من اقوال الرب يسوع المسيح

***** *** لا تضطرب قلوبكم.انتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. *** اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل *** لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. *** لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سرّ ان يعطيكم الملكوت. *** وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا.كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا. *** كما احبني الآب كذلك احببتكم انا.اثبتوا في محبتي.*** تعالوا اليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم *** الى الآن لم تطلبوا شيئا باسمي.اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ***اسألوا تعطوا.اطلبوا تجدوا.اقرعوا يفتح لكم. *** هانذا واقف على الباب واقرع.ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي . *****

من هم أبناء الله وبنات الناس المذكورين في تكوين ٦ : ١ - ٤

من هم أبناء الله وبنات الناس المذكورين في تكوين ٦ : ١ - ٤ 

وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ، وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ،2 أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا.3 فَقَالَ الرَّبُّ: «لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ، هُوَ بَشَرٌ. وَتَكُونُ أَيَّامُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً».٤ كَانَ فِي الأَرْضِ طُغَاةٌ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَبَعْدَ ذلِكَ أَيْضًا إِذْ دَخَلَ بَنُو اللهِ عَلَى بَنَاتِ النَّاسِ وَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلاَدًا، هؤُلاَءِ هُمُ الْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ ذَوُو اسْمٍ.




هناك ثلاث تفسيرات رئيسية للاجابة على هذا السؤال وتتلخص في الآتي :
اولا : هم ملائكة ساقطة اتخذوا صورة بشر وتزوجوا من بنات الناس 
ثانيا: هم أبناء شيث ويشار إليهم أبناء الله للتفرقة بينهم وبين أبناء قايين 
ثالثا: هم طغاة وجبابرة الأرض. 

وللاجابة على هذا السؤال ، وقبل أن نبدأ في الترجيح او استبعاد أي من الافتراضات السابقة يجب ان نعرف أن تعبير (أبناء الله ) أو ( بنو إلوهيم ) بحسب النص العبري ، قد ورد في مواضع أخرى في العهد القديم العبري ورد التعبير بنصه (بالاضافة إلى تكوين ٦: ٢) في المواضع الآتية :

 دانيال ٣: ٢٥    (לְבַר־אֱלָהִֽין) جمع (إيلاه)  (אֱלָהּ)
 مزمور ٢٩: ١    (בְּנֵי אֵלִים) (بنو إيليم ) جمع (إيل) (אֵל)
 مزمور ٨٢: ٦   (وهذا النص يتجاهله مؤيدو تفسير بأنهم الملائكة الساقطين)

والحقيقة أنني لا أوافق  الاتجاه الكبير والمتزايد لتبّني التفسير الذي يقول أنهم ملائكة ساقطين ، بناء على الفهم القائل أن ابناء الله هم الملائكة في المواضع الأخرى التي تم ذكرها سابقا، ( فيما عدا مزمور ٨٢) والذي لا يذكره مؤيدو ذلك التفسير وسوف نتكلم عن هذا بالتفصيل لاحقا . 

أما مؤيدوا التفسير بأنهم ملائكة ساقطين فيقومون بالتدليل على ذلك بالاشارة إلى اقتباسين من العهد الجديد وأيضا يفسرون أنها تتكلم عن نفس الحادثة ، اما الاقتباس الاول فهو من رسالة بطرس الثانية ٢: ٤- ٧  والاقتباس الثاني من رسالة يهوذا العدد ٦  ، بل ويذهبون إلى الرد على المعترضين بقول الرب يسوع أن ملائكة السماء لا يزوجون ولا يتزوجون الذي قاله في متى ٢٢: ٣٠  بأن الرب يسوع يقصد ملائكة السماء وليس الملائكة الساقطين !!

والان دعونا نفند هذا التفسير قبل أن نحاول الاجابة على السؤال الأساسي ،ونبدأ بتفنيد الرأي السابق  ونقول فهل لم يكن الملائكة الساقطين موضوع سفر التكوين ٦: ٤ في حالة ملائكة السماء حينما ارادوا الزواج من بنات الناس لانهن حسنات في نظرهم ، مما أثار لديهم (بطريقة ما) الشهوة الجنسية التي جعلتهم يتخذون صورة الناس في اجساد بشرية ذكورية ؟ ، إن هذا التصور خطير يجعلنا نشك حتى في ملائكة السماء غير الساقطين لربما يسقطوا في الشهوة الجنسية اذا ما رأوا احدى النساء العاريات وهي تستحم مثلا ؟!

