من اقوال الرب يسوع المسيح

***** *** لا تضطرب قلوبكم.انتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. *** اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل *** لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. *** لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سرّ ان يعطيكم الملكوت. *** وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا.كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا. *** كما احبني الآب كذلك احببتكم انا.اثبتوا في محبتي.*** تعالوا اليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم *** الى الآن لم تطلبوا شيئا باسمي.اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ***اسألوا تعطوا.اطلبوا تجدوا.اقرعوا يفتح لكم. *** هانذا واقف على الباب واقرع.ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي . *****

شخصيات حول المذود

شخصيات حول المذود


لانه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الرب
في ميلاد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، ظهرت بعض الشخصيات حول المذود نستعرض هنا بعضا منها، لعلك تجد في احداها انعكاسا لشخصيتك وموقفك من المخلـّص المولود والذي جاء الى العالم خصيصا لخلاصك وفدائك.




اولا: الرعاة  والناس البسطاء

(8 وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. 9 واذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. 10 فقال لهم الملاك لا تخافوا.فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب.11 انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. 12 وهذه لكم العلامة تجدون طفلا مقمطا مضجعا في مذود. 13 وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين 14 المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة.

ولما مضت عنهم الملائكة الى السماء قال الرجال الرعاة بعضهم لبعض لنذهب الان الى بيت لحم وننظر هذا الامر الواقع الذي اعلمنا به الرب. 16 فجاءوا مسرعين ووجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعا في المذود. 17 فلما راوه اخبروا بالكلام الذي قيل لهم عن هذا الصبي. 18 وكل الذين سمعوا تعجبوا مما قيل لهم من الرعاة. 19 واما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها. 20 ثم رجع الرعاة وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوه وراوه كما قيل لهم)

يالمحبة الله العظيمة والجميلة، حتى أنه يهتم ببعض الرعاة الجائلين لكي يرسل لهم جوقة  من الملائكة (فريق من المرنمين) ليعلنوا لهؤلاء البسطاء الفقراء ميلاد المخلّص المسيح الرب، الذي اخبرت عنه النبؤات على لسان كل الانبياء على مدار 1500 سنة، هتفت الملائكة التسبحة الجميلة، والتي اصبحت شهيرة فيما بعد، المجد لله في الأعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسّرة، (اي ان الله مسرور بالناس بعد ان حل فيهم وفي وسطهم وفي صورة الناس المسيح المخلص). 

ولكن الاجدر بالملاحظة هنا هو موقف الرعاة، الذين قالوا: (لنذهب الان الى بيت لحم وننظر هذا الامر الواقع الذي اعلمنا به الرب)، ولم يتهاونوا او يؤجلوا تنفيذ هذا القرار ليوم او بعض يوم، بل يسجل الوحي انهم (جاءوا مسرعين) ليتأكدوا من صدق الله في كل ما أخبر عنه، ولهذا رجعوا وحالهم متغير، فهم الان يمجدون الله ويسبحونه، لقد اصبحت حياتهم ملؤها التمجيد والتسبيح والشكر لله على خلاصه، وكيف لا وقد أخذ الله المبادرة بالمصالحة مع البشر، واخذ الله كل تدابير الخلاص لنفسه وبنفسه، افلا يستحق الله ان نشكره ونسجد له يوميا على خلاصه وعلى مسيحه؟

ثانيا: رؤساء الكهنة ورجال المعرفة

(1 ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في ايام هيرودس الملك اذا مجوس من المشرق قد جاءوا الى اورشليم 2 قائلين: «اين هو المولود ملك اليهود؟ فاننا راينا نجمه في المشرق واتينا لنسجد له». 3 فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع اورشليم معه. 4 فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسالهم: «اين يولد المسيح؟». 5 فقالوا له في بيت لحم اليهودية.لانه هكذا مكتوب بالنبي: 6 «وانت يا بيت لحم ارض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا .لان منك يخرج مدبر يرعى شعبي اسرائيل».)


ما أبعد الفارق بين موقف الرعاة البسطاء غير المتعلمين، من موقف رؤساء الكهنة والكتبة، فبالرغم من معرفة الكتاب والمكتوب، وجميع النبؤات التي تخبر عن المسيح ومكان وزمان ميلاده، وكما أخبروا هيرودس عن النبؤة التي يعرفونها من (سفر ميخا 2: 4)، ولم يتأخروا في الاجابة، ولكننا لم نراهم حول المذود؟ ، فبالرغم من ان  السؤال كان مطروحا من المجوس الذي جاءوا قاطعين مسافات وأميال عديدة لكي يقدموا السجود للمولود ، وقد سمعنا معهم الاجابة التي تم تقديمها من رؤساء الكهنة والكتبة للملك والمجوس معا، الا اننا لم نرى حول المزود احدا من هؤلاء سوى المجوس؟ 

حقا لقد كان المسيح صادقا في كلامه مع الناموسيين اي حفظة التوراة وناموس موسى والانبياء،  فيما بعد اذ قال لهم : (ويل لكم ايها الناموسيون لانكم اخذتم مفتاح المعرفة.ما دخلتم انتم والداخلون منعتموهم) (لوقا 11: 52)
فكثيرون دائما لديهم المعرفة ولكنهم لا يأخذون خطوة او قرار بشأن الحقائق التي وصلت اليهم، والخلاص لا يتم بالمعرفة فقط، بل يجب ان يكون الخبر مقترنا بالايمان العامل والذي يظهر بالافعال كما رأينا في موقف الرعاة الذين اخذوا الخطوة الايجابية، فهل تأخذ موقفا ايجابيا اليوم من المولود بعد ان وصلك الخبر؟ ان تحذير الكتاب المقدس واضح بشأن التهاون في اتخاذ الموقف الايجابي من الخبر المسموع، وهذا هو الفارق بين الايمان وعدم الايمان:
(1 فلنخف انه مع بقاء وعد بالدخول الى راحته يرى احد منكم انه قد خاب منه.2 لاننا نحن ايضا قد بشرنا كما اولئك لكن لم تنفع كلمة الخبر اولئك اذ لم تكن ممتزجة بالايمان في الذين سمعوا.) (عبرانيين 4: 1 - 2)

ثالثا: المجوس

(7 حينئذ دعا هيرودس المجوس سرا وتحقق منهم زمان النجم الذي ظهر. 8 ثم ارسلهم الى بيت لحم وقال اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي.ومتى وجدتموه فاخبروني لكي اتي انا ايضا واسجد له. 9 فلما سمعوا من الملك ذهبوا واذا النجم الذي راوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف فوق حيث كان الصبي. 10 فلما راوا النجم فرحوا فرحا عظيما جدا.11 واتوا الى البيت وراوا الصبي مع مريم امه.فخروا وسجدوا له. ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهبا ولبانا ومرا. 12 ثم اذ اوحي اليهم في حلم ان لا يرجعوا الى هيرودس انصرفوا في طريق اخرى الى كورتهم.)

لقد فرح المجوس بالخبر وبالعلامات السمائية والفلكية، وذهبوا سريعا الى المذود لتقديم السجود للمولود، ويالدقة الوحي التي ميزت بين رؤية المجوس للمولود مع مريم امه ولكنه يقول انهم (سجدوا له) وحده، فهو الذي يستحق السجود، ثم قدموا له الهدايا النبوية، الذهب واللبان والمر، الذهب في اشارة الى كونه ملك اليهود، واللبان في اشارة الى كهنوته ونبؤة الى دخوله الى قدس الاقداس بذبيحة نفسه، والمرّ اشارة الى  آلامه وعذاباته وهو مخلص العالم الذي جاء ليتألم وترفضه خاصته ويموت على الصليب كذبيحة خطية، وهو المولد في مذود البقر في اشارة نبوية واضحة الى كونه (حمل الله الذي يغفر خطايا العالم) (يوحنا 1: 29)

فهل نقدم له الهدايا من عطايانا ومقتنياتنا الغالية والنفيسة؟ معترفين ومقرّين باستحقاقه ان يكون ملكا بما صنعه بميلاده وموته، ليكون ملكا على حياتنا وسيدا على مواقفنا وسلوكنا في العالم؟


رابعا: الملك ورجال السلطة والقوة

( 16 حينئذ لما راى هيرودس ان المجوس سخروا به غضب جدا.فارسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها من ابن سنتين فما دون بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس. 17 حينئذ تم ما قيل بارميا النبي القائل.18 صوت سمع في الرامة نوح وبكاء وعويل كثير.راحيل تبكي على اولادها ولا تريد ان تتعزى لانهم ليسوا بموجودين.)


