفاق، بحماسة وتفضيل؛ من أجل الحقيقة التي يناشد بها المسيح نفسه؛ لأنه كان واعيًا جدًا لنفسه بحقيقة محبته، وصدق محبته، لدرجة أنه اختار أن يجعل المسيح نفسه يحكم عليها، بدلاً من أن يقول المزيد عنها بنفسه؛ مع أنه رفض بكل تواضع أن يقول إنه أحبه أكثر من بقية التلاميذ، لأنه اختبر غروره وثقته بنفسه. كان متأكداً من أنه يحب المسيح من كل قلبه؛ ولكن سواء كان يحبه أكثر من الآخرين، فقد اختار ألا يقول)

(إقتباس عن بنيامين بنكرتن : لا يخفى أن بطرس صرَّح أنهُ مستعدٌ أن يموت لأجل السيد وأنهُ لا ينكرهُ ولو أنكرهُ الجميع فإنهُ ظنَّ نفسهُ أقوى منهم وأكثرهم محبة للرب. فسؤال الرب هذا أثَّر فيهِ وبجوابهِ أظهر أنهُ كان قد إتضع كثيرًا في عيني نفسهِ. قال: نعم يا رب أنت تعلم أني أُحبُّك. كانت فيهِ محبة للرب غير أنهُ لم يكن قد برهنها للآخرين ولكن الرب الفاحص القلوب استطاع أن يعرف أنهُ يحبهُ. )

اقتباس ( يعتقد الكثيرون أن بطرس أصبح الآن أكثر تحفظاً في إعلانه عن ولاءه ليسوع. ولكن بالتأكيد هناك مغزى وراء طرح يسوع نفس السؤال على بطرس مرتين، مستخدماً الكلمة اليونانية القديمة ’محبة‘ وأن يرد بطرس مرتين مستخدماً كلمة مختلفة للمحبة. “إن بطرس يقول ببساطة هنا إن قلبه مفتوح للمسيح، وأن المسيح كان يعرف أنه يحبّه بأفضل طريقة يمكن أن يعرفها إنسان خاطئ مثله.” بويس (Boice)

(اقتباس : أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ أظهر بطرس بهذا الجواب المحبة والتواضع، لأنه صرّح بمحبته دون أن يدّعي زيادتها على محبة سائر إخوته له، واستشهد بعِلم المسيح بذلك. فكأنه قال: نعم، إن عملي يدل على أني لا أحبك، لكنك أنت تعلم ما في قلبي من المحبة لك. وأظهر تواضعه بأمرين: (1) عدم ادعائه زيادة محبته للمسيح على محبة غيره من الرسل له. (2) نوع المحبة التي صرح بها، لأن سؤال المسيح «أتحبني؟» في اليونانية غير جواب بطرس «أحبك» فيها. فالكلمة الأولى تتضمن أعظم المحبة، كمحبة الملائكة والقديسين في السماء لله، فلم يدّع بطرس أن محبته تستحق أن تُحسب كتلك المحبة، وبيّن أنها كمحبة الصديق للصديق. ويحسن بكل مسيحي أن يحسب سؤال المسيح لبطرس سؤالاً له، ويتأمل في قلبه ليرى هل يستطيع أن يطلب شهادة علم المسيح بمحبته؟ - وليم إدي)

وكانت إجابة الرب يسوع لبطرس ( ارع خرافي ) :

(اقتباس : وكان الهدف من ذلك، أن يبرهن بطرس على محبته المزعومة ليسوع عن طريق الاهتمام بخراف وغنم يسوع. وقد أكد يسوع على أنهم كانوا غنمه هو لا غنم بطرس. “الفعل المستخدم هنا له معنى أوسع من مجرد إطعام الغنم، إنه يتكلم إلى دور ومنصب الراعي ككل.” موريس (Morris)

(اقتباس : قال لهُ ارعَ خرافي. لا يخفى أنهُ كان قد فقد حقَّهُ لمنصب الرسالة بواسطة خيانتهِ لأن الشاهد الخائن لا يعتمد على شهادتهِ بعد ولكن الرب عاد هنا وائتمنهُ على خدمتهِ كراعٍ لخرافهِ المحبوبة التي كان قد مات لأجلها. - بنيامين بنكرتن)



