عزيزي القاريء / عزيزتي القارئة
أضع هنا هذه السلسلة من سبعة مقالات للرد على السؤال المطروح دائما : هل إسرائيل هو شعب الله المختار ؟ وهل كان هو الشعب في زمن مضى والان تم استبدال هذا الشعب بالكنيسة الان ؟ أم لا زال الشعب اليهودي هو الشعب المقصود بنفسه في الكتاب المقدس فيما ورد ذكره بالعهد القديم ؟ وماذا عن وعود وعهود الله لهم في العهد القديم ؟ هل بدل الله رأيه ؟ هل لدينا في المسيحية الناسخ والمنسوخ ؟
كل هذه الاسئلة سنحاول ان نتناول الرد عليها في هذا الرد الذي أعتذر مسبقا عن طوله ولكني بالفعل حاولت الاختصار بقدر الامكان حتى لا يكون اختصارا مخلا بالمحتوى
قال أحدهم : لو حد قالك اسرائيل شعب الله المختار ، قل له " لم تقرأ بعد كلمات المسيح "
وبعض النظر عن اسم القائل ، فهذا اصبحا فكرا سائدا ، وحتى لا نجعل الموضوع خلافا شخصيا ، فسوف نقوم بالرد على الفكرة والتعليم نفسه ، ذلك لأنني بالحقيقة ارتعب من فكرة أني لم اقرأ كلمات المسيح ، أو لم ادرس كلمات وفكر الكتاب المقدس ، ولهذا سأحاول معا في بعض الردود (احاول ان اجعلها قصيرة قدر المستطاع) نرى من الذي قرأ ومن الذي لم يقرأ كلمات المسيح والكتاب ، هل اسرائيل شعب الله المختار ؟ أم ان الكتاب المقدس يقول عكس ذلك ؟ مع الأخذ في الاعتبار اننا لن نقتبس بصورة مبتورة كلمات المسيح ، والا فإن المسيح قال (فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى ١٥: ٤
قراءة قاصرة مبتورة مثل هذه تجعلنا جميعا خارج دائرة اهتمام وارسالية المسيح ، أليس كذلك ؟ اذا لابد وان نقرأ الكلام في سياقه ، هذا اولا
ثانيا : يجب ان نتعلم قراءة النص العربي بصورة لغوية صحيحة ( فضلا عن دراسة النص في لغته الاصلية العبرية او اليونانية ) وهذا صعب على كثيرين ويحتاج وقت وجهد وتعليم ، ولذلك سوف نكتفي هنا بقراءة النص العربي (المترجم) واذا احتاج الامر الرجوع إلى اللغات الاصلية بالضرورة ، فلن نتأخر
مثال على الخلط في فهم اللغة العربية : الفرق بين يغيّر ( بمعنى يبدل) ويغيّر ( بمعنى يجعله يغار او غيران ) وهنا يجب ان نرجع الكلمة إلى اصلها الثلاثي للكشف عنها في المعاجم ونعرف المعنى
معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي
غَيَّرَ: (فعل)
غيَّرَ يغيِّر ، تغييرًا ، فهو مُغيِّر ، والمفعول مُغيَّر
غَيَّرَه: جعله على غير ما كان عليه
غَيَّرَ الشيءَ: بدَّل به غيره
غيّر الحديثَ: غيَّر مجراه وبدَّله،
غيّر جلدَه: تحوّل، تغيَّر،
غيّر مسارَه: توجّه وجهة غير التي كان يقصدها،
غيَّر نَغَمَته: بدّل أسلوبَه في الكلام
غَيَّرَ فلانٌ عن بعيره: حطَّ عنه رحلَه وأَصلح من شأْنه
اما الكلمة الثانية
غارَ: (فعل)
غارَ على / غارَ من يَغَار ، غَرْ ، غَيْرةً ، فهو غيرانُ / غيرانٌ وغائر والجمع : غَيَارى وهو وهي غَيُورٌ والجمع : غُيُر وهو غَيَّار، وهي غَيّارة وهو وهي مِغيار والجمع : مغايير، والمفعول مَغِيرٌ عليه
غار الرَّجلُ على امرأته: ثار من الحميّة وكرِه شركة غيره في حقّه، ثارت نفسُه لإبدائها زينتها ومحاسنها لغيره، أو لانصرافها عنه إلى آخر
لماذا اقول هذه المقدمة الطويلة : هذا ما سوف أشير إليه في المقالة التالية ، ان شاء الرب وعشنا
هل اسرائيل هو شعب الله المختار ؟
المقالة الأولى :
بين كان ومازال وسيظل ، أو نفي كل ذلك ، وهل اختاره الله فعلا ؟ ولماذا ؟ نستكمل الكلام وكنت بدأت في المقالة السابقة تمهيد في أنه يجب ان نعرف مفاتيح اللغة حيث أنها المحتوى الذي ينقل الفكرة ( فكر الله في الكتاب المقدس ) ، وسأحاول قدر استطاعتي ان اجعل المقالات قصيرة حتى لا يمل القاريء ولكنها بالتالي سوف تكون مقالات متعددة فسامحوني مسبقا وأرجو وأتمنى الا يمل القاريء لأنني أعول على مداخلاتكم لتصحيح ما ترونه خاطئا ( كتابيا) أي لا يوافق فكر الكتاب المقدس ، وأنا أعدكم أنني على استعداد تام وكامل لتغيير الفكر ( إذا ما اثبتم لي خطأه ) .