نعم أن لفظة (ابناء الله أو بني إلوهيم) هو تعبير قد يكون تفسيره الملائكة كما سنرى فيما بعد ( بناء على بعض التفاسير ) ، ولكن هل هذا التفسير هو الوحيد والذي يجب أن نطبقه دون أدنى تفكير او اعتبار ؟  هذا ما سوف نناقشه هنا ونبدأ بالقول بأن تفسير النص مجال البحث هنا  بأنهم ملائكة ساقطين يثير الاسئلة أكثر مما يجيب عن السؤال ، فمثلا التفسير يزيد من الاسئلة بالقول : 

اولا: تعبير (بنو الله أو بنو الوهيم ) أعتقد شخصيا أنه تعبير يختص بالبشر وليس بالملائكة ، ففي العالم الروحاني ليس هناك الا ابن واحد هو ابن الله الوحيد (  اَلَّذِي   يُؤْمِنُ   بِهِ   لاَ   يُدَانُ،   وَالَّذِي   لاَ   يُؤْمِنُ   قَدْ   دِينَ،   لأَنَّهُ   لَمْ   يُؤْمِنْ   بِاسْمِ   ابْنِ   اللهِ   الْوَحِيدِ.  ) ( يوحنا ٣: ١٨)  ، نعم نحن أيضا نصبح أبناء الله ولكن بالتبني ، اي عن طريق الايمان بابن الله الوحيد (وَأَمَّا   كُلُّ   الَّذِينَ   قَبِلُوهُ   فَأَعْطَاهُمْ   سُلْطَانًا   أَنْ   يَصِيرُوا   أَوْلاَدَ   اللهِ،   أَيِ الْمُؤْمِنُونَ   بِاسْمِهِ. ) (يوحنا ١: ١٢)
ثانيا: قرأنا سابقا أن سقوط ابليس (الحية القديمة ) قد أخذ معه ثلث قوات الملائكة (راجع رؤيا ١٢ : ٤ - ٩ )
فهل سقوط الملائكة حدث مرة واحدة قبل إغواء آدم ، ام انه حدث اكثر من مرة وهذه هي إحدى المرات ؟ وعلى هذا فلماذا لم نسمع عن تكرار هذه الحادثة مرة أخرى حيث أن نتاج هذا التزاوج قد تم القضاء عليه في الطوفان ؟ 
ثالثا: لماذا يتم تصوير (بني إلوهيم) على إنهم ملائكة في صورة ذكورية سواء قبل إتخاذ صورة الناس او بعدها ، حيث أنهم أشتهوا الاناث ، وكيف يشتهي الملائكة إناث البشر وهم في الحالة النورانية قبل أن يكون لهم جسدا إنسانيا ؟ 
رابعا: كيف أتخذ هؤلاء الملائكة صورة بشرية ، هل بقوتهم الخاصة ؟ او بقوة ابليس ، او بقوة الله نفسه ؟ ولماذا يسمح لهم الله بأن يعطيهم هذا الاذن او هذه القدرة في التحول ؟ واذا كان هذا هو الحال ، فلماذا لا تتكرر هذه الحوادث ؟ هل توقف الله عن اعطاء الاذن والسماح ؟ ولماذا اعطاهم في السابق فقط ؟ 
خامسا: لماذا يتم معاقبة البشر بنو الناس على غلطة ملائكة ؟ فنحن نقرأ عن غضب الله بالطوفان كان في اتجاه بني البشر فقط وتصورات قلبه التي كلها شر وهو تطور مباشر لغلطة بنو الله الذين تزوجوا بنات الناس (راجع تكوين ٦ ) ، فاذا كانوا ملائكة ساقطين ، فلماذا تم معاقبتهم مباشرة هنا بالطوفان ومعهم كل البشر ما عدا نوح وعائلته ؟ ، ولماذا انتظر على عقاب ملائكة ساقطين آخرين بخطيئة الكبرياء مع إبليس (الحية القديمة) ومحاولة رفع كرسيه فوق كرسي العلي وتم تأجيل عقابهم لنهاية الايام ؟ 


والآن نستعرض بعض أقوال المفسرين الذين تطرقوا إلى الموضوع ، ثم نضع الرأي المستخلص من الجميع ثم نختم .