(اقتباس : رضى الرب تماماً بإجابة بطرس، كانت إجابة مشبعة لقلبه وكلفه أن يرعى خرافه، وكلمة "يرعى" نجدها في الأصل بمعنى "أطعم"، سبق أن كلفه بأن يصطاد الناس، وها هو يكلفه برعاية الخراف، الأولى تعني التبشير والثانية تعني الإطعام- أي تغذية المؤمنين المولودين روحياً ولادة حديثة باللبن العقلي العديم الغش. وهنا نرى الترتيب الطبيعي للأمور، فالذين يُربحون للمسيح يحتاجون إلى تعليم الحقائق البسيطة في كلمة الله، ويحتاجون أيضاً إلى التعضيد والتشديد. - هلال أمين)

اقتباس وترجمة بتصرف عن جون جيل (الجزء الأصغر والأرق من القطيع، والمؤمنون الضعفاء، وأولاد المسيح الصغار، والأطفال المولودون حديثًا، ويوم الأشياء الصغيرة التي لا تحتقر، والقصبة المرضوضة التي لا تنكسر، والفتيل المدخن الذي لا ينطفيء. ليتم إخماده؛ بل يجب أن يتغذوا ويعزوا ويقويوا بإطعامهم لبن الإنجيل، وإعطائهم الفرائض وثدي التعزية. هؤلاء يهتم بهم المسيح، ولذلك يدعوهم  (خرافي = الكلمة الأصلية اقرب إلى "حملاني") ، وقد أعطاه إياه الآب، واشتراهم بدمه، ولديه اهتمام ومودة تجاههم؛ ولا شيء يعتبره دليلاً أقوى وأوضح ودليلًا على محبته له من إطعام (خرافه أي خراف المسيح نفسه ) هذه والاعتناء بها.)




********

ثم تكرر السؤال للمرة الثانية مع اختلاف بسيط ( يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟) هذه المرة لم يقارن الرب يسوع محبة بطرس بمحبة الأخرين ( أكثر من هؤلاء ؟)  وكما يقول جون جيل ( لقد لاحظ الرب و رأى قلب بطرس، ولاحظ تواضع إجابته، ولم يعد يحثه بهذه الطريقة المقارنة، بل كان يتطلب فقط تكرار محبته الصادقة والقلبية له)


للمرة الثانية السؤال جاء : هل تحبني (أغابي ) والاجابة كانت : نعم أنت تعلم أني أعزك (فيلو)

(إقتباس عن بنيامين بنكرتن : قال لهُ أيضًا ثانيةً: يا سمعان بن يونا أتحبُّني. عاد الرب وسألهُ إن كان يحبُّهُ بدون المقابلة مع الآخرين. قال لهُ: نعم، يا رب أنت تعلم أني أُحبُّك. فجاوب مثل جوابهِ الأول أن الرب استطاع بعملهِ أن يعرف صداقتهُ لهُ مهما كانت الأحوال بحسب ظاهرها. قال لهُ: ارع غنمي. يشير الرب خصوصًا إلى مختاريهِ من إسرائيل ويسميهم خرافهُ وغنمهُ (انظر بطرس الأولى 25:2؛ 1:5-3). لا يخفى عند القارئ أن بطرس صار رسولاً لأهل الختان (انظر غلاطية 7:2، 8) )

اقتباس وترجمة بتصرف عن جون جيل (خراف بيت إسرائيل الضالة وخرافه الأخرى من الأمم (الحظيرة الأخرى) التي أعطاه إياها الآب وقد دفع ثمنها بدمه ويجب أن يدخل إليها. هؤلاء الذين دُعوا، كان سوف يطعمهم بالكلمة والأحكام، بخبز الحياة وماء الحياة، دون أن يتسلط عليهم ولا يجزوا، ناهيك عن القلق والهلاك؛ فكل مظهر من مظاهر الرعاية والحب الذي يُظهر لهؤلاء، يعتبره علامة على المودة والاحترام لنفسه.)


*******

ثم عاد الرب للمرة الثالثة يسأله ، ولكن في هذه المرة استخدم الرب الكلمة التي يستخدمها بطرس ( فيلو )  وكما يقول جون جيل ( حزن بطرس  لأن السؤال للمرة الثالثة يذكره بأنه أنكر ربه ثلاث مرات؛ مما جرحه ذكره في قلبه وزاد من حزنه أن حبه، الذي كان يعلم أنه غير مزيف، على الرغم من سلوكه، يبدو الآن وبسبب السؤال للمرة الثالثة أنه صار موضع شك)

(إقتباس عن هنري أيرونسايد : فقال له يسوع ثالثة "يا سمعان بن يونا أتحبني". (الآية ١٧ أ). يستخدم الآن المصطلح الأقل: "هل تحبني؟" حزن بطرس لأن يسوع سأله للمرة الثالثة. كم مرة أنكره بطرس؟ لهذا سأله الرب ثلاث مرات. انهار بطرس وقال: "يَارَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ” (آية ١٧ ب). ("أنت تعلم أني أحبك"). وكأنه كان يقول: "يا رب، أنا لا أستحق ثقتك. أنت تعرف كل شيء عني. أنت تعرف أني، وعلى الرغم من فشلي وإنكاري لك، ما زلت أحبك". وقال يسوع "ارْعَ غَنَمِي". لذلك أُعيد بطرس علنًا إلى عمله الخاص كرسول.)



