من اقوال الرب يسوع المسيح

***** *** لا تضطرب قلوبكم.انتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. *** اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل *** لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. *** لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سرّ ان يعطيكم الملكوت. *** وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا.كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا. *** كما احبني الآب كذلك احببتكم انا.اثبتوا في محبتي.*** تعالوا اليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم *** الى الآن لم تطلبوا شيئا باسمي.اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ***اسألوا تعطوا.اطلبوا تجدوا.اقرعوا يفتح لكم. *** هانذا واقف على الباب واقرع.ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي . *****

بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي

وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا.
كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا.

بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعضا لبعض
(يوحنا 13: 34-35)
**********




هل يمكن أن تتحقق وحدة الكنيسة؟

قبل ان تطالب الكنيسة في مصر الحكومة او الشعب المصري ان ينظر الينا في اطار المواطنة المصرية الواحدة، اعتقد انه من واجب الكنيسة ان تلم شتاتها على اختلاف طوائفها وتعلن اتحادها في اسم المسيح، كما اراد لها الله.

هل من الممكن ان تكون الكنيسة الموحدة في مصر شاهد ودليل على ارسالية السيد المسيح الى العالم؟ ألم يقل يسوع في صلاته الشفاعية الاخيرة (20 ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. 21 ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. 22 وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحد كما اننا نحن واحد.23 انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني) (يوحنا 17: 20-23) ، فهل فعلا تستطيع الكنيسة ان تشهد للعالم ان الله قد ارسل مسيحه الرب يسوع المسيح لخلاص العالم، هل تشهد الكنيسة بوحدتها ؟


اسمحوا لي ان اطرح رؤيتي الخاصة لهذا الموضوع، بعد قراءة الكتاب المقدس استطيع ان اقول بحسب فهمي ان وحدة الكنيسة ممكنة اذا تحققت بعض الشروط البسيطة والسهلة، ولهذا سوف اضع اجابتي بحسب ما قرأته في الكتاب المقدس في شكل نقاط سريعة.

اولا: حتمية الوحدة.
قال الرب يسوع المسيح، انه يبني كنيسته اي انها كنيسة المسيح وليست كنيسة طائفة ولا مجموعة، ولا يزعم احد ان كنيسته او طائفته هي التي قصدها المسيح في كلامه، فالكنيسة بهذا المعنى اشمل واعم وتضم الكنيسة على اتساع الجغرافيا والتاريخ، اي انها كنيسة الله في اي مكان بالعالم، وتضم الكنيسة المجاهدة والمنتصرة، اي الاحياء الذين لا زالوا يجاهدون في العالم والاموات اي الذين اتموا جهادهم وانتقلوا الى العالم الآخر.

(وانا اقول لك ايضا انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها.) (متى 16: 18)
 
قال رئيس الكهنة قبل صلب المسيح في نبؤة واضحة عن عمل المسيح في  الفداء بموت الصليب:  (ان يسوع مزمع ان يموت عن الامة.52 وليس عن الامة فقط بل ليجمع ابناء الله المتفرقين الى واحد) (يوحنا 11: 51-52)

وهذا نفس المفهوم الذي اخبر به الرسل والتلاميذ في خدمته الكرازية:
(احب المسيح ايضا الكنيسة واسلم نفسه لاجلها 26 لكي يقدسها مطهرا اياها بغسل الماء بالكلمة 27 لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن او شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب.) (افسس 5: 26-27)

وقد كانت صلاة المسيح الاخيرة والشفاعية يطلب فيها من الآب وحدة المؤمنين به، و كذلك وحدتهم فيما بينهم وبين بعضهم البعض:
(ولست انا بعد في العالم واما هؤلاء فهم في العالم وانا اتي اليك. ايها الاب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن.)
(يوحنا 17: 11)
(
20 ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. 21 ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. 22 وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحد كما اننا نحن واحد. 23 انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني) (يوحنا 17: 20-23)

هذه الوحدة التي كان يطلبها السيد المسيح لا تعني تطابق الخدمة او طريقة العبادة، بل تعني قبول التنوع في الجسد المسيحي الواحد. 
(4 جسد واحد وروح واحد كما دعيتم ايضا في رجاء دعوتكم الواحد.5 رب واحد ايمان واحد معمودية واحدة 6 اله واب واحد للكل الذي على الكل وبالكل وفي كلكم. 7 ولكن لكل واحد منا اعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح.) (افسس 4: 4-7)