 
رأينا موقف الملك من المولود، خائفا مضطربا، محاولا خداع المجوس لكي يخبروا عن مكان المولود بحجة ان يأتي ليقدم له السجود مثلهم، وهو في نيته انه يرفض هذا الملك، حتى انه حاول ان يقتله ويتخلص منه، لولا ان ميلاد المسيح ومجيئه الى العالم هو بالتدبير الالهي الذي لايمكن لبشر ان ينقضه او يعارضه، لقد كان هيرودس الملك يخشى ان يسلم قيادة حياته ومملكته الى المسيح المولود ملكا ازليا وابديا، فهو به وله تم تكوين العالم اجمع، والكثيرون لازالوا يعيشون هذا الخوف من ان يعطوا الملك لمن يستحقه، فيعترضون ويحاولون التملص وخداع الآخرين وهم لا يخدعون الا انفسهم، فهل نأتي للمسيح مقرّين له باستحقاقه ان يكون ملكا على حياتنا، ام نستمر في حياة الهزيمة والخديعة بأننا نملك ما لا نستحقه ولا نقدر على امتلاكه ؟

وها هي الحقيقة يعلنها السيد المسيح مرة اخرى، من اراد ان يكون ملكا ويخلص نفسه عليه ان يتخلص من كل ما له سلطان على نفسه وحياته وكأنه يميت نفسه بنفسه من اجل المسيح: (34 ودعا الجمع من تلاميذه وقال لهم من اراد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني.35 فان من اراد ان يخلص نفسه يهلكها. ومن يهلك نفسه من اجلي ومن اجل الانجيل فهو يخلصها. 36 لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. 37 او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه. 38 لان من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ فان ابن الانسان يستحي به متى جاء بمجد ابيه مع الملائكة القديسين)
(مرقس  8: 34- 38)

خامسا: المنتظرون خلاص الرب


(25 وكان رجل في اورشليم اسمه سمعان.وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية اسرائيل والروح القدس كان عليه. 26 وكان قد اوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب. 27 فاتى بالروح الى الهيكل. وعندما دخل بالصبي يسوع ابواه ليصنعا له حسب عادة الناموس 28 اخذه على ذراعيه وبارك الله وقال 29 الان تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام. 30 لان عيني قد ابصرتا خلاصك 31 الذي اعددته قدام وجه جميع الشعوب. 32 نور اعلان للامم ومجدا لشعبك اسرائيل. 33 وكان يوسف وامه يتعجبان مما قيل فيه. 34 وباركهما سمعان وقال لمريم امه ها ان هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في اسرائيل ولعلامة تقاوم. 35 وانت ايضا يجوز في نفسك سيف.لتعلن افكار من قلوب كثيرة)
(لوقا 2: 25-35)

يقول الكتاب المقدس (جيد ان ينتظر الانسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب.) (مراثي ارميا 3: 26)، وفي هذا يخبرنا الوحي المقدس عن الشيخ سمعان الذي كان يعيش منتظرا ان يرى تحقيق وعد الرب بالخلاص لشعبه، وقد قاده الروح القدس الى الهيكل بشوق وصبر وسكوت في الوقت المناسب، فكان هناك وقت دخول الطفل يسوع وابويه الى الهيكل، كان سمعان شيخا من اتقياء اليهود البقية الامينة التي تنتظر تحقيق وعود الله الصادقة، وقد اخبره الروح القدس انه لن يعاين الموت قبل ان يرى مسيح الرب، ويبدو ان الروح القدس اخبره عن مجيء المسيح المتألم الى العالم، وفي هذا امتاز سمعان الشيخ عن بقية اليهود الذين كانوا يحتارون في تفسير النبؤات عن المسيح كونه المتألم (كما في اشعياء 53)، وكونه الملك ابن داود الجالس على يمين عرش الله (كما في المزامير)، فهو يخبر العذراء انه سوف (يجوز في نفسك سيف)، وان المسيح في حياته سيكون خلاصا للامم واليهود على السواء وانه سيكون لقيام وسقوط كثيرين. 
ويقول (بنيامين بكترين) في تفسيره عن موقف الشيخ سمعان: (ونرى قوة إيمان سمعان البار التقي بحيث لما أخذ الصبي يسوع على ذراعيهِ عرف يقينًا أنهُ قد امتلك خلاص الله فنُزعتْ عنهُ شوكة الموت حالاً وطلب الانطلاق بسلام حسب قول الرب. وهذا اليقين نفسهُ لنا أيضًا فإننَّا مَتَى امتلكنا المسيح بالإيمان ننظر إلى الموت مَلِك الأهوال كلا شيء قائلين: «أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتُكِ يا هاوية؟ أما شوكة الموت فهي الخطية، وقوة الخطية هي الناموس. ولكن شكرًا لله الذي يُعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح» (كورنثوس الأولى 55:15-58).


**********


والآن ما هو موقفك انت من مولود بيت لحم؟ اي من هذه الشخصيات تمثل حالتك الخاصة؟ وما هو رد فعلك وقرارك بشأن هذا المولود؟ 
ربما كان مولود بيت لحم قد جاء مولودا بالجسد الى العالم منذ حوالي 2000 سنة، وقتها كان يبحث عن مكان يولد فيه فلم يجد سوى مذود، ولكن الان هل يجد في قلبك مكانا لكي يولد فيه المسيح لتصير عضوا من اعضاء جسد المسيح الحي في كل اوان ؟
( الستم تعلمون ان اجسادكم هي اعضاء المسيح.)(كورنثوس الاولى 6: 15)، ( الاله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا اذ هو رب السماء والارض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالايادي.) (اعمال الرسل 17: 24)، بل يسكن في هيكل صنعه الله بنفسه (انكم انتم هيكل الله الحي كما قال الله اني سأسكن فيهم واسير بينهم واكون لهم الها وهم يكونون لي شعبا.) (كورنثوس الثانية 6: 16)، فهل تهيء للمولود مكانا في قلبك ليولد فيه المسيح بالايمان ؟ ويكون المجد لله في الكنيسة التي هي جسد المسيح ( بسبب هذا احني ركبتي لدى ابي ربنا يسوع المسيح 15 الذي منه تسمى كل عشيرة في السموات وعلى الارض. 16 لكي يعطيكم بحسب غنى مجده ان تتايدوا بالقوة بروحه في الانسان الباطن 17 ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم 18 وانتم متاصلون ومتاسسون في المحبة حتى تستطيعوا ان تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو 19 وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا الى كل ملء الله. 20 والقادر ان يفعل فوق كل شيء اكثر جدا مما نطلب او نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا 21 له المجد في الكنيسة في المسيح يسوع الى جميع اجيال دهر الدهور.امين) (افسس 3: 14-21)

**********

( يا اولادي الذين اتمخض بكم ايضا الى ان يتصور المسيح فيكم.) (غلاطية 4: 19)

عندما جاء الملاك للعذراء القديسة مريم، واخبرها انها ستكون ام المخلّص، وفي الحال عندما اعلنت خضوعها الكامل لارادة الله بقولها (هوذا انا أمة الرب. ليكن لي كقولك) (لوقا 1: 38)، فمضي من عندها الملاك، وبدأ الجنين يتكون ويتصور في احشائها، وبنفس الايمان فعندما نعلن خضوعنا الى الله اننا عبيده وليفعل بنا وفينا حسب قوله، فان المسيح يبدأ في ان يحل في قلوبنا بالايمان، ويبدأ في تشكيل حياتنا ليتصور المسيح فينا، لكي نكون مشابهين صورة المسيح ابن الله، اخونا البكر. 
(28 ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده. 29 لان الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين.) (روميه 8: 28-29)


هذه هي صلاتي القصيرة في عيد الميلاد
(هوذا انا -عبد- أو - أمة - الرب. ليكن لي كقولك)

الرد على شبهات: انا الرب قد اضللت ذلك النبي، سيرسل اليهم الله عمل الضلال !!