(إقتباس عن هلال أمين : يتكلم الرب مع بطرس لثالث مرة وهنا وصل المجس إلى الجذر وكانت هذه ثالث مرة للرب وهو يسأل بطرس، وفيها يقول الرب لبطرس "أتعزني" وليس "أتحبني" كما ذكر في المرة الأولى والثانية وحزن بطرس لأن مستوى محبته الضعيف- الذي يعني المعزة والمودة أصبح مكشوفاً أمام الرب، وقال للرب "أنت تعلم كل شيء" وكأنه يقول للرب أن محبتي لك ضعيفة وضعفت جداً لدرجة أن لا أحد يستطيع أن يراها أو يلمسها إلا أنت العليم بكل شيء. "أنت تعلم أني أعزك" قال له الرب يسوع "ارع غنمي")

(إقتباس عن بنيامين بنكرتن : قال لهُ ثالثةً: يا سمعان بن يونا أتحبُّني. فبالمرة الثالثة الرب يستعمل لفظة صداقة التي كان بطرس استعملها وكأنهُ قال لهُ: هل عندك صداقة لي يعني أليس فيك إلاَّ الصداقة لي فقط؟ فحزن بطرس لأنهُ قال لهُ ثالثةً: أتحبني. فقال لهُ: يا ربُّ أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف أني أُحبك. أو بحسب الأصل أن عندي الصداقة لك. أصاب السهم غرضهُ تمامًا إذ كلام الرب بلغ أعماق قلب بطرس فحزن لأنهُ شعر بأن الرب يفحصهُ ولكنهُ ثبت على إقرارهِ أنهُ لا توجد فيهِ المحبة الكاملة بل الصداقة المخلصة فقط غير أنهُ ليس أحد يقدر أن يعرف ذلك إلاَّ الرب وحدهُ الذي عِلمهُ يحيط بكل شيء. قال لهُ يسوع: ارع غنمي. نرى حكمة الرب ولطفهُ فإنهُ لم يترك عبدهُ إلى أنهُ فحصهُ تمامًا وأقنعهُ بضعفهِ وعدم استحقاقهِ لشيء ثم ائتمنهُ على أثمن خدمة. ولا يخفى عند الذين قد اختبروا نعمة الله ومعاملات الرب معهم استعدادًا لممارسة خدمتهِ أننا لا ننفع في خدمتهِ حتى من بعد ما فُحصت قلوبنا في نور الله وعرفنا حقيقة حالتنا أننا لا نقدر أن نصنع شيئًا صالحًا إلاَّ بمعونتهِ. ما دمنا نثق في أنفسنا تكون خدمتنا بالغيرة الجسدية فلا يمكن للرب أن يصادق عليها لأن قوتهُ إنما تحلُّ في الآنية الضعيفة. ونرى أيضًا كيف يعمل الرب في ردّ النفوس بعد السقوط بحيث أنهُ يتقدم تدريجًا ويُفكّرنا بزلَّتنا ومصدرها أيضًا ولا يتركنا إلى أنهُ يذلُّنا أمامهُ ويجعلنا نعرف حالتنا)

(إقتباس عن هنري أيرونسايد : يقول البعض: "أتساءل إن كنت قد ارتكبت الذنب الذي لا يغتفر؟ لا يمكنني الحصول على شهادة الروح بعد الآن. لقد صليت وصليت لكني لم أحصل على السلام". تنسى هذه النفوس أن الشهادة هي شهادة الكتاب المقدس وأن كلمة الله قد أخبرتنا أنه "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (١ يوحنا ١: ٩). هذه هي شهادة الروح المعطاة من خلال كلمة الله. بغض النظر عمن هو الخاطئ، عندما يأتي إلى الله معترفًا بفشله، ويقر به ويفكر به، فإنه سيكون متأكدًا تمامًا من أن الله لن يتراجع أبدًا عن إعلانه بأن الخطيئة قد زالت، وأن المؤمن الفاشل الذي اعترف به قد تطهر من كل إثم، واسترجع تلك الشركة. يا لسعادة الشخص الذي دخل في ذلك بالإيمان ويستمر في التمتع بالشركة مع مخلصه.)