عن موقع الكتاب المقدس (injeel.com) يقول وليم مارش 

أَبْنَاءَ ٱللهِ وفي العبرانية «بني إلوهيم» وتُرجمت بثلاثة معانٍ الأول وهو ما في التفاسير اليهودية الشرفاء أو أرباب الرتب العالية. والثاني الملائكة ويعضد هذا ما جاء في رسالتي يهوذا وبطرس (يهوذا 6 و2بطرس 2: 4) لكن ذلك مع هذا غير محقق وبعيد عن التصديق لأن الملائكة لا يتزوجون ولا يزوجون. والثالث وهو الذي عليه الجمهور إنهم أبناء شيث وإنهم تزوجوا من تزوجوا لمجرد الشهوة ففسد النسل. وإن «بنات الناس» بنات قايين. ولكن لم يبينوا كيف كان مواليد هؤلاء جبابرة. وقال مفسرو اليهود والعارفون أسرار اللغة العبرانية إنه لا يُراد بأبناء إلوهيم (على ما في الأصل العبراني) الصالحون أو الأتقياء فإن معنى إلوهيم الأقوياء وهذا المعنى لا ينفك عن هذه اللفظة (انظر خروج 15: 11 وقابله بما في خروج 12: 12 و21: 6 و22: 8 و 9 و1صموئيل 2: 25) وجاء أبناء إلوهيم في سفر أيوب بمعنى الشرفاء (أيوب 1: 6) وفي المزامير بمعنى الأقوياء أو الأشداء (مزمور 29: 1). ومن هؤلاء الأبناء الجبابرة. قال بين سمث قبل الجواب على هذه المسئلة أوجه الأفكار إلى قصد الكتاب «ببنات الناس» فأقول إنه على ما في الأصل العبراني «لما ابتدأ آدم يكثر وولد لهم بنات إن أبناء الله رأوا بنات آدم... فاتخذوا لأنفسهم نساء». وعلى قاعدة التفسير الصحيحة يكون بنات آدم في الآية الأولى هن بنات آدم في الآية الثانية وهن اللواتي اتخذهن أبناء الله زوجات ولا يُنكر أن المقصود بآدم هنا الشيثيون. وجاءت هذه العبارة على أثر بيان نسب نوح إلى آدم. والكلام على قايين كان قد انتهى حتى إن شيث ذُكر بناء على أنهم أقوياء شهوانيون وانتهى تاريخهم. فآدم الذي قيل في الآية الثالثة إن روح الله لا تدين فيه هو الشيثيون الذين مع كونهم الشعب المختار الذي صارت البكورية إليه سقطوا وسلكوا في سُبل الشر. وصاروا إلى غاية الفساد بناء على فساد نسائهم باقترانهن برجال فوقهن قوة وشجاعة ومعرفة بالحرب وصنع أدواتها. ومن هؤلاء الرجال الأقوياء إنهم هم أولاد قايين لا محالة. فإننا رأينا في (ص 4: 17 - 24) إن قايين مؤسس الهيئة المدنية والحياة الاجتماعية والاسم الذي سمى ابنه به يدل على إن نسله كان مدرباً فإن القايينيين تقدموا تقدماً سريعاً في الصناعة والغنى والمدنية والريع والجندية والكبرياء وأخذوا يظهرون بسالتهم وعجبهم قدام أزواجهم الشيثيات حتى تعجب بهم. وكفاك دليلاً على ذلك شعر لامك الحماسي الذي أبان فيه إن قوته أحد عشر ضعفاً من قوة جده قايين لأن قوة قايين كانت سبعة وقوته سبعة وسبعين (ص 4: 24). فخالط أبناء القايينين أخوالهم وأولاد أخوالهم الشيثيين ففسدوا جميعاً. فخلاصة قول بين سمث إن أبناء الله هم سلالة قايين وإن أبناء الله على ما تفيد اللغة العبرانية هم الأقوياء وإن بنات الناس هم بنات سلالة شيث.