هل الكتاب المقدس يقول ان الله مضلّ ؟ او يضلّ البشر؟

الرد على شبهات: انا الرب قد اضللت ذلك النبي، سيرسل اليهم الله عمل الضلال !!
 **********
وردتني رسالة على البريد الالكتروني، تسأل عن ما جاء في سفر حزقيال: (فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي وسامد يدي عليه وابيده من وسط شعبي اسرائيل.) (حزقيال 14: 9)، والرسالة الى اهل تسالونيكي (ولاجل هذا سيرسل اليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب) (تسالونيكي الثانية 2: 11)، هل هذا معناه ان الله يضلّ البشر فما هو الفرق بين الله في المسيحية والله في الاسلام الذي من اسمائه (المضلّ) او انه (يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء)؟ 

واعتذر عن طول الرد قليلا وذلك لوجود الكثير من الاقتباسات من الكتاب المقدس لكي يكون الرد بالادلة والشواهد. اما اذا فضلّت ان تعرف الجواب باختصار، فالاجابة ان الله لا يضلّ الناس، بل يضلّ النبي الكذاب فقط  لكي ينقذ الشعب من الضلال خلفه، بأن يحكم على نبؤات النبي الكاذب بعدم تحقيق، فيظهر كذب وضلال النبي امام الناس والله يقول انه هو المسئول عن ظهور ضلال النبي الكاذب. اما الاجابة بالتفصيل وبالشواهد الكتابية فهي كما يلي:


بداية يجب ان نعرف ان اعلان الكتاب المقدس يقول بوضوح ان الله: (يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون.) (تيموثاوس الاولى 2: 4)، ومنذ كتابات الانبياء في العهد القديم فان الله يقول في الكتاب المقدس: (قل لهم. حيّ انا يقول السيد الرب اني لا اسر بموت الشرير بل بان يرجع الشرير عن طريقه ويحيا. ارجعوا ارجعوا عن طرقكم الرديئة. فلماذا تموتون) (حزقيال 33: 11)

ان مشيئة الله وارادته المعلنة دائما هي خلاص البشر، وقيادتهم في طريق مستقيمة تؤدي الى الحياة الابدية بسهولة ويسر وبدون اي ضلال او تيه (8 وتكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة. لا يعبر فيها نجس بل هي لهم. من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل. 9 لا يكون هناك اسد. وحش مفترس لا يصعد اليها. لا يوجد هناك. بل يسلك المفديون فيها. 10 ومفديو الرب يرجعون وياتون الى صهيون بترنم وفرح ابدي على رؤوسهم. ابتهاج وفرح يدركانهم.ويهرب الحزن والتنهد) (اشعياء 35: 8-10)، بهذا المفهوم فنحن كنا ضالين ولكن محبة الله ونعمته هي التي قادتنا الى التوبة والخلاص ( 3 لاننا كنا نحن ايضا قبلا اغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات ولذّات مختلفة عائشين في الخبث والحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضا. 4 ولكن حين ظهر لطف مخلّصنا الله واحسانه 5 لا باعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس ) (تيطس 3: 3-5)، بل اننا نضيف ونقول ان الرب يسوع المسيح يذكر قصة عن حالنا قبل ان نأتي الى محبة الله الآب فيصورنا فيها مثل الابن الضال الذي عاد الى احضان ابيه  (ولكن كان ينبغي ان نفرح ونسرّ لان اخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد) (لوقا 15: 32) 

يخبرنا الوحي المقدس في سفر العبرانيين ان الله في محبته اقام في العهد القديم نظام الكاهن الذي يقدم الذبيحة عن خطايا الشعب يجب ان يكون مترفقا بالجهال والضالين (1 لان كل رئيس كهنة ماخوذ من الناس يقام لاجل الناس في ما لله لكي يقدم قرابين وذبائح عن الخطايا 2 قادرا ان يترفق بالجهال والضالين اذ هو ايضا محاط بالضعف. 3 ولهذا الضعف يلتزم انه كما يقدم عن الخطايا لاجل الشعب هكذا ايضا لاجل نفسه.) (عبرانيين 5: 1-3) فكيف يقول قائل ان الله الذي يطلب من الكاهن ان يكون مترفقا على الضالين هو الذي يضلهم؟ وقد جاء في الناموس الذي اعطاه الله لموسى ان يقول الشعب (ملعون من يضل الاعمى عن الطريق. ويقول جميع الشعب آمين.) (التثنية 27: 18)، وقد جاء ايضا في سفر الامثال (من يضل المستقيمين في طريق رديئة ففي حفرته يسقط هو. اما الكملة فيمتلكون خيرا.) (امثال 28: 10) وقد حذرّ الرب يسوع المسيح من يحاول تضليل او ان يضع عثرة امام المؤمنين الجدد فيقول (ومن اعثر احد الصغار المؤمنين بي فخير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر.) (مرقس 9: 42)، وقد جاءت الرسائل دائما تحذر المؤمنين من الانسياق وراء المضلين: ( 7 ايها الاولاد لا يضلكم احد. من يفعل البر فهو بار كما ان ذاك بار 8 من يفعل الخطية فهو من ابليس لان ابليس من البدء يخطئ. لاجل هذا اظهر ابن الله لكي ينقض اعمال ابليس.) (رسالة يوحنا الاولى 3: 7-8)، وقال الرب يسوع ايضا (4 فاجاب يسوع وقال لهم انظروا لا يضلكم احد. 5 فان كثيرين سياتون باسمي قائلين انا هو المسيح ويضلون كثيرين. ) (متى 24: 4-5)

اذا كيف نفهم قول الكتاب المقدس عن ماجاء في سفر حزقيال والرسالة الى اهل تسالونيكي؟ من هو الذي يضلّ ويحذرنا منه الوحي المقدس، وهل هو الله ام شخص آخر؟ هل هو الله ام ابليس؟   

لقد اعلن الكتاب المقدس بوضوح ان (المضلّ) هو ابليس نفسه (لانه قد دخل الى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح اتيا في الجسد. هذا هو المضلّ والضد للمسيح) (رسالة يوحنا الثانية 1: 7)، وايضا في سفر الرؤيا  (فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو ابليس والشيطان الذي يضل العالم كله طرح الى الارض وطرحت معه ملائكته.) (رؤيا 12: 9)

الاجابة كما رأينا ببساطة ووضوح، ان المضلّ هو ابليس (الشيطان)، الله لا يضلّ احدا،  وهذا اعلان الكتاب المقدس الثابت والواضح، وهنا يجب ان نقول ان الله لم يخلق "ابليس" او "شيطان" او "ارواح شريرة" بل خلق الله ملائكة اطهارا واعطاهم الحرية والارادة الكاملة لخدمته وطاعته، فاختار ابليس ان يعصى الله ويتكبر فطمع في ان يرفع كرسيه مثل كرسي الله، واراد ان يأخذ العبادة والسجود بدلا عن الله، وهكذا سقط الملاك الطاهر واصبح معارضا لله وارادته،انظر (بطرس الثانية 2: 4)، وانظر (لوقا 10: 17-20)، وانظر (اشعياء 14: 12-15) وانظر ايضا  (حزقيال 28: 14-19)، وما جاء في سفر حزقيال او الرسالة الى اهل تسالونيكي لايخرج عن  تأكيد هذه الحقيقة ان المضلّ دائما هو "ابليس" او "الشيطان"، وما يفعله الله بالنبي الكاذب او "المضل" هو كشف ضلاله وكذبه وزيفه امام الناس، وهذه هي طريقة الله لانقاذ الشعب من الضلال، وهذا ما سوف نعرفه عندما نقرأ النص كاملا في سياقه ونفهمه بوضوح.
**********
تمهيد: ما هو الفرق بين النبي الصادق والنبي الكاذب 
النبي المضلّ الذي يحاول تضليل البشر؟

ومحاولة التفريق بين النبي الصادق والنبي الكاذب هو المفتاح الاول لنفهم لماذا يقول الله انه (يضلّ الانبياء الكذبة)؟  وبطبيعة الحال لم يتركنا الله نحاول كثيرا بمجهوداتنا في تخمين الفرق بين النبي الصادب والكاذب،  بل اعطانا مقياسا واضحا وصريحا، هو انه اذا تكلم بشيء عن المستقبل وحدث هذا الشيء فهو نبيا صادقا، واذا لم يحدث مااخبر به النبي فهو نبي كاذب ومضلّ ولم يرسله الله :
( 20 واما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبي. 21 وان قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب.22 فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه) (التثنية 18: 20-22)

وحتى  اذا اعطى النبي الكاذب علامات وآيات وعجائب، فهذا ليس مقياسا وحده لصدق النبي، بل يجب ان يكون المقياس الآخر هو تطابق كلام النبي مع كلام كل الانبياء السابقين، وان تتفق رسالته مع ما اعلنه الله القدوس عن ذاته وعن مشيئته واعلاناته للخلاص:
(1 اذا قام في وسطك نبي او حالم حلما واعطاك اية او اعجوبة 2 ولو حدثت الاية او الاعجوبة التي كلمك عنها قائلا لنذهب وراء الهة اخرى لم تعرفها ونعبدها 3 فلا تسمع لكلام ذلك النبي او الحالم ذلك الحلم لان الرب الهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب الهكم من كل قلوبكم ومن كل انفسكم. 4 وراء الرب الهكم تسيرون واياه تتقون ووصاياه تحفظون وصوته تسمعون واياه تعبدون وبه تلتصقون.) (التثنية 13: 1-4)
 
دعنا نضع هذه المقاييس امام اعيننا ونحن نجتاز في القراءة والتحليل والدراسة، النبي الصادق يتكلم بكلام الله الحقيقي ولذلك فكل ما يقوله يتحقق، والنبي الكاذب يتكلم من نفسه ولذلك فان الله يكشف كذبه وضلاله بعدم تحقيق كلامه.