إقتباس وترجمة بتصرف عن جون جيل (ويمكن ملاحظة من تكرار هذه العبارة بعد إعلان بطرس عن حبه للمسيح، أن هؤلاء وحدهم هم الأشخاص المناسبين لإطعام حملان المسيح وخرافه، الذين يحبونه حقًا وإخلاصًا: بفعلهم هذا يظهرون محبتهم له: ومن يهتم بهذه الخدمة إلا هكذا؟ ، هناك من يأخذ على عاتقهم هذا العمل ويتظاهرون بالقيام به، وهم لا يحبون المسيح؛ ولكنهم هم الذين يطعمون أنفسهم وليس القطيع. والذين يطعمون ماعز العالم، وليس حملان المسيح وأغنامه، وفي وقت الخطر يتركون القطيع؛ فقط محبو المسيح الحقيقيون يؤدون هذه الخدمة بأمانة، ويثبتون فيها، بالكرازة بإنجيل المسيح النقي، وإدارة فرائضه، على الوجه الصحيح، وتوجيه النفوس في الكل إلى المسيح المن السماوي وخبز الحياة. . يعتقد الدكتور لايتفوت أن التكرار الثلاثي لأمر إطعام حملان المسيح وأغنامه يعني الهدف الثلاثي لخدمة بطرس؛ اليهود في أرضهم والأمم وبني إسرائيل العشرة الأسباط الذين في بابل.) 



*******

(إقتباس عن وليم إدي : ارْعَ خِرَافِي أشار بذلك أنه أوكل إليه ثانية الخدمة الرسولية. وحين دعاه أولاً لأن يكون رسولاً شبَّه خدمته بالصيد إذ قال له «مِنَ الآنَ تَكُونُ تَصْطَادُ النَّاس» (لوقا 5: 10). وشبهها هنا بالرعاية. والتشبيه الأول يشير إلى إدخال الناس في الكنيسة، والثاني يشير إلى تعليمهم كلمة الله لتقويتهم ونموهم. و خراف المسيح التي أمر بطرس برعايتها هم تلاميذه أي المؤمنون به. ولا نعرف بالضبط ما أراده المسيح بتسميته بعض التلاميذ «خرافاً» وبعضهم «غنماً» (ع 16)، فقال البعض أنه قصد «بالخراف» الأحداث والضعفاء و «بالغنم» البالغين والأقوياء. وما أمره به هنا يوافق ما أمره به قبل سقوطه بقوله «وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ» (لوقا 22: 32). وعلينا أن نلاحظ هنا أن المسيح لم يسمِّ كنيسته الخراف، ولا خراف بطرس بل «خرافي» (خراف المسيح) لأنها له، وهو الراعي الحقيقي العظيم، وغيره من خدام الدين وكلاؤه. وأن في قوله «ارع» بيان لمسؤولية الرعاة، فهُم لا يترأسون على الكنيسة، ولا يقصدون الربح من رعايتها، بل أن يغذوها بكلمة الحياة. وأن المسيح لم يوكل إلى بطرس رعاية شعبه إلا بعد ما فحص عن محبته، كأن تلك الفضيلة صفة ضرورية للراعي. وأن المسيح يحب خرافه، ولا يكلف أحداً برعايتها إلا إن كان يحبه فيعتني بخراف المسيح بالأمانة. وأن المسيح جعل خدمة بطرس للخراف برهاناً على محبته له، ويتوقع منه تلك العلامة في المستقبل. فالمحبة بالكلام دون العمل لا تستحق أن تُسمى محبة. رغب بطرس في الماضي أن يُظهر محبته للمسيح بأعمال غريبة كمشيه على الماء ليلاقيه، وبما يشبه التواضع مثل رفضه أن يغسل يسوع رجليه، وبافتخاره بثبوته وقت الخطر، وبسلِّ سيفه للمحاماة عن المسيح. ولم يسأله المسيح عن ذلك، بل سأله أن يُظهر محبته له بخدمته لشعبه.)



*********

(شكرا لتفسير الأساتذة : ديفيد كوزيك ، وليم ماكدونالد ، وليم إدي ، بنيامين بنكرتن ، هنري أيرونسايد ، هلال أمين ، جون جيل)

مقــالات ســابقــة