لقد كانت بداية ونشأة الكنيسة في عصر الرسل بحسب تسجيل سفر الاعمال، تشهد هذه الوحدة مع التنوع والاختلاف، فقد كانت كنيسة واحدة تجمع اليهود والامم، مع اختلاف خلفياتهم وثقافاتهم وتعليمهم الديني السابق، ومع هذا فقد حافظت على خصوصية اليهود كما حافظت على خصوصية الامم، وقد اقر الرسل والتلاميذ بموافقة وارشاد الروح القدس على ان الامم من حقهم ان ينضموا الى جسد المسيح الواحد بدون ان يصبحوا يهودا اولا فيختتنوا ويحفظوا بعض عادات الناموس الموسوي، وهذا نقرأه بالتفصيل في  (اعمال الرسل 12: 22- 29)

( اذ قد سمعنا ان اناسا خارجين من عندنا ازعجوكم باقوال مقلبين انفسكم وقائلين ان تختتنوا وتحفظوا الناموس الذين نحن لم نامرهم.**** لانه قد راى الروح القدس ونحن ان لا نضع عليكم ثقلا اكثر غير هذه الاشياء الواجبة 29 ان تمتنعوا عما ذبح للاصنام وعن الدم والمخنوق والزنى التي ان حفظتم انفسكم منها فنعما تفعلون.كونوا معافين)، وفي رسائل بولس الرسول كان يكتب الى الكنيسة الواحدة التي تضم كلا من اليهود والامم انهم اصبحوا جسدا واحدا، بالرغم من اختلافهم سواء في الشكل او في ممارسة بعض شعائر العبادة، فكتب يقول: 

( ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء.12 لانه كما ان الجسد هو واحد وله اعضاء كثيرة وكل اعضاء الجسد الواحد اذا كانت كثيرة هي جسد واحد كذلك المسيح ايضا. 13 لاننا جميعنا بروح واحد ايضا اعتمدنا الى جسد واحد يهودا كنا ام يونانيين عبيدا ام احرارا وجميعنا سقينا روحا واحدا. 14 فان الجسد ايضا ليس عضوا واحدا بل اعضاء كثيرة. 15 ان قالت الرجل لاني لست يدا لست من الجسد.افلم تكن لذلكمن الجسد. 16 وان قالت الاذن لاني لست عينا لست من الجسد.افلم تكن لذلك من الجسد. 17 لو كان كل الجسد عينا فاين السمع.لو كان الكل سمعا فاين الشم. 18 واما الان فقد وضع الله الاعضاء كل واحد منها في الجسد كما اراد. 19 ولكن لو كان جميعها عضوا واحدا اين الجسد. 20 فالان اعضاء كثيرة ولكن جسد واحد. 21 لا تقدر العين ان تقول لليد لا حاجة لي اليك.او الراس ايضا للرجلين لا حاجة لي اليكما. 22 بل بالاولى اعضاء الجسد التي تظهر اضعف هي ضرورية. 23 واعضاء الجسد التي نحسب انها بلا كرامة نعطيها كرامة افضل.والاعضاء القبيحة فينا لها جمال افضل. 24 واما الجميلة فينا فليس لها احتياج.لكن الله مزج الجسد معطيا الناقص كرامة افضل 25 لكي لا يكون انشقاق في الجسد بل تهتم الاعضاء اهتماما واحدا بعضها لبعض. 26 فان كان عضو واحد يتالم فجميع الاعضاء تتالم معه.وان كان عضو واحد يكرم فجميع الاعضاء تفرح معه. 27 واما انتم فجسد المسيح واعضاؤه افرادا.)


والان قد يتبادر الى الذهن السؤال التالي: اذا كانت وحدة الكنيسة هي حتمية كما قال المسيح، وقد مارستها بالفعل الكنيسة الاولى في عصر الرسل وفي بعض العصور اللاحقة، فما الذي حدث وجعل الكنيسة الان على الحال الذي نراه من طوائف؟ وهذا ينقلنا الى الجزء الثاني، فكما ان الوحدة هي حتمية، فان معوقات الوحدة التي يقودها عدو الخير هو ايضا شيئا حقيقيا ولا يجب ان نغفل عنه ولا ان نتجاهله.