**********
اولا: سفر حزقيال14: 1- 11

انقر على الرابط اعلاه ونقرأ معا الكلام في سياقه مع شرح موجز وسريع، (1 فجاء الي رجال من شيوخ اسرائيل وجلسوا امامي. 2 فصارت الي كلمة الرب قائلة. 3 يا ابن ادم هؤلاء الرجال قد اصعدوا اصنامهم الى قلوبهم ووضعوا معثرة اثمهم تلقاء اوجههم.فهل اسال منهم سؤالا.) (حزقيال 14: 1-3) تبدأ الفقرة بأن بعض رجال من شيوخ اسرائيل وقادتهم جاءوا ووقفوا امام النبي حزقيال، فصارت كلمة الرب الى النبي لتخبره عن حقيقة هؤلاء الرجال، فهم قد رفضوا الاله الحقيقي وقد وضعوا في قلوبهم اصناما او آلهة مزيفة من صنعهم، فهل بعد هذا يأتون اليّ لكي يسألوني مرة اخرى فهل يتوقعون اجابة مني وهم لا يعترفون بي الاله الحيّ الحقيقي الوحيد؟، فكانت كلمة الرب ان يواجههم بحقيقة امرهم وينصحهم قائلا (4 لاجل ذلك كلمهم وقل لهم.هكذا قال السيد الرب. كل انسان من بيت اسرائيل الذي يصعد اصنامه الى قلبه ويضع معثرة اثمه تلقاء وجهه ثم ياتي الى النبي فاني انا الرب اجيبه حسب كثرة اصنامه 5 لكي اخذ بيت اسرائيل بقلوبهم لانهم كلهم قد ارتدوا عني باصنامهم. 6 لذلك قل لبيت اسرائيل هكذا قال السيد الرب. توبوا وارجعوا عن اصنامكم وعن كل رجاساتكم اصرفوا وجوهكم. 7 لان كل انسان من بيت اسرائيل او من الغرباء المتغربين في اسرائيل اذا ارتد عني واصعد اصنامه الى قلبه ووضع معثرة اثمه تلقاء وجهه ثم جاء الى النبي ليساله عني فاني انا الرب اجيبه بنفسي.) (حزقيال 14: 4-7) ، كانت النصيحة بأن يتوبوا ويرجعوا الى الله بدلا من العصيان والتمرد بالارتداد عن الله الحيّ الذي عرفوه واختبروه الى عبادة الاصنام التي قلدوا فيها الشعوب الوثنية، فاذا اصرّوا على ان يسألوا النبي فان الله سوف يجاوبه بنفسه بطريقة اخرى ( 8 واجعل وجهي ضد ذلك الانسان واجعله اية ومثلا واستاصله من وسط شعبي فتعلمون اني انا الرب.9 فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي وسامد يدي عليه وابيده من وسط شعبي اسرائيل. 10 ويحملون اثمهم. كاثم السائل يكون اثم النبي. 11 لكي لا يعود يضل عني بيت اسرائيل ولكي لا يعودوا يتنجسون بكل معاصيهم بل ليكونوا لي شعبا وانا اكون لهم الها يقول السيد الرب) (حزقيال 14: 8-11) ، وهنا انتبه معي في كلام الرب، فهو يقول انه باصرار الشعب على سؤال الانبياء الكذبة المضلين فان الله سيضل النبي، اي لن يعطيه كلاما صادقا أو نبؤة حقيقية تتحقق مع الايام !!، فالله يعطي الكلام الصادق فقط للانبياء الصادقين، اما الانبياء الكذبة الذين يخدمون الاصنام فان الله لن يعطيهم كلاما صادقا او نبؤات حقيقية  تنتهي بالتحقيق (فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي)، بل سيجعل كل كلامهم ينتهي الى غير الحقيقة او الى فضح الكذب الذي نطقوا به، وهذه هي الطريقة التي يصنعها الله  لكي ينقذ شعبه من الوقوع تحت خديعة الانبياء الكذبة، فهذا هو وعد الله الصادق دائما انه سوف يمد يده ويعاقب الانبياء الكذبة بفضح كذبهم  (لكي لا يعود يضل عني بيت اسرائيل) وهذا كله لحماية الشعب من الضلال والمضليّن (ولكي لا يعودوا يتنجسون بكل معاصيهم بل ليكونوا لي شعبا وانا اكون لهم الها يقول السيد الرب).


**********

وهناك حالة مماثلة في تاريخ الشعب اليهودي والقصة تشرح وتفسر المعنى بوضوح وقد صنع الله تماما مثلما اخبر في سفر حزقيال  وهي مذكورة في  (اخبار ايام الثاني 18) ، (ملوك الاول 22)، والقصة (بعد انقسام المملكة الموحدة) تخبر عن ملك مملكة اسرائيل الشرير "آخاب" عندما كان يجلس مع ملك مملكة يهوذا "يهوشافاط" وقد اعتاد الملك الشرير "آخاب" ان يحيط نفسه بانبياء كذبة (يقول الكتاب عددهم 400 وزعيمهم صدقيا بن كنعنة) ليسألهم ويجاوبوه بحسب ما يرغب ويريد وليس بحسب كلام الله الحقيقي، وكان سؤال الملك "آخاب" هل نصعد الى حرب "راموت جلعاد" ؟  وكانت اجابة الانبياء الكذبة (اصعد الى راموت جلعاد وافلح فيدفعها الرب ليد الملك)، فسأل الملك "يهوشافاط" (اليس هناك نبي للرب نسأله)؟ فأجاب "آخاب" ان هناك النبي "ميخا بن يملة" ولكنه بحسب كلام "آخاب" (بعد رجل واحد لسؤال الرب به ولكنني ابغضه لانه لا يتنبا علي خيرا بل شرا كل ايامه.) وما حيلة النبي الصادق اذا كان الملك شرير ويطلب كلام الله ؟ فهل المطلوب ان يعدّل النبي الصادق من كلام الله لكي يرضي الملك وشروره؟

يقول الكتاب ان بعد ذلك عندما جاء النبي "ميخا" اخبره الرسل ان يقول للملك ما يرضيه، ولكن "ميخا" قال لهم انه لن يجاوب الا مايخبره الله به،  وعندما وصل "ميخا" الى الملك اجابه بسخرية مقلدا كلام الانبياء الكذبة، ولكن الملك طلب منه ان لا يكذب ويقول له الحقيقة، وعندما تكلم النبي "ميخا" بالحقيقة واخبر الملك عن الرؤيا التي رآها واخبره بها الله، وهذه هي الرؤيا وسببها:


اولا سبب الرؤيا: كان آخاب قد طمع في حقل جميل يملكه "نابوت الييزرعيلي"  وطلبه ان يشتريه منه، ولكن "نابوت" رفض وفضّل الاحتفاظ بحديقته وورثه، فقام "آخاب" بقتل "نابوت" بدم بارد لكي يرث حقله بحسب الشريعة اليهودية من ليس له اولاد يرث الملك ارضه، وكان هذا الامر سيئا جدا في عيني الرب، فقضى على "آخاب" بالموت في المكان الذي قتل فيه "نابوت اليزرعيلي" (ملوك الاول 21: 1-22)

ثانيا: الرؤيا نفسها، ان الوقت جاء لتحقيق كلام الرب بفم النبي "ايليا" بموت الملك "آخاب" فرأي النبي "ميخا" ان الرب يسأل من الذي يغوي الملك "آخاب" للصعود الى "راموت جلعا" في حرب ليموت هناك؟ فتقدم الروح الشرير الشيطان وقال انا افعل، فاستخدم الله "الشيطان" الروح الذي كان دائما يستمع اليه الملك "آخاب" على فم الانبياء الكذبة لانه يرفض ان يستمع الى كلام الانبياء الصادقين من الله، وهكذا هو حال الانبياء الكذبة دائما، الذين يزعمون انهم يحملون رسالة الله الى الناس ولكنهم على العكس تماما، فهم ينقلون رسالة الكذب الشيطانية، ولكن الله دائما يعطي الانسان حرية الاختيار بين الاستماع وتصديق الصدق او الكذب، وسوف ينال كل انسان دينونته العادلة بناء على اختياراته. 

