من اقوال الرب يسوع المسيح

***** *** لا تضطرب قلوبكم.انتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. *** اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل *** لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. *** لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سرّ ان يعطيكم الملكوت. *** وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا.كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا. *** كما احبني الآب كذلك احببتكم انا.اثبتوا في محبتي.*** تعالوا اليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم *** الى الآن لم تطلبوا شيئا باسمي.اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ***اسألوا تعطوا.اطلبوا تجدوا.اقرعوا يفتح لكم. *** هانذا واقف على الباب واقرع.ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي . *****

الشفاعة والشفيع


من هو الشفيع الحقيقي الذي يستطيع ان يقف امام الله 
ليشفع في المذنبين من البشر لينالوا العفو والغفران؟


اخي القاريء والمتابع الكريم، في هذا المقال سنحاول استجلاء الامر واجابة هذا السؤال الهام والذي تتوقف عليه مصائر البشر وحياتهم الابدية. وسنحاول ان نبحث في القرآن والكتاب المقدس عن اجابة هذا السؤال لنكشف امام القاريء الحقيقة الكاملة التي ربما تكون غائبة عنه بسبب اهمال او تقصير او ربما عدم اهتمام بتقصي الحقيقة في هذا الامر.

لم يحسم القرآن اسم الشفيع ولكنه اكتفي بأن يقرر انه لا احد يستطيع ان يشفع لدى الله الا باذنه (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (البقرة 255) ، (وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) (سبأ 23)، وكذلك حدد شرطا هاما لمن يأخذ موقف الشفيع (لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) (مريم 87)، ثم انتهى الى التقرير بأن الشفاعة لله وليس هناك اي وسيط بشري يصلح للشفاعة (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (الزمر 44).
ويعتقد المسلمون ان محمد نبي الاسلام سيكون شفيعا لهم بناء على الحديث، ونكتفي بأن نذكر احدى الاحاديث الصحيحة (وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة) . رواه البخاري ( 614 ) . ) ، ونكتفي هنا بتوجيه سؤال او عدة اسئلة بسيطة فقط لاي مسلم مقتنع بأن تطبيق ما جاء في الحديث سوف يضمن له شفاعة نبي الاسلام؟

اخي المسلم الكريم: عندما تسمع الآذان فتطلب من الله ان يعطي محمدا مقاما محمودا ووسيلة وفضيلة، فمن الذي يتقدم الى الله ويطلب من اجل الآخر؟ من الذي يشفع لمن؟ اليس هنا المسلم العادي هو الذي يتشفع ويطلب من الله ان يعطي محمدا شيئا لم يذكر القرآن صراحة انه له؟ وهل ينتظر الله  دعوات المسلمين لكي يجعل لمحمد المقام المحمود الذي به يصبح شفيعا لدى الله ؟ وهل يعلق المسلم رجاؤه في الشفاعة والشفيع على شيء لم يتحدد به ربما يأخذ فيه محمد المقام المحمود وربما يصر اله القرآن على موقفه القرآني بأن الشفاعة لله جميعا ولن يشفع لدى الله اي احد الا باذنه ؟ وقد ثبت بالدليل والبرهان فشل شفاعة محمد لابويه الذين ماتا كافرين حتى قبل بعثته  بالرغم من ان اله القرآن وعد صراحة انه لن يعذب حتى يرسل رسولا، وكيف يعذب ابوي محمد في النار وقد ماتا قبل بعثة محمد "نبي الاسلام" الذي يشهد له القرآن انه اول رسول للاميين (اي من غير اليهود)، لماذا لم تنفع شفاعة محمد في هذا الموقف الفاصل والحاسم في تحديد صلاحيات الشفيع والشفاعة ؟
كما ان محمد لم يستطع ان يساعد اي من اصحابه  في الشفاعة ؟؟ حتى ابو بكر الذي كان اول العشرة المبشرين بالجنة والذي كان دائم التشكك من أمانة الله في تنفيذ كلامه وبشارته فقال ( والله لو احدى قدمي في الجنة والاخرى خارجها ما أمنت مكر ربي)!! ولم يستطع محمد "نبي الاسلام" ان يطمئنه ويزيل خوفه بانه في مقام الشفيع لن يسمح بخروج القدم التي دخلت الى الجنة ؟؟

وكذلك في موقف وفاة (عثمان بن مظعون) وقد قالت ام العلاء (امرأة من الانصار) ترثيه "ان الله اكرمه" فنهاها نبي الاسلام عن هذا القول وقال لها (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي قَالَتْ فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا ) (صحيح البخاري 1186)، ولم يستطع نبي الاسلام ان يشفع فيه او ان يطمئن الحزاني عليه انه سيشفع فيه لدى الله، بل اكد انه لا يدري حتى ماذا سيفعل الله به وهو كما يقول "نبي الله ورسوله" ؟ فهل هذا موقف او كلام شخص نستطيع ان ننسب اليه الشفاعة؟ اذا كان لا يعرف ماذا سيفعل الله به، فكيف يشفع للآخرين ؟ . (راجع ايضا صحيح البخاري 3714)

اذا فكلما بحثنا في القرآن والاحاديث لوجدنا ان التشكك في الشفيع والشفاعة يزداد ولا يقل، وان محمد "نبي الاسلام" لم يكن يوما ما شفيعا يعتد الله بشفاعته، ولن يكون.