ثانيا: عراقيل الوحدة

حذرنا السيد المسيح في امثاله ان عدو الخير لن يقف صامتا، ولكنه سيحاول ان يتدخل للفرقة والتشتيت:
(
24 قدم لهم مثلا اخر قائلا.يشبه ملكوت السموات انسانا زرع زرعا جيدا في حقله. 25 وفيما الناس نيام جاء عدوه وزرع زوانا في وسط الحنطة ومضى. 26 فلما طلع النبات وصنع ثمرا حينئذ ظهر الزوان ايضا. 27 فجاء عبيد رب البيت وقالوا له يا سيد اليس زرعا جيدا زرعت في حقلك.فمن اين له زوان. 28 فقال لهم.انسان عدو فعل هذا.فقال له العبيد اتريد ان نذهب ونجمعه.29 فقال لا.لئلا تقلعوا الحنطة مع الزوان وانتم تجمعونه. 30 دعوهما ينميان كلاهما معا الى الحصاد.وفي وقت الحصاد اقول للحصادين اجمعوا اولا الزوان واحزموه حزما ليحرق.واما الحنطة فاجمعوها الى مخزني) (متى13 : 24-30)

وهذا ما فهمه وعلّمه ايضا تلاميذ ورسل المسيح، بل وقاوموه بشده في العصر الرسولي والكنيسة الاولى، فكتب الرسول بولس يحذر من ان ينادي احدا بأن ايمانه استلمه او اتخذه من "اسم" حتى ولو كان "اسما رسوليا":
(10 ولكنني اطلب اليكم ايها الاخوة باسم ربنا يسوع المسيح ان تقولوا جميعكم قولا واحدا ولا يكون بينكم انشقاقات بل كونوا كاملين في فكر واحد وراي واحد. 11 لاني اخبرت عنكم يا اخوتي من اهل خلوي ان بينكم خصومات.12 فانا اعني هذا ان كل واحد منكم يقول انا لبولس وانا لابلوس وانا لصفا وانا للمسيح. 13 هل انقسم المسيح.العل بولس صلب لاجلكم.ام باسم بولس اعتمدتم. ) (كورنثوس الاولى 1: 10-13)

وقد استدعى الرسول بولس القساوسة الذين اختارهم بنفسه بعد تدقيق وتمحيص وحذرهم فيما يشبه الوصية الوداعية قائلا:
(17 ومن ميليتس ارسل -بولس- الى افسس واستدعى قسوس الكنيسة. 18 فلما جاءوا اليه قال لهم .. ******  29 لاني اعلم هذا انه بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية. 30 ومنكم انتم سيقوم رجال يتكلمون بامور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم.) (اعمال الرسل 20: 17-30)

اذا رأينا ان الوحدة هي طلبة وهدف المسيح لكنيسته، ورأينا ايضا عمل الشيطان في محاولة افساد هذا العمل، فما هو الطريق الى تحقيق الوحدة اذا؟

ثالثا: الطريق الى الوحدة
مما سبق يتضح ما هي عوائق ومصاعب الوحدة، ومنها ايضا يتضح الطريق الى الوحدة، وهو في انكار الذات للخدام والمسئولين عن الكنيسة، وعدم الانتساب الى "رسول معين" دون "رسول آخر"، او "قديس" دون آخر او "معلم دون آخر"  فيجب ان ننتسب كلنا الى المسيح، وخدمة الرسل كلهم كانت تقود الى بناء "كنيسة المسيح" التي وعد بها، فاذا رأينا ان التقسيم الى الايمان المستلم من "رسول معين" يختلف عن الايمان السمتلم من "رسول آخر" فلا بد ان يكون هناك خطأ اما في الاستلام او التسليم او طريقة النقل عبر العصور،  ايضا يجب عدم جذب التلاميذ والمؤمنين خلفهم بصورة شخصية مهما كانت اختلافات الرؤية والتفسير لبعض المفاهيم الكتابية، فهي في الغالب اختلافات على تفصيلات وجزئيات غير هامة في الخلاص المسيحي.

استطيع ان اقول بضمير صالح ومطمئن، ان الانقسامات التي حدثت بين الطوائف المسيحية هي بناء على "تفسيرات" خاصة للبعض، ولكن ليس لاختلاف "النص المستلم" او "تعليم الرسل"، فكل الاختلافات هي لاهوتية عقائدية في امور تحاول الغوص والدخول الى قدس اقداس الله ومحاولة الوصول الى اسرار قد اختصها الله لذاته ولم يعلنها لنا في الكتاب المقدس، وفي محاولة البعض الى الوصول الى هذه المنطقة فانه يقوم بتفسير او اجتهاد وتحليل خاص به، يحاول ان يلزم به الاطراف الاخرى، وان اختلفت معه اتهمها بالهرطقة او بالتعليم الفاسد!! 