ان الملك يريد فقط تصديق الانبياء الكذبة مهما كلف الامر (والوحي المقدس اسماهم -انبيائه- وليس انبياء الرب)  ولهذا فان الله قد تركه لهم ولن يعطيه النبؤة الحقيقة، وعند هذا تقدم النبي الكاذب ليلطم النبي "ميخا" الذي قال له انك سوف ترى ان كلامي هو الصادق عند تحقيقه، واترك لكم قراءة النص الذي يخبر عن هذا الموقف وما حدث به:  

( 12 واما الرسول الذي ذهب ليدعو ميخا فكلمه قائلا.هوذا كلام جميع الانبياء بفم واحد خير للملك.فليكن كلامك كواحد منهم وتكلم بخير. 13 فقال ميخا حي هو الرب ان ما يقوله الهي فبه اتكلم. 14 ولما جاء الى الملك قال له الملك يا ميخا انذهب الى راموت جلعاد للقتال ام امتنع. فقال اصعدوا وافلحوا فيدفعوا ليدكم. 15 فقال له الملك كم مرة استحلفك ان لا تقول لي الا الحق باسم الرب. 16 فقال رايت كل اسرائيل مشتتين على الجبال كخراف لا راعي لها.فقال الرب ليس لهؤلاء اصحاب فليرجعوا كل واحد الى بيته بسلام. 17 فقال ملك اسرائيل ليهوشافاط اما قلت لك انه لا يتنبا علي خيرا بل شرا. 18 وقال فاسمع اذا كلام الرب.قد رايت الرب جالسا على كرسيه وكل جند السماء وقوف عن يمينه وعن يساره. 19 فقال الرب من يغوي اخاب ملك اسرائيل فيصعد ويسقط في راموت جلعاد.فقال هذا هكذا وقال ذاك هكذا. 20 ثم خرج الروح ووقف امام الرب وقال انا اغويه.فقال له الرب بماذا.21 فقال اخرج واكون لروح كذب في افواه جميع انبيائه.فقال انك تغويه وتقتدر.فاخرج وافعل هكذا. 22 والان هوذا قد جعل الرب روح كذب في افواه انبيائك هؤلاء والرب تكلم عليك بشر. 23 فتقدم صدقيا بن كنعنة وضرب ميخا على الفك وقال من اي طريق عبر روح الرب مني ليكلمك. 24 فقال ميخا انك سترى في ذلك اليوم الذي تدخل فيه من مخدع الى مخدع لتختبئ. 25 فقال ملك اسرائيل خذوا ميخا وردوه الى امون رئيس المدينة والى يواش ابن الملك 26 وقولوا هكذا يقول الملك ضعوا هذا في السجن واطعموه خبز الضيق وماء الضيق حتى ارجع بسلام. 27 فقال ميخا ان رجعت رجوعا بسلام فلم يتكلم الرب بي.وقال اسمعوا ايها الشعوب اجمعون )(اخبار ايام الثاني 18: 12-27)


تستمر القصة لتخبر ان النهاية كانت بالفعل كما اخبر النبي "ميخا" الصادق وليس الانبياء الكذبة، وهي تخبرنا ايضا ان الله اعطى حرية الاختيار التاملة للملك الذي اعتاد ان يحيط نفسه بالانبياء الكذبة الذين ضللوه واختار ان يصدقهم ولا يصدق الحقيقة مهما سمعها، وكما قلنا فان الوحي المقدس ذكر ان الشيطان قال (اخرج واكون روح كذب في افواه جميع انبيائه) فقد اطلق على الانبياء الكذبة (انبياء الملك) وليس (انبياء الله) فهم  يتكلمون بما يرضي الملك وليس بما يرضي الله،  فالله هنا لم يضلّ الملك، ولكنه تركه الى اختياراته الفاسدة، فالله يعطي الانسان الحرية الكاملة للاختيار بين الحق والكذب، والله يحترم اختيار الانسان وارادته الحرة. 

ان الكتاب المقدس بهذه القصة يشرح ويفسر من هو المضلّ، فهو ليس الله بل الانبياء الكذبة الذين يخدمون الاصنام ولا يعرفون الله الحقيقي وليس لهم اي صلة به، فمن اين لهم كلام الحق وهم لا يعرفون مصدر الحق وهو الله الحقيقي؟ لقد توعد الله ان  يكشف كذب وضلال الانبياء الكذبة لينال الذين يضلون الشعب جزائهم العادل: 
(5 هكذا قال الرب على الانبياء الذين يضلون شعبي الذين ينهشون باسنانهم وينادون سلام. والذي لا يجعل في افواههم شيئا يفتحون عليه حربا. 6 لذلك تكون لكم ليلة بلا رؤيا. ظلام لكم بدون عرافة. وتغيب الشمس عن الانبياء ويظلم عليهم النهار. 7 فيخزى الراؤون ويخجل العرافون ويغطون كلهم شواربهم لانه ليس جواب من الله.) (ميخا 3: 5-7)

(هانذا على الذين يتنبأون باحلام كاذبة يقول الرب الذين يقصونها ويضلون شعبي باكاذيبهم ومفاخراتهم وانا لم ارسلهم ولا أمرتهم. فلم يفيدوا هذا الشعب فائدة يقول الرب) (ارميا 23: 32)

يمكنك الضغط على الرابط اعلاه وقراءة الاصحاح كاملا فهو يشرح نفسه بنفسه.

**********

بالرجوع الى  الكلمة المترجمة "ضلّ" في الاصل العبري [1] ومن كل ما تقدم فان الكلمة في سياقها لا تقول ان الله هو الذي (يضل) البشر، ولكن الله يجعل النبي الكاذب (كاذبا) و(مخادعا) و (مضلا) بأن يجعل الله كل ما يقوله لا يتحقق وهذا هو الفارق الجوهري بين النبي الحقيقي والنبي الكاذب. 

( 20 واما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبي. 21 وان قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب.22 فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه) (التثنية 18: 20-22)

**********

ان الحقيقة التي عرفناها في اجابة الجزء الاول، لازالت تصاحبنا هنا في قراءة النص في سياقه، فالله ليس هو المضلّ ولا يضلّ البشر، بل ابليس الشيطان، والفقرة بحسب الرسالة الى اهل تسالونيكي تخبر عن نبؤة وقت تحقيقها هو نهاية الازمنة، فيقول ( 1 ثم نسالكم ايها الاخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا اليه) (تسالونيكي الثانية 2: 1)،  ثم يستمر في ان يطلب منهم الثبات على الحق الذي عرفوه فلا يصدقوا اي رسالة مخالفة ( 2 ان لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كانها منا اي ان يوم المسيح قد حضر.) (تسالونيكي الثانية 2: 2) ثم يحذرهم ان لا يقعوا تحت الخديعة او الضلال لأي تعليم بخصوص نهاية الايام ومجيء المسيح الثاني الذي يجب ان يسبقه زمن الارتداد واستعلان انسان الخطية ابن الهلاك الذي ينفذ مشيئة الشيطان الذي يرغب في سجود البشر له ليعبدوه كاله (3 لا يخدعنكم احد على طريقة ما. لانه لا ياتي ان لم يات الارتداد اولا ويستعلن انسان الخطية ابن الهلاك 4 المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى الها او معبودا حتى انه يجلس في هيكل الله كاله مظهرا نفسه انه اله) (تسالونيكي الثانية 2: 3-4)  يتكلم الوحي المقدس بروح النبؤة عن آخر الايام فيقول انه سيرفع من الارض ما يحجز استعلان الدينونة الاخيرة على الارض ونهاية الايام فيأتي الشيطان بكل طاقته واتباعه محاولا تضليل الناس بالانبياء الكذبة والمعجزات والآيات الكاذبة ايضا، لمعرفته ان زمان دينونته قد اقترب وسيبيده الرب بنفخة فمه بمجيء المسيح الثاني وظهوره المبارك، سيعطي الشيطان الانسان ضد المسيح قوة الخديعة ليحاول ان يخدع ويوهم الناس انه هو الله،  هؤلاء الذين رفضوا اعلان المسيح الصادق انه هو الله الظاهر في الجسد، سوف يصدقون ان ضد المسيح هو الله، هذا هو عمل الضلال والكذب الذي سيسلمهم الله له  (6 والان تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته. 7 لان سر الاثم الان يعمل فقط الى ان يرفع من الوسط الذي يحجز الان 8 وحينئذ سيستعلن الاثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه. 9 الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبايات وعجائب كاذبة) (تسالونيكي الثانية 2: 6-8)، ظهور المسيح المبارك في مجيئه الثاني سيكون الاعلان النهائي لكل من اصروا على تصديق الكذب والانبياء الكذبة، ولهذا فسوف - والكلام في صيغة المستقبل لانه يختص بنبؤة عن نهاية الايام - سوف يرسل الله لكل من لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا ويؤمنوا في المسيح الذي جاء متواضعا للخلاص والفداء،  فلم يصدق الناس ان المسيح هو الله الظاهر في الجسد برغم اعماله ومعجزاته وموته وقيامته وصعوده،  وارادوا ان يصدقوا الانبياء الكذبة الذين  قالوا ان الله لا يمكن ان يتجسد متواضعا في عمل المسيح للفداء بالموت على الصليب،  ولم يتمم الصليب ولا القبر ولا القيامة، كل ما اخبر به انبياء الله الحقيقيون في الكتاب المقدس مؤيدا بالمعجزات الطاهرة بشفاء المرضى واقامة الموتى، بل وقيامته وصعوده الى السماء،  ولكنهم سيصدقوا اعمال الشيطان المبهرة بدون فائدة حقيقية تعود عليهم بالشفاء او الفداء، وسيصدقوا ان ضد المسيح هو الله  ( 10 وبكل خديعة الاثم في الهالكين لانهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا.11 ولاجل هذا سيرسل اليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب 12 لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالاثم) (تسالونيكي الثانية 2: 10-12)، وهكذا سيرسل الله الشيطان بعمل الضلال حتى يصدقوا الاكاذيب التي صدقوها سابقا ورفضوا تصديق الحقيقة، وهذا كله لكي تتم الدينونة وتقام الحجة على كل انسان باختياره. راجع نبؤات المسيح عن نهاية الايام وعن ظهور ضد المسيح او المسحاء الكذبة (متى 24: 8-14)، (متى 24: 24-28)، (مرقس 13: 22-23)، (بطرس الثانية 2: 1-4)، (يوحنا الاولى 4: 1-3).[2]