انتهينا المقالة السابقة إلى ان هناك فرق بين ( يغيّر بمعنى يبدل ) وبين ( يغيّر بمعنى يجعله يغار او يثير غيرته) ، لماذا اقول هذا الكلام في هذا الموضوع ؟
لأن المعترضون يستخدمون بعض شواهد أو مقاطع الكتاب المقدس مقتطعة من سياقها للتدليل على فكرتهم ، وهذا قلب وأساس الموضوع ، انه يجب ان نفهم الكلام كله في سياقه ، وحيث أنني سوف استخدم (رسالة الرسول بولس إلى رومية الاصحاح ١١ ) وحيث ان بولس لديه اسلوب خاص به في الرسائل وهو اقامة حوار افتراضي بينه وبين شخص آخر فيقوم بطرح الفكرة على لسان المعترض ثم يقوم بالرد عليها وتفنيدها ، فاذا اخذت الكلمة من كلام بولس وهو يقولها في الشكل الحواري على لسان المعترض ونسبتها إلى بولس وإلى ايمانه فأنت هنا تكون إما جاهل (وانا لا اشتم ولكن اصف ) أو تحاول ان تخدع المتلقي وهذا وصف مهذب للكذب .
لقد بدأ المقال يطول بالفعل ، ولكن كان لابد من تجهيز القواعد الاساسية التي سوف نقيم عليها البناء ( موضوع المناقشة) ، وندخل مباشرة إلى موضوع ( يغّير) ، لقد جاءت الكلمة في رسالة بولس إلى رومية الاصحاح ١٠ ، حين كتب :
( لكِنِّي أَقُولُ: أَلَعَلَّ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَعْلَمْ؟ أَوَّلاً مُوسَى يَقُولُ: «أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ».) (رومية ١٠ : ١٩)
هذه الكلمة ( أغيركم ) هي كلمة محورية إذا أسيء قراءتها رغم انها باللغة العربية ولا اتكلم عن ( اليونانية أو العبرية ) من جيل أصبح لا يعرف الفرق بين اضافة (حرف الهاء وحرف التاء آخر الكلمة ) فيكتب مثلا (علية مكان عليه ) وفرق شاسع بينهما ولا يعرف .
وهكذا الكلمة اعلاه لا تقول (أغيركم ) بمعنى ابدلكم او اضع أمة أخرى او شعبا آخر ، ولكنه يقول (أغيركم ) بمعنى اثارة الغيرة والاحساس بفقد الحبيب . هل وضح الفرق الآن (اكلم من لا يعرف اللغة ولا يهتم بالفرق بين اصل الكلمة المكون من ( ثلاث حروف = غ ي ر ( أو) غ ا ر ) ولكن حين يتم البناء على الكلمة الأصل ووضع الضمائر وحروف الجمع وحروف الاضافة لها ربما تصبحان نفس الشكل ، ولكن التشكيل هو ما يعطي المعنى ( اتمنى ان لا اكون اجعل الامر اكثر تعقيدا )
الان : لماذا يتكلم بولس في أن قصد الله هو اثارة غيرة شعب اسرائيل ؟ ما هي العلاقة الان بين الحب والغيرة وهي علاقة خاصة بين الرجل وامرأته وما بين الكلام الدائر عن العلاقة بين الله وشعب اسرائيل ؟
هذا ما يجب ان نعرفه ونحن ندرس رومية ١١ ، وادعوكم جميعا لقراءتها مسبقا ، ومحاولة الرجوع إلى اقتباسات بولس من العهد القديم والتفريق في كلام بولس بين ما يضعه على لسان المعترض لكي يقول بالرد عليه وبين كلام بولس عن ايمانه وقناعته الكتابية .
ورسالة رومية لمن لا يعرف هي رسالة بولس يناقش فيها جدل كان دائرا في ذلك الوقت بين الأمم واليهود ، او لنقل بطريقتنا الحالية بين هل اسرائيل هو شعب الله ، أم ان الأمم الذين آمنوا بالمسيح هم من اصبحوا شعب الله ؟ وهل اصبحوا شعب الله بالتبديل ؟ اي انهم اخذوا مكان اسرائيل فرفض الله شعبه القديم وقام بتبديله بشعب آخر ؟ ( كما يقول المعترضون باستخدام نص كتابي منزوع من سياقه حين يقولون ان قول المسيح ( لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.) (متى ٢١ : ٤٣ ) كان يقصد به الأمة اليهودية = شعب اسرائيل ؟
فهل كان المسيح فعلا يقصد به شعب اسرائيل ؟ ولم يعد اسرائيل شعب الله ؟ هل رفض الله شعبه اسرائيل ؟ ولماذا اختار الله شعب اسرائيل قبل كل هذا وذاك ؟
هذا ما سوف نستكمله في المقال التالي ان شاء الرب وعشنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا حول الموضوع نفسه، حتى وان اختلفت معي يبقى الود والحب الشخصي مع كل انسان .
ملحوظة: يسمح حتى بسب وشتم الكاتب ، أما الأم أو الاب او باقي اعضاء العائلة ، فلن يسمح بنشرها ، لهذا السبب فقط يتم الاشراف على التلعيقات ونشرها بعد مراقبتها .
أي تعليق خارج الموضوع لن يسمح بنشره لعدم التشتيت والاحتفاظ بالنظام، شكرا لتفهمك. الرب يبارك حياتك