يجب ان نعترف ان هناك هرطقات وتعاليم خاطئة، ولكن يجب ان نضع التعريفات الصحيحة لما هو هرطقة ويختلف عن تعليم الكتاب المقدس الواضح، اما اختلاف الاراء فليس هرطقة، ولا يمكن ان نتهم من يختلف في رؤيتي انه مهرطق،  اختلافنا كطوائف ليس هرطقة بل على العكس ان كلمة "طوائف" مشتقة من "طائفة -او- طيف" وكلنا نعلم ان نور الشمس الذي ينير عالمنا للرؤية والبهجة يتكون من "7 الوان الطيف" هذه الالوان او الطوائف تعمل معا منسجمة لكي تعطينا النور للرؤية والادراك الصحيح، كما قال المسيح  (انتم نور العالم) (متى 5: 14) ولهذا فان الكتاب المقدس يصور المؤمنين في اختلاف وظائفهم واطيافهم لعمل واحد مثل الجسد الذي يختلف في اعضائه ولكنه يكون الجسد الواحد الذي له رأس واحد هو الرب يسوع المسيح، ( لانه كما ان الجسد هو واحد وله اعضاء كثيرة وكل اعضاء الجسد الواحد اذا كانت كثيرة هي جسد واحد كذلك المسيح ايضا. ) (كورنثوس الاولي 12: 12) ويصور ايضا الكنيسة كالبناء والمؤمنين هم قطع البناء وله اساس واحد هو الرب يسوع المسيح (20 مبنيين على اساس الرسل والانبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية 21 الذي فيه كل البناء مركبا معا ينمو هيكلا مقدسا في الرب. 22 الذي فيه انتم ايضا مبنيون معا مسكنا لله في الروح) (افسس 2: 20-22)
اصلي ان يفتح الرب عيوننا على وحدة الكنيسة ونرى اننا كطوائف ومسيحيين مختلفين ومتميزين وبهذا نمتاز ونكون جسد المسيح الواحد، بناء كنيسة الله، ونكون باطيافنا نور للعالم كما اراد لنا ربنا ومخلصنا الصالح يسوع المسيح، وان يكون نظرنا دائما على الرأس الذي هوالمسيح، ودعوتنا الى المخلص والفادي وليس الى طائفة او مجموعة.
**********
موضوعات ذات صلة:
ماذا يحدث في مصر الان 
ما لابد ان يكون عن قريب

يا يسوع يا معلم اما يهمك اننا نهلك ؟

كلنا سمعنا وقرأنا وشاهدنا الاحداث الحزينة الدموية الاخيرة التي لحقت بجماعة من المؤمنين المسيحيين في قداس الصلاة للاحتفال باستقبال العام الجديد،  لم يكن هذا هو الحدث الاول من نوعه في الاعتداءات التي تقع على المسيحيين بالقتل والتدمير وللاسف لن تكون الاخيرة، وربما كثيرا مننا قد تبادر الى ذهنه اسئلة او صلوات في صيغة اسئلة الى الله، مثل: 
 
يا يسوع يا معلّم اما يهمك اننا نهلك


في مسيرة حياتنا بحلوها ومرها كثيرا ما يلتفت الى الله اولاده المؤمنين في حيرة عندما تشتد علينا التجارب او المحّن او الصعاب ولسبب ما نشعر اننا وحدنا في وسط كل هذه الاحداث متروكين ومهملين فنصرخ ونسأل سؤالنا في حيرة؟ يا يسوع، الا ترى ما يحدث لنا؟ الا ترى اننا نهلك ونموت؟ يا الله  لقد طلبت منّا وقت الضيق والشدة ان لا نهتم بمتطلبات الحياة اليومية من الملبس والمأكل ووعدت انك تهتم بها (متى 6: 25-35) ، ولكن في ظروف اخرى اشد قسوة لماذا نشعر اننا متروكين برغم وعدك  الا يهمك اننا نهلك؟ لقد كان هذا نفس سؤال التلاميذ للرب يسوع في محنة العاصفة التي هددت السفينة التي كان يركبها التلاميذ، ونقرأ القصة كما كتبها البشير مرقس:

(35 وقال لهم في ذلك اليوم لما كان المساء.لنجتز الى العبر. 36 فصرفوا الجمع واخذوه كما كان في السفينة. وكانت معه ايضا سفن اخرى صغيرة. 37 فحدث نوء ريح عظيم فكانت الامواج تضرب الى السفينة حتى صارت تمتلئ.38 وكان هو في المؤخر على وسادة نائما. فايقظوه وقالوا له يا معلم اما يهمك اننا نهلك. 39 فقام وانتهر الريح وقال للبحر اسكت. ابكم. فسكنت الريح وصار هدوء عظيم. 40 وقال لهم ما بالكم خائفين هكذا. كيف لا ايمان لكم. 41 فخافوا خوفا عظيما وقالوا بعضهم لبعض من هو هذا. فان الريح ايضا والبحر يطيعانه) (مرقس 4: 35-41) 
واقرا ايضا (متى 8: 23-27)، وايضا (لوقا 8: 22-25)
 

لقد كان سؤال التلاميذ الى الرب (يا معلم اما يهمك اننا نهلك)؟ فكانت اجابة الرب يسوع هي ايضا سؤال موجه الى التلاميذ (مابالكم خائفين هكذا. كيف لا ايمان لكم)؟ وكأن السيد الرب يستغرب من انهم خائفين برغم وجوده في السفينة معهم، ولكن هل كان بالفعل هذا ضمانا كافيا؟ من الواضح انه لم يكن كافيا على الاقل بالنسبة للتلاميذ في ذلك الوقت، ولكن بعد ان أمر السيد المسيح البحر والريح العاصفة ان تسكت وتهدأ وحدثت المعجزة، تغير سؤال التلاميذ الى (من هو هذا. فان الريح ايضا والبحر يطيعانه)؟ 
فما هو الايمان الذي كان الرب يتسائل عن وجوده في حياة التلاميذ؟ هل هو الايمان والاطمئنان بالانقاذ ذاته، ام الايمان والاطمئنان الى وجود الرب معهم خلال العاصفة؟ حتى وان ظهر لهم انه (نائما)؟ هل الايمان يجعلنا لا نموت او لانخاف الموت؟

ألم تكن صرخة داود النبي في بعض مزاميره انه شعر انه متروك لدرجة انه اعتقد ان الله (نائما) فصرخ يستيقظه من النوم ؟
(22 لاننا من اجلك نمات اليوم كله. قد حسبنا مثل غنم للذبح 23 استيقظ. لماذا تتغافى يا رب.انتبه.لا ترفض الى الابد. 24 لماذا تحجب وجهك وتنسى مذلتنا وضيقنا. 25 لان انفسنا منحنية الى التراب.لصقت في الارض بطوننا. 26 قم عونا لنا وافدنا من اجل رحمتك) (مزمور 44: 22-26)

يا معلّم أما يهمك اننا نهلك ؟

عندما يموت البريء، عندما يموت اولاد الله، سواء بالقتل على ايدي اعداء المحبة والسلام، اعداء الرب يسوع وكارهي صليب المسيح، او حتى بالكوارث الطبيعية التي يسمح بها الله في اماكن وزلازل وبراكين واوبئة، ماذنب هؤلاء يارب، اما يهمك اننا نهلك؟ هذا هو سؤالنا، ولكن ما هو جوابك يارب؟ 

يقول المسيح، على العكس تماما لقد اتيت لكي لا يهلك كل من يتعلق بيّ بالايمان (14 وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان15 لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. 16 لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.) (يوحنا 3: 14- 16)

ولكن  مهلا، الا يموت المؤمنين بالرب المسيح وموته الفدائي على الصليب؟ فيكف يقول اذا اننا لانهلك؟

يقول الكتاب المقدس ان الموت نوعان: الموت الاول والموت الثاني، الموت الاول انفصال الروح الانسانية عن الجسد، وهذا ليس عقوبة في حد ذاته، بل قانون يجتاز على الجميع سواء مؤمنين او غير مؤمنين (وكما وضع للناس ان يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة) (عبراننين 9: 27)، وفي هذا النوع فليس نجاة او هلاك، وهو ليس عقوبة او مكافأة في حد ذاته، فقد ذكر الكتاب المقدس نفسه عن سحابة الشهود من المؤمنين في سفر العبرانيين فذكر يقول عن بعضهم (الذين بالايمان ... نجوا من حد السيف ... وآخرون ... ماتوا قتلا السيف)  (عبرانيين 11: 32-41) فما هو الفارق بين الذين نجوا من الموت بالسيف وبين الذين ماتوا قتلا بالسيف وكلاهما من نفس الفريق المؤمن الذي يتحدث عنهم الكتاب؟ 