وعن نفس الموقع السابق يقول وليم ماكدونالد 

يوجد تفسيران رئيسان للآية 2، الأول: أن بني الله هم الملائكة الذين تركوا دائرتهم اللائقة بهم (يهوذا 6) وتزاوجوا مع نساء على الأرض. وهو نوع من الفوضى الجنسية، مكروه جدًا لدى الله. والذين يتبنون هذا الرأي يشيرون إلى أن تعبير “أبناء الله” في أيوب 1: 6؛ 2: 1 يعني الملائكة الذين لهم حق الاقتراب إلى حضرة الله. أيضًا تسمية الملائكة “أبناء الله” مصطلح سامي مألوف. والنص الوارد في يهوذا 6، 7 يفترض أن الملائكة الذين تركوا مسكنهم كانوا متورطين في خطية جنسية، لاحظ الكلمات: «كما أن سدوم وعمورة » في بداية الآية 7 مباشرة بعد وصف الملائكة الساقطين. الاعتراض الرئيس على هذا الرأي أن الملائكة لا يتواصلون جنسيًا - على قدر علمنا. وقد علَّمنا الرب يسوع في متى 22: 30 أن الملائكة لا يتزوجون، وعادة يُستخدم هذا النص لبرهنة ذلك. أما حقيقة ما تقوله الآية فهو أن الملائكة في السماء لا يتزوجون ولا يزوجون. ظهر الملائكة في صورة بشرية لإبراهيم (تكوين 18: 1-5)، ويبدو من النص أن الملاكين اللذين ذهبا إلى سدوم كانا لهما هيئة بشرية وعواطف. أما الرأي الثاني فهو أن أبناءالله هم نسل شيث التقي وأن بنات الناس هن ذرية قايين الشريرة. والمجادلة تدور كالآتي: النص السابق يتناول نسل قايين (أصحاح 4) ونسل شيث (أصحاح 5). تكوين 6: 1-4 يصف التزاوج بين هذين النسلين. أما كلمة ملائكة فلا ترد في النص. والاعداد  3، 5 تتكلمان عن شر الإنسان. فإذا كان الملائكة هم المخطئون فلماذا يُباد الجنس البشرى؟ فضلا عن أن الأتقياء رجال الله كان يطلق عليهم “أبناء الله”، رغم أن الكلمات التى تصفهم في العبرية تختلف عن تلك الواردة في تكوين 6: 2 (انظر تثنية 14: 1؛ مزمور 82: 6؛ هوشع 1: 10؛ متى 5: 9). غير أنه توجد مشاكل عديدة تعترض هذا الرأى: لماذا كان كل نسل شيث من الرجال أتقياء بينما كانت كل بنات قايين شريرات؟ كما أنه لا يوجد دليل أن أبناء شيث استمروا أتقياء. إذا استمروا أتقياء، لماذا لزم أن يبادوا؟ أيضًا لماذا أثمر هذا التزاوج بين الرجال الأتقياء والنساء الشريرات عن عمالقة؟
 
