لا تجاوب الجاهل .. جاوب الجاهل ،
(الأمثال 26: 4 و 5)
هل هذا تناقض ؟
٤ لاَ تُجَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ تَعْدِلَهُ أَنْتَ.
٥ جَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ يَكُونَ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ.
(الأمثال 26: 4 و 5 )
السؤال : هل هذا تناقض ؟
الإجابة : ظاهريا وسطحيا هناك تناقض ولكن القراءة بتمعن وفحص تؤكد انه ليس هناك تناقض ولكن تناغم وتوضيح عن كيفية الرد على الجاهل ومتى يكون الرد ومتى يكون الصمت ، كيف ؟ هذا ما سوف أوضحه وسأحاول باختصار .
او كما كتب (وليم ماكدونالد ) : " يبدو ثمة تناقض ظاهري بين هاتين الآيتين. فالأولى تقول أن لا تجاوب الأحمق، والثانية تقول أن تجاوبه. فما هو التفسير؟ إن الجزء الأخير من كل آية يحمل المفتاح. لا تجاوب الأحمق بالطريقة التي تجعل منك أحمقًا وأنت تفعل ذلك. فلا تفقد أعصابك، أو تتصرف بوقاحة، أو تتكلَّم بغير تبصر أو تروي. أما جاوب الأحمق. أي لا تدعه وحماقته طليقان معًا. وبّخه وانتهره كما يليق بحماقته، فلا يكون حكيمًا في عيني نفسه."
(ديفيد كوزيك ) جمع بعض الاقتباسات لشرح هذه الاعداد نلخصها فيما يلي :
لَا تُجَاوِبِ ٱلْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ: عندما يسكب أحمق حماقته، فغالبًا ما يكون الصواب هو أن لا نرد عليه. ففي بعض الأحيان، فإن مواجهتنا له حسب طريقته تجعلنا حمقى مثله. لَا تُجَاوِبِ ٱلْجَاهِلَ: “عندما يكون غير قابل للإصلاح، أو عندما يكون ملتهبًا بانفعالات قوية أو بالخمر، أو عندما لا يكون الأمر ضروريًّا، أو عندما يحتمل أن هذا لن يفيده.” بولي (Poole) “
لا ينبغي للمرء أن ينزل إلى مستوى تفكيره. فمن شأن الدخول في جدال مع أحمق أن يجعل المرء يبدو وكأنه أحمق أيضًا.” روس (Ross)
وفي المقابل
جَاوِبِ ٱلْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ: في أحيان أخرى، فإن من الصواب أن تجاوب الأحمق. فمن الصواب أحيانًا أن تكشف حماقته وتمنعه من أن يكون حكيمًا في عينيه. جَاوِبِ ٱلْجَاهِلَ: “عندما يكون قادرًا على نوال خير بجوابك، أو عندما يكون هذا لمجد الله، أو لدى القيام بواجبك، أو من أجل الآخرين.” بولي (Poole) “يقلب الجواب المنسجم مع حكمة الرب هذا الأحمق رأسًا على عقب. وهكذا يكون الجواب لائقًا.” والتكي (Waltke)
أولئك الذين يعتقدون أن أمثال 26: 4 يناقض 26: 5 لا يعرفون طبيعة الحكمة العملية في الحياة. “يُجمع المثلان معًا لإظهار أن المشكلات البشرية غالبًا ما تُعَقَّد، ولا يمكن حلّها دائمًا بالاحتكام إلى قاعدة واحدة.” روس (Ross) “
يا لروعة الحكمة التي تحكم اللسان وتكتشف الوقت الملائم للكلام والوقت الملائم لالتزام الصمت. كم كان نموذج سيدنا العظيم منوِّرًا. كان صمته وأجوبته جديرًا به على نفس المستوى. أوصل الأول توبيخًا جليلًا، وتسبب الثاني في ارتباكٍ لأعدائه المُخاصمين.” بريدجز (Bridges)
الكلام بمعنى آخر :
أن ترد على الجاهل أو لا ترد عليه يعتمد على نوعية الجاهل ( وهنا نحن لا نشتم ولا نسب ولكن نصف ) شخص ما جاء ليناقش موضوعا ما في الكتاب المقدس ، فإذا كان جاهلا ولكنه جاد في معرفة الحق ويريد فعلا ان يفهم ، يمكنك أن تجاوبه طبعا ، بل أنت مطلوب أن تجاوبه بكل حكمة وكلام مصلح بملح كما يقول الكتاب:
( لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ.)( كولوسي 4: 6) ، وأيضا ( مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ،) بطرس الاولى 3: 15)
المهم ان يكون الرد لشخص يستخدم عقله او محايد ( جاهل يريد المعرفة بحق ) على ان يتم تجاهل الشخص الآخر (جاهل منه فيه ) لا يريد المعرفة ولكن فقط ينقل ما لم يقرأه ومتعصب لا يستعمل عقله ولكن يستخدم لسانه في الشتم والسب ، ولهذا يجب ان يكون الرد دائما بطريقة حكيمة لا تجعلنا على قدم المساواة معه ، او كما قال الرب يسوع ( لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.) متى 7: 6 ، أو كما أوصى تلاميذه ورسله في ارسالية بحسب مرقس 6: 11
۱۱ وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمْ، فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ».)
أتمنى وأصلي ان يكون الرد مفهوما ومفيدا للبعض في الرد على الشكوك والانتقاد للكتاب المقدس ، الرب مع جميعكم.