هذه النبؤات كلها تتفق مع ما جاء في سفر الرؤيا عن نهاية الايام، فيقول ان الله سوف يطلق الشيطان لكي تتم الدينونة عليه وعلى من صدق اكاذيبه واخاديعه من البشر:
 ( 1 ورايت ملاكا نازلا من السماء معه مفتاح الهاوية وسلسلة عظيمة على يده. 2 فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو ابليس والشيطان وقيده الف سنة 3 وطرحه في الهاوية واغلق عليه وختم عليه لكي لا يضل الامم في ما بعد حتى تتم الالف سنة وبعد ذلك لا بد ان يحل زمانا يسيرا) (رؤيا 20: 1- 3)، وهكذا سوف تقوم الحجة على الشيطان وعلى كل من رفضوا تصديق الحق وفضلوا ان يصدقوا الاكاذيب، فسوف يستمرون مرة اخرى في تصديق الكذب والضلال الذي اضلهم به الشيطان وليس الله  ( 7 ثم متى تمت الالف السنة يحل الشيطان من سجنه 8 ويخرج ليضل الامم الذين في اربع زوايا الارض جوج وما جوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر. 9 فصعدوا على عرض الارض واحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة فنزلت نار من عند الله من السماء واكلتهم. 10 وابليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذاب وسيعذبون نهارا وليلا الى ابد الابدين) (رؤيا 20: 7-10).




مما سبق يتبين ان الكتاب المقدس الصادق يعلن ان الله الحقيقي دائما ما يريد عودة الخاطيء الى التوبة والخلاص والحياة الابدية، ولكن الشيطان ارادته هي ان يضلّ ويخدع البشر، وقد اعطى الله الانسان حرية الارادة والاختيار، والله يحترم اختيارات الانسان مهما كانت، برغم حزنه على اختيار الانسان للموت والهلاك فضلا عن الحياة الابدية، وتصديق الاكاذيب والخدع والضلالات الشيطانية عوضا عن الحق المعلن بوضوح، فانت امام طريقين ولك وحدك الاختيار، اما ان تختار الله  واعلاناته الصادقة فتحيا، او ان تختار المضلّ وتصديق الاكاذيب فتحكم على نفسك بالدينونة العادلة.
**********
موضوعات ذات صلة: 
الانبياء الكذبة
عندما يذبح الاخ اخيه 


**********
الهوامش 
[1]
 الكلمة المترجمة "ضلّ" في الاصل العبري
וְהַנָּבִיא כִֽי־יְפֻתֶּה וְדִבֶּר דָּבָר אֲנִי יְהוָה פִּתֵּיתִי אֵת הַנָּבִיא הַהוּא 
فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي 
וְנָטִיתִי אֶת־יָדִי עָלָיו וְהִשְׁמַדְתִּיו מִתֹּוךְ עַמִּי יִשְׂרָאֵֽל׃
وسأمد يدي عليه وابيده من وسط شعبي اسرائيل.
جاءت الكلمة في الاصل العبري (פָּתָה) = ف ت ح
وردت حوالي 28 مرة بالكتاب المقدس، وترجمت بحسب ترجمة الملك جيمس الانجليزية الى ما يلي: 

وقد جاءت نفس الكلمة في (الامثال 20: 19)
 גֹּֽולֶה־סֹּוד הֹולֵךְ רָכִיל וּלְפֹתֶה שְׂפָתָיו לֹא תִתְעָרָֽב׃
الساعي بالوشاية يفشي السر.فلا تخالط المفتّح شفتيه. 
وجاءت ايضا في (المزمور 78: 36) 
וַיְפַתּוּהוּ בְּפִיהֶם וּבִלְשֹׁונָם יְכַזְּבוּ־לֹֽו׃
فخادعوه بافواههم وكذبوا عليه بالسنتهم.
 وجاءت ايضا في (الامثال 10: 1) 
 בְּנִי אִם־יְפַתּוּךָ חַטָּאִים אַל־תֹּבֵֽא׃
يا ابني ان تملقك الخطاة فلا ترض.
وجاءت ايضا في (الامثال 16: 29)
אִישׁ חָמָס יְפַתֶּה רֵעֵהוּ וְהֹולִיכֹו בְּדֶרֶךְ לֹא־טֹֽוב׃
الرجل الظالم يغوي صاحبه ويسوقه الى طريق غير صالحة.
وجاءت ايضا في (الامثال 28: 24)
אַל־תְּהִי עֵד־חִנָּם בְּרֵעֶךָ וַהֲפִתִּיתָ בִּשְׂפָתֶֽיךָ׃
لا تكن شاهدا على قريبك بلا سبب.فهل تخادع بشفتيك.

[2]

اضغط هنا لقراءة تفسير وليم مكدونالد (تسالونيكي الثانية 2: 11)

ما معنى: صانع السلام و خالق الشر. انا الرب صانع كل هذه ؟

ما معنى قول الرب
صانع السلام وخالق الشر؟
**********

جاء في الكتاب المقدس في النبؤة التي نطق بها اشعياء مخاطبا الملك الفارسي "كورش" قول الرب له مايلي:

(1 هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي امسكت بيمينه لادوس امامه امما واحقاء ملوك احل لافتح امامه المصراعين والابواب لا تغلق. 2 انا اسير قدامك والهضاب امهد.اكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد اقصف. 3 واعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ لكي تعرف اني انا الرب الذي يدعوك باسمك اله اسرائيل. 4 لاجل عبدي يعقوب واسرائيل مختاري دعوتك باسمك. لقبتك وانت لست تعرفني 5 انا الرب وليس اخر. لا اله سواي. نطقتك وانت لم تعرفني. 6 لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها ان ليس غيري. انا الرب وليس اخر. 7 مصور النور وخالق الظلمة صانع السلام وخالق الشر. انا الرب صانع كل هذه.)

ما معنى قوله (خالق الشر)؟ هل الله يخلق الشر؟ اذا كان كذلك فلماذا اذا يحاسب الاشرار؟  

بالطبع الكلام في سياقه لا يقول بهذا الفهم، ولكن عندما تدرس الفقرة في سياقها ومفهومها الصحيح سيتم شرح المعنى، فتعال لنفهم الكلام في سياقه.

اولا: من القائل ولمن قيلت هذه العبارة؟
الكلام كما هو واضح نبؤة من الله نطق بها على لسان النبي اشعياء موجهة الى الملك "كورش" الملك الفارسي، وزمان نطق النبؤة كان في أرض اورشليم قبل السبي الذي حدث في عهد الملك "نبوخذنصر" الجد الاكبر للملك "كورش"، فالنبؤة اذا كانت محددة بصورة عجيبة اذا انها ذكرت الملك البابلي بالاسم، وبالرغم من ان الذين سمعوا النبؤة هم اليهود بني اسرائيل وليس الشعب الغازي، الا ان نبؤة النبي اشعياء قد تحققت بالتمام وقد تم اطلاق اسم "كورش" من اهله بدون معرفة مسبقة للنبؤة.

ثانيا: كان الملك "كورش" يعتقد بوجود آلهة متعددة، واله مختلف لكل شيء، وكان يعتقد بآله مختص بالخير واله آخر مختص بالشر، والله يكلم "كورش" ويقول له ليس هناك آلهة متعددة، فما تعتقد انه اله الخير واله الشر ليس لهما وجود، لان الله واحد، وانا الرب صانع كل هذه الامور التي تراها وتفسرها على انها في يد الهين الخير والشر.

ثالثا: المقصود بالخير والشر هنا ليس نوايا الانسان اي الخطية والصلاح، ولكن الظواهر الطبيعية مثل المطر والشمس والرياح والزرع والحصاد بما يمثل اله الخير،  في مقابل ما يفعله اله الشر من الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والعواصف والفيضانات والامراض. فالله الحقيقي الحيّ يكلم "كورش" وكل من يؤمن بمثله ايمانه، انه ليس هناك آلهة متعددة ولكن اله واحد حقيقي بيده مقاليد كل الامور، فهو الذي يسمح بالخير بما يسميه البعض ايضا خير الطبيعة الام ويسمح ايضا بالظواهر الطبيعية القاسية الاخرى والامراض التي يسميها البعض ايضا بشرور الطبيعة الام.