وعن نفس الموقع يقول تشارلز ماكنتوش 

هنا يبدأ قسم جديد من أقسام هذا السفر: قسم له أهمية عظمى ويمتاز أيضًا عما سبقه بعدم وجود أخنوخ الذي كان قد مضى عن العالم بعدما انتهت غربته على الأرض وسيره فيها بالإيمان مع الله الذي نقله إلى السماء. وذلك قبل ان يكمل مكيال شر الإنسان وينصب غضب الله على الأرض. ومما نقرأه في العددين الأولين من أصحاحنا السادس هذا، نتبيَّن ان انتقال اخنوخ لم يؤثر على العالم قط، ولا أثر فيه سيره مع الله. «وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات ان ابناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا» (ع 1). والمقصود بأبناء الله هم نسل شيث ـ النسل الروحي ـ كما ان المقصود ببنات الناس هم نسل قايين ـ النسل الجسدي. في البداية كان النسلان غير مختلطين كما رأينا في الأصحاحين الرابع والخامس. لكن مع الوقت رق سور الانفصال واختلط النسلان بالزواج والمصاهرة ـ وها نحن نرى نتاج هذا الزواج.ان اختلاط ابناء الله مع بنات الناس شر؛ ومزج ما هو من الله بما هو من الإنسان من ضمن وسائل الشر التي يستخدمها الشيطان لافساد شهادة المسيح على الأرض، ولو أن هذا التسامح أو التجاوز يأخذ أحيانًا شكلاً مقبولاً فيظهر وكأنه وسيلة لنشر حق الله؛ يوهم الساعي إليه أنه يؤول إلى امتداد ملكوت الله. ألا أن حكمنا في ذلك يجب أن يكون من الوجه الذي ننظر إليه؛ أما من الوجهة الإلهية فلا يمكن ان نتصور أقل فائدة لاختلاط شعب الله بأهل العالم، أو امتزاج حق الله بأفكار البشر ـ لأن نشر الحق أو نجاح المبشرين به لا يقوم بمشاكلة من يجب ان نشهد ضدهم؛ والمبدأ الإلهي الصحيح هو الانفصال عن الشر، فلا يمكن المحافظة على سلامة الحق بدون هذا الشرط.وماذا كانت نتيجة هذا الزواج المختلط، بين ابناء الله وبنات الناس؟ «إذ دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولاًا، هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم» لكنهم في حكم الله لم يكونوا كذلك، لأنه لا ينظر بعين الإنسان، وأفكاره ليست أفكارنا؛ بل كانوا إلى جانب طبقة أخرى هم طبقة ”الطغاة“ الذين كانوا في الأرض سببًا في أن «شر الإنسان قد كثر في الأرض» وهذه هي النتيجة لاختلاط المقدسين بالنجسين ـ وهي قاعدة دائمة ـ فإذا لم يحافظ النسل المقدس على طهارته، فلابد ان تبطل شهادته على الأرض، ويهمنا جدًا أن يفهم القاريء الهدف من اختلاط ”ابناء الله“ مع ”بنات الناس“ والنتيجة الحتمية لهذا الاختلاط؛ إذ يوجد في الوقت الحاضر خطر شديد يهدد سلامة الحق بسبب هذا التساهل، خطر يجب الأحتراس منه. والأتحاد ـ مهما كان جميلاً في ذاته ـ لا يجوز للمسيحي ان يُضحي بالحق في سبيله.«فقال الرب لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد لأنه بشر ”أو جسد“ وتكون أيامه مائة وعشرين سنة» 

عن موقع 
biblestudytools.com
John Gill
يقول جون جل
(الترجمة بتصرف)


أَبْنَاءَ ٱللهِ لم يكونوا ملائكة، لا صالحين ولا طالحين (ساقطين) كما يعتقد البعض، حيث أن الملائكة كائنات روحية لا تتأثر بالمشاعر والشهوات الجسدانية، ولا يتزوجون ولا يزوجون ولا يتناسلون ولا يتكاثرون، ولا القضاة أو الأشراف أو ذوي المراتب العالية ، ولا أبنائهم ، كما يقول الترجوم ، وكذلك المفسرون اليهود جارشي وأبن عزرا ، لأنه لن تكون جريمة ولا نقيصة إذا رغبوا في أرتباط زواج مثل هذا ، فهم لم يخططوا لإقامة علاقة غير شرعية معهن أو استغلالهن جنسياً.

ولكن من الأرجح للفهم أنهم نسل "شيث" حيث أنه ومنذ أيام "أخنوخ" وكان يدعو بإسم الرب (تكوين 4: 25)، حينئذ حصلوا على لقب "ابناء الله " للتمييز بينهم وبين أبناء الناس ، لقد حصلوا على التبني المكرس، وحصلوا على النعمة والولادة الروحية من الله لعبادته بحسب مرضاته.

وبحسب التقليد القديم المكتوب فإنه بعد موت "آدم" مباشرة فقد إنفصل أبناء "شيث" وعزلوا أنفسهم عن أبناء قايين يقال أنهم أتخذوا أعالي جبال حرمون، حيث تم دفن "آدم" في حين سكن قايين الوادي أسفل الجبل، وكان ممنوع على نسل "شيث" النزول إلى الوادي والإختلاط بنسل قايين ، الأمر الذي يبدو أن البعض قد خالفه كما يفهم من النص . (التقليد عن كتابات عربية قديمة)