هل كان لعازر الذي اقامه الرب يسوع المسيح اكرم واعظم من يوحنا المعمدان الذي قطعوا رأسه بالسيف مكافأة على رقصة عاهرة امام ملك سكران؟ ألم يمت لعازر مرة اخرى بعد ان اقامه الرب يسوع ؟ ألم ينجح الملك هيردوس في ان يقبض على يعقوب احد الثلاثة المقربين من يسوع في خدمته (يعقوب وبطرس ويوحنا) ثم يقطع رقبته بالسيف (اعمال 12: 1-2)، ولما وجد ان هذا يرضي الجماهير الثائرة قبض على بطرس فانقذه الرب بمعجزة، فهل عجز الرب عن فعل نفس المعجزة مع يعقوب ايضا؟ ام ان ترتيب الله ومشيئته تتم سواء في النجاة او الموت الجسدي؟ وكلاهما في يده وتحت سلطانه وباوقاته المباركة والصالحة؟ 

اليس هذا الكلام نفسه الذي قاله الرب يسوع ليطمئننا لكي لا نخاف؟  قائلا : (ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم.) (متى 10: 28)، فما هو الفارق بين موت الجسد وموت النفس؟

ان نظرتنا ومسمياتنا نحن عن الهلاك تختلف عن مسميات الله للهلاك، فليس الموت الجسدي الذي هو انفصال الروح الانسانية عن الجسد هو الهلاك في نظر الله،  هذا يسميه السيد المسيح "نوما او رقادا"  كما قال عن لعازر (يوحنا 11: 11-14) ، وكما يقول الكتاب دائما عن موت المؤمنين انه رقاد (اعمال 7: 60) (كورنثوس الاولى 15: 51) ولكن انفصال الروح الانسانية عن الله مصدر الحياة الحقيقي هو الهلاك الحقيقي،  ان يقضي الانسان ابديته في بحيرة النار بعيدا عن الله هذا هو الموت الثاني:( وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار.هذا هو الموت الثاني) (رؤيا 20: 14) (فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني) (رؤيا 21: 8) والمؤمن الحقيقي لن يجتاز الموت الثاني، او الهلاك الذي انقذنا منه السيد المسيح بموته الفدائي على الصليب، ليتمتع بهذا الحق كل من يؤمن بعمل الفداء الشخصي على الصليب (من له اذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني) (رؤيا 2: 11)، واذا سأل احدا كيف اغلب لكي لا يؤذيني الموت الثاني، فالاجابة ايضا من الكتاب المقدس الذي يقول (4 لان كل من ولد من الله يغلب العالم. وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا. 5 من هو الذي يغلب العالم الا الذي يؤمن ان يسوع هو ابن الله) (يوحنا الاولى 5: 4-5) نعم لقد جاء السيد المسيح لكي يعطينا الغلبة والنصرة فيحق لنا ان نهتف فرحين ومنتصرين وغالبين (ولكن شكرا للّه الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح.) (كورنثوس الاولى 15: 57)




من هو هذا؟ فان الريح ايضا والبحر يطيعانه ؟

هذا هو السؤال الحقيقي الذي ينبغي ان يفكر فيه التلاميذ، فالسؤال الاول كان يكشف عن عدم ايمانهم، كانوا خائفين من الطبيعة وعندما طلبوا المعونة من الرب يسوع  الا انه  بعد اجراء المعجزة  بتهدئة البحر الغاضب كان خوفهم اعظم من قبل (خافوا خوفا عظيما) (متى 4: 41)، لقد تحول خوفهم من البحر الغاضب الى من له سلطان اقوى على البحر الغاضب، من الواضح ان التلاميذ قد وضعوا في اذهانهم خطة معينة كيف يتصرف المسيح في وسط العاصفة لانقاذهم ومتى، لقد كانت ثقتهم وايمانهم في طريقة الانقاذ ووقتها، على الرغم من وجود المسيح بشخصه في وسطهم وعندما لم يتحقق ذلك خافوا وبدأوا يتساؤلون هل فعلا المسيح يهتم بهم؟ ولكن المسيح كان يسألهم عن غياب الايمان بشخصه وحكمته في تحديد طريقة الانقاذ ووقتها وان ننتظر بصبر وثقة وايمان في تدخل الله في وقته كوعده المبارك (انا الرب في وقته اسرع به) ( اشعياء 60: 22)
ولهذا احتاج التلاميذ درسا وتدريبا آخر لاستيعاب هذا الدرس الهام، فارسلهم المسيح مرة اخرى ليواجهوا عاصفة اخرى في نفس البحيرة ولكن في غياب الحضور الجسدي للرب يسوع، اقرأ (مرقس 6: 45 - 53)   واقرأ ايضا (متى 14: 22 - 33)  واقرأ ايضا (يوحنا 6: 16 - 21)