رابعا: (أنا الرب وليس اخر. مصور النور وخالق الظلمة صانع السلام وخالق الشر.انا الرب صانع كل هذه) (اشعياء 45: 6-7)
جاء في تفسير جون جيل:

: I the Lord do all these things;
and therefore must be the true God, and the one and only one. Kimchi, from Saadiah Gaon, observes, that this is said against those that assert two gods, the one good, and the other evil; whereas the Lord is the Maker of good and evil, and therefore must be above all; and it is worthy of observation, that the Persian Magi, before Zoroastres F13, held two first causes, the one light, or the good god, the author of all good; and the other darkness, or the evil god, the author of all evil; the one they called Oromazes, the other Arimanius; and, as Dr. Prideaux F14 observes
,
``these words are directed to Cyrus king of Persia, and must be understood as spoken in reference to the Persian sect of the Magians; who then held light and darkness, or good and evil, to be the supreme Beings, without acknowledging the great God as superior to both;''
and which these words show; for Zoroastres, who reformed them in this first principle of their religion, was after Isaiah's time .

كتب اشعياء قبل ظهور الفيلسوف زرادشت مؤسس الديانة الزرادشتية في القرن السادس قبل الميلاد،  ومصدرها "ايران" حاليا او "المملكة البابلية " ، وكان يخاطب الملك كورش الذي يعتقد بالهين، اله الخير صانع النور واسمه " أهورامزدا"، واله الشر صانع الظلمة واسمه "أرومازيس -أو- أهريمان"،  ويعلن له الله على لسان اشعياء انه ليس هناك الهين بل اله واحد حقيقي صانع  الكون كله بما يراه "كورش" من النور والظلمة والظواهر الطبيعية.


المزيد من التفصيل:
تفسير جون جيل
تفسير القس انطونيوس فكري
الزرادشتيه على دائرة المعارف

ابن الوعظ، الواعظ والموعظة

"ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا
الواعظ ففي الوعظ"


كان يقود سيارته الجديدة القوية على الطريق السريع حينما لمح على جانب الطريق تقف سيارة قديمة متعبة ومنهكة ووقف قائدها خارجها يطلب المساعدة من السيارات المارقة بسرعة على الطريق، فتوقف ليمد له يد المساعدة، وعرف ان السيارة القديمة قد توقفت لان البطارية قد فقدت الطاقة اللازمة لتشغيلها، فقام بايصال بطاريته الجديدة بالبطارية المنهكة بواسطة الكابل الكهربائي وقام "بشحنها" اي باعطائها شحنة كهربائية كافية لبدء تشغيل البطارية لتقوم بعملها اللازم.



عملية "الشحن" هذه أو التي كنا نقوم بها ونحن اطفال عندما نساعد رجلا توقفت سيارته "بدفعها" في الطريق حتى يستطيع قائد السيارة ان يتمم عملية تشغيل الموتور لكي يقوم بتغذية البطارية بواسطة "موّلد الطاقة" والتي تأتي في الانجليزية "Charge" أو "Exhortation" هي نفسها عملية " الدفع" أو "الوعظ" كما جاءت في اللغة اليونانية الاصلية للكتاب المقدس.[1]

هل تذكر متى آخر مرة استمعت فيها الى عظة بهذا المعنى؟  وانا اقصد انك خرجت بعد الاستماع الى الرسالة او الكلمة تشعر بأنك مبنيا متشجعا ومملوء بالتعزيات الحقيقية،  مشحونا بالطاقة والحماس للعمل، أما اذا كان ما حدث في داخلك عكس ذلك وشعرت باحباط وفشل وممتليء من الشعور بالنقص والضعف واليأس فانت لم تستمع الى عظة، لانه كما يقول الكتاب المقدس (لان الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح) (تيموثاوس الثانية 1: 7)، ولذلك فبحسب رأي المتواضع ان بعض  الواعظين الذي يعتقدون ان من واجبهم تبكيت الناس على الخطايا او على الضعفات باسلوب لا يتوافق مع فكر الكتاب المقدس، عليهم ان يعرفوا ان مهمة التبكيت على الخطية هي من مهام الروح القدس وليس من مهام الواعظ، كما يقول الرب يسوع المسيح: (7 لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق.لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي.ولكن ان ذهبت ارسله اليكم.8 ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة.) (يوحنا 16: 7-8)، وكما فهمنا من كلام الرب يسوع ان الروح المعزي هنا عندما يبكّت على خطية، فهو يقود الى التوبة والندم والخلاص وليس الفشل والعجز واليأس (لان الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة.واما حزن العالم فينشئ موتا.) (كورنثوس الثانية 7: 10)
ونعود مرة اخرى الى الواعظ، ونتعرف على مواصفاته بحسب فكر الله: (ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا. *** ام الواعظ ففي الوعظ.) (روميه 12: 6-8)



يخبرنا الكتاب المقدس عن ان الواعظ هو شخصا يمتلك موهبة من مواهب الروح القدس المذكورة في الرسالة الى اهل رومية الاصحاح 12،والرسالة الاولى لاهل كورنثوس الاصحاح 12 وقد اختلطت المفاهيم لدينا الآن عن هذه الموهبة حتى صرنا نسمي اي شخص يقف على المنبر يتكلم انه "واعظ" وانه يقول "عظة"، وتعال نتعلم:
(32 وكان لجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس واحدة.ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا. 33 وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم. 34 اذ لم يكن فيهم احد محتاجا لان كل الذين كانوا اصحاب حقول او بيوت كانوا يبيعونها وياتون باثمان المبيعات 35 ويضعونها عند ارجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج.36 ويوسف الذي دعي من الرسل برنابا (Βαρναβᾶς) الذي يترجم ابن الوعظ وهو لاوي قبرسي الجنس 37 اذ كان له حقل باعه واتى بالدراهم ووضعها عند ارجل الرسل)
(اعمال الرسل 4: 32-37)

كان أول من اطلق عليه اسم (ابن الوعظ) هو يوسف الذي باع حقله واتى بثمنه ووضعها عند ارجل التلاميذ،  اصبح يوسف يلّقب بأسم "برنابا" وهي كلمة يونانية Βαρναβᾶς Barnabas ،Stron's Number G921 ، وهي كلمة مكونة من مقطعين من اصل آرامي:
(بار= בַּר) بمعنى ابن  Stron's Number H1247 
و(ناباس) أو (نبي = נְבִיאStrong's Number H5029 
فالاسم اذا بهذا المعنى (بارناباس) الذي يترجم (ابن الوعظ) يكون ترجمته الحرفية ايضا (ابن النبي)! فما علاقة الاسمين بعضهما ببعض؟ ما علاقة موهبة "الوعظ" بموهبة "النبوة" بحسب العهد الجديد في الكتاب المقدس؟
يقول الرسول بطرس عن تحقيق وعد الله في الكتاب المقدس انه من علامات الايام المصاحبة لظهور المسيح  هي ان يتنبأ  البعض (يقول الله ويكون في الايام الاخيرة اني اسكب من روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم احلاما.) (اعمال 2: 17) اذا فمع حلول الروح القدس تكون من مواهبه التنبؤ، ويجب ان لا ننزعج كثيرا من تسمية هذه الموهبة، فالنبؤة هنا ليس لها علاقة باعطاء نبؤات جديدة عن المسيح، ولكنها تتعلق بمفهوم النبوة او عمل النبي وهي ان ينقل فكر الله الى الناس، حتى وان كانت تتعلق باحداث مستقبلية، كما نقرأ عن الانبياء ومنهم "اغابوس"  الذي تنبأ بحدوث مجاعة شديدة مما دعا التلاميذ الى جمع التبرعات الى فقراء اورشليم (سفر الاعمال 11: 27-30) ، كان "اغابوس" معروفا بلقب "النبي" وله اربع بنات عذارى كن يتنبأن ايضا، وهو الذي تنبأ لبولس انه سوف يتم القبض عليه فور وصوله الى اورشليم (اعمال 21: 9-11)، وعلى هذا فأن من مميزات الشخص الذي يتنبأ انه كما قلنا ينقل فكر الله الى الناس وعلى هذا فخدمته او كلامه يكون مليئا بالتشجيع والبنيان والتعزية، كما يقول الكتاب ايضا على لسان الرسول بولس في تشجيعه للناس ان يطلبوا الحصول على مواهب الروح القدس وبالاخص موهبة النبوة  (1 اتبعوا المحبة ولكن جدوا للمواهب الروحية وبالاولى ان تتنباوا. 2 لان من يتكلم بلسان لا يكلم الناس بل الله لان ليس احد يسمع. ولكنه بالروح يتكلم باسرار. 3 واما من يتنبا فيكلم الناس ببنيان ووعظ وتسلية. 4 من يتكلم بلسان يبني نفسه.واما من يتنبا فيبني الكنيسة.) (كورنثوس الاولى 14: 1-3)