عن نفس الموقع : Matthew Henry  ماثيو هنري يوافق على نفس الرأي 

**********************


الان دعنا نحاول الاجابة على من هم (ابناء الله ) او ( بني إلوهيم)  بطريقة لا تتعارض ولا تتناقض مع أي من النصوص السابقة سواء في العهد القديم المترجم من العبري أو العهد الجديد المترجم عن اليوناني  ، وهكذا يجب أن يكون أي تفسير مقبول في موضوع شائك مثل هذا ، وعلى هذا دعنا نقرر أن التفسير المريح هو الذي يفسره الكتاب المقدس نفسه ، ولا يقوم تدخل بشري بالتفسير وربط القرائن ، وهو ما نجد أن المزمور ٨٢ يقوم به ، فهو يقرر داخله من هم (ابناء الله ) ليس بتفسير بشري ، بل بتقرير النص نفسه ، ولأهمية هذا النص دعنا نضع المزمور كاملا ( وهو نص قصير) ثم نرجع مرة أخرى إلى النصوص السابقة واحدا فواحدا ونراجع عليه الفهم والتفسير ونرى اذا كان يتعارض او يتناقض معه ام لا ؟ 

اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسْطِ الآلِهَةِ يَقْضِي:2 «حَتَّى مَتَى تَقْضُونَ جَوْرًا وَتَرْفَعُونَ وُجُوهَ الأَشْرَارِ؟ سِلاَهْ.3 اِقْضُوا لِلذَّلِيلِ وَلِلْيَتِيمِ. أَنْصِفُوا الْمَِسْكِينَ وَالْبَائِسَ.4 نَجُّوا الْمَِسْكِينَ وَالْفَقِيرَ. مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ أَنْقِذُوا.5 «لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. فِي الظُّلْمَةِ يَتَمَشَّوْنَ. تَتَزَعْزَعُ كُلُّ أُسُسِ الأَرْضِ.6 أَنَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ.7 لكِنْ مِثْلَ النَّاسِ تَمُوتُونَ وَكَأَحَدِ الرُّؤَسَاءِ تَسْقُطُونَ».8 قُمْ يَا اَللهُ. دِنِ الأَرْضَ، لأَنَّكَ أَنْتَ تَمْتَلِكُ كُلَّ الأُمَمِ.

نرى كما هو واضح  أن النص يتكلم  فيه الله (إلوهيم) إلى القضاة الذين يقضون بين الناس بظلم ومحاباةو بغير العدل ،  وسياق النص نفسه يؤكد أنه ( مثل الناس يموتون وكأحد الرؤساء يسقطون ) هذا الكلام لا يمكن أن يكون موجه إلى ملائكة ، بل واضح الجليّ أنه موجه لبشر يموتون ،  والان تعال نرى كل كلمة حاسمة في فهم هذا النص وكيف وردت في النص العبري ؟ (ملحوظة : يمكنك مراجعة النص العبري بالنقر هنا :  المزمور  ٨٢)  https://biblehub.com/interlinear/psalms/82.htm

العدد الثاني: الله (إلوهيم אֱ‍ֽלֹהִ֗ים) قائم في مجمع الله (إيل אֵ֑ל)
العدد السادس : أنا قلت إنكم آلهة (إلوهيم אֱלֹהִ֣ים) وبنو العليّ (بني عليون וּבְנֵ֖י עֶלְי֣וֹן) 

هذا النص - كما ترون - يشرح نفسه بنفسه ، ولا يحتاج إلى مجهود بشري كبير لفهم أن الله يسمي القضاة بأنهم (إلوهيم وبني عليون) اي انهم اخذوا نفس التعبير الوارد في سفر التكوين ٦: ٤ ( بني إلوهيم) ، فهل ممكن أن يكون تفسير النص مجال البحث انه يتكلم عن قضاة الأرض أو شرفاء الأرض أو ربما أبناء سيث كما يقول أحد التفاسير أعلاه ؟ 
ربما يفيدنا أكثر أن نرجع ونوسع نافذة الاقتباس النصي من سفر التكوين ٦: ١ - ٤ ، فنرجع إلى الاصحاح السابق له وبما الاصحاح الاسبق أيضا ؟ حيث أن الاصحاح الخامس يتكلم عن سلسلة النسب لابناء آدم ، ولكن نجد في الاصحاح الرابع في نهاية الأصحاح تقرير ليس بسيطا ، بل ربما يسلط الكثير من الضوء على فهم نص سفر التكوين الاصحاح السادس:


النص يتحدث عن انه بعد موت هابيل، وتوقيع العقوبة على قايين، فإن آدم وحواء عادوا فانجبوا ولدا آخر اسمياه (شيث) ثم بدأ الناس من نسب قايين وشيث  في التكاثر حتى ان الامر اتجه إلى أن ابناء شيث الاتقياء بدأوا في الدعوة بأسم الرب إلى من قد نسى واخذته الحياة بعيدا عن علاقة مع الرب،  فاذا اعتبرنا أن الاصحاح الخامس هو جملة اعتراضية طويلة تشرح النص الاخير ، وقمنا بربط الجملة الاخيرة من الاصحاح الرابع بالجملة الاولى من الاصحاح السادس فكل شيء يصبح واضحا الآن عن من هم (بني إلوهيم) الشرفاء أبناء (شيث) الذين كانوا يدعون الناس العودة باسم الرب، بدأوا في التحول إلى رؤية بنات الناس (نسل قايين) أنهن حسنات،  وبدأوا في الزواج منهن ويختلطوا بحياتهم وعاداتهم وعلى هذا، بدأ العدد الذي يعرف الله يقل، فكثر الشر الذي استدعى غضب الله لقضاء الطوفان . 

ولكن قد يقول قائل بعد هذا هل تعبير (ابناء الله) الذي رأيناه بوضوح في العهد الجديد في بدايات تقديم انجيل يوحنا، بالاشارة إلى عارفي الرب والمؤمنين باسم ابنه يسوع المسيح ، هل هو تعبير قديم عرفه العهد القديم ؟  والاجابة واضحة فيما قلناه في الشرح السابق ، أن المؤمنين بالرب هم (ابناء بالتبني بواسطة الانتماء إلى الله بالايمان باسم الابن الوحيد يسوع المسيح ) أي عندما يؤمنوا باسم ابن الله يصبحوا اخوة له ، وبالتالي ابناء الله ،  ولكن دعنا نضيف ايضا نصين هامين من اشعياء يصلى فيهما إلى الله ويقول له (انت ابونا)  اشعياء ٦٣: ١٦  و اشعياء ٦٤: ٨ 


من الواضح الجلّي أن الله يدين هنا (الأنسان، البشر) وليس الملائكة الساقطة ، فيقول ( أن روحي لا يدين في الأنسان لزيغانه)  ،  اذا الذي تم (زيغانه) هو الانسان وليس (بنات الناس) أو كما جاء في الأصل العبري  (بنات آدم)،  فالفاعل الأساسي في هذا النص هم  (أولاد الله ) ثم يعقب وكأنه للتأكيد فيقول (  هو بشر ) ، ثم يلقي الحكم النهائي بحدوث الفيضان بعد ١٢٠ سنة من هذه الحادثة . هل هناك شك بعد هذا عن من هم (أبناء الله ) المذكورين في هذا النص ؟

وعلى هذا يمكن القول بكل ارتياح ان (ابناء الله ) أو ( بنو إلوهيم) في تكوين ٦ هم أبناء شيث ، الشرفاء الذين يدعون إلى الله ويقضون بين الناس بالعدل ، وان تفسير (أبناء الله ) في هذا النص  بأنهم (ملائكة ساقطين ) إنما تم بنائه على تفسير نفس اللفظ في مكان آخر على انهم (ملائكة) بدون اعادة فحص او اي اعتبار لامكانية ان يكون تفسير اللفظ ربما يكون شيئا آخر مثلما تقدم ،  بل ويمكن التجرؤ على القول بأن تفسير (بنو الله ) الوارد في أيوب ١ و ٢ ، إنما هي اشارة ايضا إلى شرفاء وقضاة الارض في ذلك الوقت ،(وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ لِيَمْثُلَ أَمَامَ الرَّبِّ.) فكما جاء في النص بهذا الفهم يفسر لماذا يجتمع (بنو الله ) ذات يوم ؟ فاذا كانوا هم الملائكة فإن اجتماعهم امام الرب بالتأكيد انه كل يوم بل كل لحظة  ، اما الذين يجتمعون ذات يوم ويخلوا إلى اعمالهم ومهامهم باقي الايام هم بالارجح القضاة البشر ، ويزيد من هذا الفهم هو أن يبادر الله بالسؤال عن أيوب في حضور بشر مثل أيوب وبينهم الشيطان نفسه المشتكي والمعترض على البشر وليس على الملائكة، فلا اعتقد ان اجتماع محضر الله والملائكة يستطيع ان يدخل فيه الشيطان ، فبأي صفة وبأي منطق يستطيع أن يدخل إلى هذا المحضر القدوس ؟ ولكن اذا قلنا إنهم بشر قضاة وشرفاء الارض ، فمن الطبيعي جدا أن يأتي المشتكي و المعترض على البشر وسطهم ليشتكي على أيوب ، فيبادره الله بالكلام عن أيوب . 