ولكن الرب يسوع لا يطلب منك الخوف منه بل الاقتراب اليه،  لانه هو الذي احب البشر مسبقا واعلن عن محبته بما فعله على الصليب ( ولكن الله بيّن محبته لنا اذ ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا) (روميه 5: 8) ، بهذا الحب يقترب الينا المسيح ويقول (لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف الى خارج لان الخوف له عذاب واما من خاف فلم يتكمل في المحبة.) (يوحنا الاولى 4: 18)
 
ربما الان نستطيع ان نتفهم وندرك ان الله فعلا يهتم بنا، وقد ارسل المسيح ليموت على الصليب لكي لا يهلك واحد ممن يؤمنون بموته على الصليب كبديل وفداء، وان موتنا ليس الا انفصال الروح الانسانية عن الجسد لكي ننتقل الى الحياة الابدية التي تحيا فيها ارواحنا الى الابد في حضرة القدوس الازلي الذي احبنا، وفي انتظار موعد مجيء المسيح الثاني فاننا نعيش بالايمان حتى يقوم الاموات بالاجساد الممجدة مشابهة لجسد المسيح القائم من الاموات، وحتى ذلك الحين فانه لن يفصلنا عن محبة المسيح لنا اي شيء حتى الموت .

(
32 الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لاجلنا اجمعين كيف لا يهبنا ايضا معه كل شيء. 33 من سيشتكي على مختاري الله.الله هو الذي يبرر. 34 من هو الذي يدين.المسيح هو الذي مات بل بالحري قام ايضا الذي هو ايضا عن يمين الله الذي ايضا يشفع فينا 35 من سيفصلنا عن محبة المسيح.اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف.36 كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار.قد حسبنا مثل غنم للذبح. 37 ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. 38 فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا امور حاضرة ولا مستقبلة 39 ولا علو ولا عمق ولا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا) (رومية 8: 32-39)
سيدي الرب يسوع، اقترب اليك في وسط هذه الاحداث، وقد ادركنا محبتك ورعايتك وحفظك لاولادك من الهلاك اي الموت الثاني، ونشكرك على رعايتك لنا ومحبتك التي ظهرت في الصليب، واجعلنا برغم عدم استحقاقنا ان لا ننظر الى الاحداث المرعبة والمخفية حولنا، بل نقترب اليك بلا خوف في المحبة، محتمين بدم صليبك غير هائبين ولا خائفين من الموت الاول، طالبين دم صليبك الذي يفدينا من الموت الثاني بحسب وعدك القدوس.
(لانه قال لا اهملك ولا اتركك. حتى اننا نقول واثقين الرب معين لي فلا اخاف. ماذا يصنع بي انسان) (عبرانيين 13: 5-6) آمين يارب يسوع، ليس لاي انسان الا ان يقتل الجسد ولا يستطيع ان يفعل اي شيء اكثر بعد ذلك (ولكن اقول لكم يا احبائي لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون اكثر.) (لوقا 12: 4) 

نصلي الى الهنا العظيم، اله الرجاء والتعزية والسلام والمحبة ان يعطي سلاما وتعزية لعائلات المصابين والراقدين على رجاء القيامة، وان يعطينا الرب الاله الصبر والقدرة على مواجهة الايام القادمة الممتلئة بكل اضطهاد وكراهية للصليب والمصلوب  لان القصة لم تنته بالقبر بل بالقيامة منتصرا من الاموات وقد اعطانا هذا الانتصار حتى اننا نهتف واثقين " اين شوكتك يا موت اين غلبتك يا هاوية" (كورنثوس الاولى 15: 55)

**********

مقــالات ســابقــة