لقد استحق "يوسف" ان يأخذ اللقب الذي اشتهر به "برناباس" الذي يترجم "ابن الوعظ" اي (ابن النبي) لعلمه في التشجيع والتعضيد للمحتاجين من حوله، فقد كان "برنابا" ابعد ما يكون عن صفات "الواعظ" بحسب مفهومنا وتفسيرنا نحن، فنحن نقرأ انه عندما كان "برنابا" هو اول من وضع ثقته في "بولس" وقام بتقريبه وتقديمه للتلاميذ والاخوة (26 ولما جاء شاول الى اورشليم حاول ان يلتصق بالتلاميذ.وكان الجميع يخافونه غير مصدقين انه تلميذ.27 فاخذه برنابا واحضره الى الرسل وحدثهم كيف ابصر الرب في الطريق وانه كلمه وكيف جاهر في دمشق باسم يسوع.)(اعمال الرسل 9: 26-27)) "برنابا وبولس" معا في الخدمة (ثم خرج برنابا الى طرسوس ليطلب شاول.ولما وجده جاء به الى انطاكية.) (اعمال 11: 25) وكان دائما "بولس" هو المتقدم في الكلام، (فكانوا يدعون برنابا زفس وبولس هرمس اذ كان هو المتقدم في الكلام.) (اعمال 14: 12) ، ونقرأ ايضا في سفر اعمال الرسل  الاصحاح 11، انه عندما عندما تشتت التلاميذ الاوائل بعد رجم استفانوس واضطهادهم في اورشليم خرجوا الى الشتات، وبدأت خدمتهم تزدهر في انطاكية، فارسلوا اليهم "برنابا" الذي ما ان جاء الى انطاكية ورأي الخدمة المزدهرة في اوج قمتها واحتاج الى مساعدة في الوعظ والتعليم ذهب ليطلب "بولس"  ( 22 فسمع الخبر عنهم في اذان الكنيسة التي في اورشليم فارسلوا برنابا لكي يجتاز الى انطاكية. 23 الذي لما اتى وراى نعمة الله فرح ووعظ الجميع ان يثبتوا في الرب بعزم القلب. 24 لانه كان رجلا صالحا وممتلئا من الروح القدس والايمان. فانضم الى الرب جمع غفير 25 ثم خرج برنابا الى طرسوس ليطلب شاول. ولما وجده جاء به الى انطاكية.) (اعمال الرسل 11: 22-25).
هذا هو عمل الواعظ الحقيقي، التشجيع والتشجيع ثم مزيد من التشجيع، والتواضع امام اصحاب المواهب الاخرى، فكما يقول الكتاب المقدس (4 فانه كما في جسد واحد لنا اعضاء كثيرة ولكن ليس جميع الاعضاء لها عمل واحد 5 هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح واعضاء بعضا لبعض كل واحد للاخر. 6 ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا.انبوة فبالنسبة الى الايمان. 7 ام خدمة ففي الخدمة.ام المعلم ففي التعليم.8 ام الواعظ ففي الوعظ.المعطي فبسخاء.المدبر فباجتهاد.الراحم فبسرور.) (رومية 12: 4- 8)
كلمة وعظ
كان "برنابا" له ابن اخت اسمه (يوحنا أو مرقس) (كولوسي 4: 10) وهو الذي كانت التلاميذ يجتمعون في بيت امه للصلاة والاجتماع (بيت مريم ام يوحنا الملقب مرقس حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلّون.) (اعمال 12: 12)، وقد اشترك "مرقس" في الخدمة الكرازية مع "برنابا" و"بولس" ( 24 واما كلمة الله فكانت تنمو وتزيد.25 ورجع برنابا وشاول من اورشليم بعد ما كملا الخدمة واخذا معهما يوحنا الملقب مرقس) (اعمال 12: 24-25)، وبدأ "مرقس" في مرافقة  خاله "برنابا" و"بولس" في رحلتهما الكرازية المشهورة بالرحلة الكرازية الاولى، ولكن يبدو ان "مرقس" كان حديث السن[2]، فلم يحتمل الرحلة الطويلة وفارق المجموعة في منتصف الطريق وعاد الى اورشليم  (13 ثم اقلع من بافوس بولس ومن معه واتوا الى برجة بمفيلية.واما يوحنا ففارقهم ورجع الى اورشليم. 14 واما هم فجازوا من برجة واتوا الى انطاكية بيسيدية ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا.15 وبعد قراءة الناموس والانبياء ارسل اليهم رؤساء المجمع قائلين‏ ايها الرجال الاخوة ان كانت عندكم كلمة وعظ للشعب فقولوا. 16 فقام بولس واشار بيده وقال ايها الرجال الاسرائيليون والذين يتقون الله اسمعوا.) (اعمال 13: 13-16)


لقد علمّنا ايضا  "برنابا" ابن الوعظ،  اعظم الدروس في التشجيع والوعظ عندما كان مترفقا على "مرقس" وقت ضعفه وتخاذله عندما ترك الرحلة الكرازية الاولى لبولس وبرنابا، ورجع من منتصفها، حتى انه في الرحلة الثانية الافتقادية حدث اختلاف بين الرفيقين "بولس" و"برنابا" على موقفهما من "مرقس" ( 36 ثم بعد ايام قال بولس لبرنابا لنرجع ونفتقد اخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم. 37 فاشار برنابا ان ياخذا معهما ايضا يوحنا الذي يدعى مرقس. 38 واما بولس فكان يستحسن ان الذي فارقهما من بمفيلية ولم يذهب معهما للعمل لا ياخذانه معهما.39 فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق احدهما الاخر.وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحر الى قبرس. 40 واما بولس فاختار سيلا وخرج مستودعا من الاخوة الى نعمة الله. 41 فاجتاز في سورية وكيليكية يشدد الكنائس) (اعمال 15: 36-42)

يوسف الذي اخذ لقب (برنابا) والذي يترجم (ابن الوعظ) جاء الاسم في اليونانية كما يلي:
 υἱὸς παρακλήσεως 
son of consolation
الكلمة هي : παρακλήσεως = باراكليسيس = paraklēsis
وتترجم الى : تعزية (لوقا 2: 25)  او اجتهاد او نشاط (كورنثوس الثانية 8: 17) 
وتمت ترجمتها بحسب الملك جيمس الى مايلي:

نشكرالله من اجل "برنابا" ابن الوعظ، حيث انه قدم لنا هذه المحبة والخدمة الحقيقية في تشجيع ووعظ "مرقس" الذي استرد عافيته الروحية والكرازية مرة اخرى، فنجد بولس يكتب شهادة عنه في سجنه الاخير في رسالته لتيموثاوس (لوقا وحده معي. خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لي للخدمة. (تيموثاوس الثانية 4: 11)، او في رسالته الى كولوسي حيث يذكره مصاحبا له في سجنه برغم الخطر والتهديد بالقبض عليه ايضا (يسلم عليكم ارسترخس المأسور معي ومرقس ابن اخت برنابا الذي اخذتم لاجله وصايا. ان أتى اليكم فاقبلوه.) (كولوسي 4: 10) لقد اصبح الخادم المرفوض والذي لا يثق به احدا شجاعا وثابتا ونافعا للخدمة مع واحد من اعظم رسل المسيح، بل ان "مرقس" نفسه كتب بشارة تعرف باسمه، وكرز باسم المسيح خادما وشاهدا في بلاد عديدة ومنها كما نعرف بالطبع "مصر" التي تفتخر بأنها قبلت المسيح بخدمة الرسول "مرقس"، وشكرا للرب الذي ارشد وقاد "برنابا" ليكون واعظا بالحق والقدوة، ليقيم الضعيف والمنكسر ويسدد احتياجات الاخوة بعدما باع الحقل الذي يمتلكه واعطاه تحت اقدام الرسل والاخوة. 
والان عزيزي الواعظ، هل تستطيع ان تقتبس لنا من الكتاب المقدس "عظة كلامية" من اشهر من تلقبوا بانه "ابن الوعظ"؟ أم انك ستجد ان "ابن الوعظ" كان يعيش حياة التشجيع لكل من حوله باقل القليل من الكلمات؟ الا يعطينا هذا درسا في كيف نعظ بالكلام او بالقدوة؟

*******************
الهوامش: [1]
 ὁ παρακαλῶν ἐν τῇ παρακλήσει  
 ho - parakalwn - en - te - paraklhsei 
 THE - BESIDE CALLING - on - THE BESIDE CALLing
he that exhorteth, on exhortation

[2] يخبرنا التقليد المسيحي الاول، وكثير من دارسي الكتاب المقدس ان الشاب الذي كان يكتب عنه "مرقس" في بشارته (مرقس 14: 48-52)، والذي كان يراقب عن بعد التلاميذ ويسوع في بستان جسثيماني، والذي هرب فزعا وقت القبض على يسوع، هو نفسه "مرقس" عندما كان صبيا في حداثته يتابع ما يدور في بيت خالته الذي يجتمع فيه التلاميذ والرب يسوع للصلاة. 


للمزيد ترجمات اخرى باللغة الانجليزية (رومية 12: 8)

مقــالات ســابقــة