تبقى نقطة واحدة للرد على القائلين ان الاقتباسين من رسالتي بطرس ويهوذا السابق ذكرهما ، هي اشارة الى حادثة التكوين ٦ باعتبار ان الملائكة الساقطين الذين تركوا رياستهم هم نفسهم بحسب تفسيرهم الذين قاموا بالتزاوج مع بنات الناس ، نقول أن الحديث عن الملائكة الساقطة بسقوط ابليس وخطيته بالتكبر ورفع كرسيه فوق كرسي العلي ، جاءت مرة في كلام الرب يسوع المسيح نفسه في متى الاصحاح ٢٥ حينما كان يتكلم عن الخراف والجداء فيقول للخراف وهي اشارة إلى المؤمنين ان يدخلوا إلى ملكوت السموات والراحة الابدية ، ثم يقول إلى الجداء وهي إشارة إلى الناس القساة وغير المؤمنين ان يدخلوا إلى النار الابدية المعدة لابليس وملائكته ، فواضح جدا هنا ان المقارنة هنا هي بين ابليس وملائكته أي انهم الملائكة الساقطة الذين تركوا رياستهم أما الذين تكلم عنهم يهوذا في رسالته فلا يمكن ان يكونوا هم (أبناء الله) الذين تم القضاء عليهم بالطوفان ، في حين ان بطرس و يهوذا يقولان  انهم لم ينالوا عقابهم حتى الان بل قضائهم محفوظ إلى دينونة اليوم العظيم  ؟ 

(بطرس الثانية 2: 4 )


وفي اقتباسات بطرس فانه يقول نفس الشيء انهم (محروسين للقضاء ) اي دينونة اليوم العظيم ذاته ، كما ان بطرس في المقارنة التي يزعم فيها القائلين بأن (ابناء الله ) في سفر التكوين هم (ملائكة ساقطين)، يشير إلى حادثتين احدهما الطوفان والثانية هي سدوم وعمورة،   فهو يتكلم حقا عن اعداد الله لمجازاة الاشرار ومكافأة الابرار سواء كانوا ملائكة ابرارا او ساقطين او كانوا بشرا مؤمنين او غير مؤمنين . 

****************************

الخلاصة:
حتى نستطيع أن نصل إلى التفسير الصحيح لنص ما ، يجب أن نلجأ إلى تفسير الروح القدس أو نص آخر موازي أو مشابه ورد به التعبير أو الكلمة بتفسير لا يقبل الشك ، وفي حالتنا هذه فقد وجدنا نص يقول أن (بنو إلوهيم ) من الواضح أنهم ملائكة بالفعل في  أيوب ٣٨: ٧ ( حين هتف بني الله عند خلق العالم ) ولكن نجد نص آخر واضح في مزمور ٨٣ : ٦ ( حيث يخاطب الله القضاة بلقب إلوهيم وبني العليّ) ، في هذه الحالة وجدت نفسي ألجا إلى التفسير الذي لا يتناقض مع مواضع أخرى من الكتاب المقدس ، وخاصة التي يقول فيها الرب يسوع المسيح انه في ملكوت الله سنكون كملائكة الله لا يزوجون ولا يتزوجون ، فكيف بعد هذا نقول عن تكوين ٦ :٤ النص مجال البحث ، ان (بنو إلوهيم ) هم ملائكة ساقطين، كانوا في صورة الملائكة في السماء فعلا حينما قرروا ان يتزوجوا بنات الناس لانهن حسنات فسقطوا واتخذوا اجساد بشرية ؟؟!

واخيرا ، اترك بين يديك كل ما تقدم ، متذكرا أن التفسير الصحيح ينبغي الا يتعارض او يتناقض مع اي موضع او نص في الكتاب المقدس ، خاصة اذا تكلم ونطق  به  السيد الرب يسوع المسيح ، الكلمة المتجسد، المذخر فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة . 
الرب مع جميعكم . 

(تم تحديث المقال بتاريخ ١٢ نوفمبر ٢٠٢٣ ) 

مقــالات ســابقــة