ولكن - والحديث لازال عن الشفاعة والشفيع بحسب القرآن- فقد قال القرآن عن عيسى بن مريم (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (آل عمران 45)، وقد اتفق المفسرون على ان وجيها في الآخرة ومن المقربين انها الشفاعة.
(تفسير الجلالين) (إذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَة" أَيْ جِبْرِيل "يَا مَرْيَم إنَّ اللَّه يُبَشِّرك بِكَلِمَةٍ مِنْهُ" أَيْ وَلَد "اسْمه الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم" خَاطَبَهَا بِنِسْبَتِهِ إلَيْهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا تَلِدهُ بِلَا أَب إذْ عَادَة الرِّجَال نِسْبَتهمْ إلَى آبَائِهِمْ "وَجِيهًا" ذَا جَاه "فِي الدُّنْيَا" بِالنُّبُوَّةِ "وَالْآخِرَة" بِالشَّفَاعَةِ وَالدَّرَجَات الْعُلَا "وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ" عِنْد اللَّه) 
(وَقَوْله تَعَالَى " عِيسَى اِبْن مَرْيَم " نِسْبَة إِلَى أُمّه حَيْثُ لَا أَب لَهُ " وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ " أَيْ لَهُ وَجَاهَة وَمَكَانَة عِنْد اللَّه فِي الدُّنْيَا بِمَا يُوحِيه اللَّه إِلَيْهِ مِنْ الشَّرِيعَة وَيُنْزِلهُ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَاب وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا مَنَحَهُ اللَّه بِهِ وَفِي الدَّار الْآخِرَة يَشْفَع عِنْد اللَّه فِيمَنْ يَأْذَن لَهُ فِيهِ فَيَقْبَل مِنْهُ أُسْوَة بِإِخْوَانِهِ مِنْ أُولِي الْعَزْم صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

الشفاعة في الاسلام تتبني المنطق الشرقي في الواسطة والمحسوبية، فهي تقول ان نبي الاسلام سوف يشفع في المسلمين الذين يسقطون اثناء مشيهم من على الصراط ويقعون في النار فتصل الى درجات متفاوتة في حريق اجسادهم من الارجل الى الوسط او الذراعين او الصدر او العنق وحتى الوجه (راجع الحديث الصحيح برواية البخاري)، وحتى بهذا المنطق الذي يتعارض مع عدالة الله اذ انها تبريء المذنب لان له واسطة او شفيع، الا انها ايضا لم تعطي اي ضمان او امان في نجاة المسلم من العقوبة وهي السقوط من على الصراط الى النار.

**********

اما عن الشفيع في الكتاب المقدس فقد تم تسميته صراحة وبدون اي تورية:
فقد كان شوق البشر دائما يتطلع الى شفيع يقوم بدور الوساطة والمصالحة بين الله والناس بعد سقوط الانسان بالخطية والانفصال عن الله القدوس،  فقال ايوب انه مذنب وخاطيء لدي الله ويحتاج الى مصالح يضع يديه على كلينا، ومهما تطهرت وتنقيت فلن اصبح جديرا بالوقوف امام الله الطاهر القدوس (29 انا مستذنب فلماذا اتعب عبثا. 30 ولو اغتسلت في الثلج ونظفت يدي بالاشنان 31 فانك في النقع تغمسني حتى تكرهني ثيابي. 32 لانه ليس هو انسانا مثلي فاجاوبه فناتي جميعا الى المحاكمة.33 ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا. ) (ايوب 9: 29-33)، وهو ما أكده ايضا النبي اشعياء عندما نطق بكلمات الله في هذا الشأن،  فقد نظر الله الى البشر ولم يجد فيهم اي انسان تنطبق عليه شروط الشفاعة او الشفيع، ولكن هذا لم يعجز الله عن ايجاد المخرج والاتيان بالشفيع  (16 فراى انه ليس انسان وتحير من انه ليس شفيع. فخلصت ذراعه لنفسه وبره هو عضده. 17 فلبس البر كدرع وخوذة الخلاص على راسه. ولبس ثياب الانتقام كلباس واكتسى بالغيرة كرداء.) (اشعياء 59: 16-17)

وها هو الوحي المقدس يعلن لنا اسم الشفيع البار الطاهر والذي تنطبق عليه كل شروط الشفيع والشفاعة:
(
1 يا اولادي اكتب اليكم هذا لكي لا تخطئوا.وان اخطا احد فلنا شفيع عند الاب يسوع المسيح البار 2 وهو كفارة لخطايانا.ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا) (يوحنا الاولى 2: 1-2)

لقد حسم الكتاب المقدس الامر برمته، فذكر اسم الشفيع، ومقام الشفاعة للمسيح لانه الديّان العادل ايضا - وفي هذا لا يختلف المسلمون الذين يؤمنون ان المسيح سيأتي يوم القيامة حكما مقسطا عادلا- فيقول الكتاب المقدس، ان مقام الشفاعة للمسيح مرتفعا وعاليا حتى انه اخذ مقام القضاء ذاته، قال السيد يسوع المسيح:  (
22 لان الاب لا يدين احدا بل قد اعطى كل الدينونة للابن. 23 لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الاب.من لا يكرم الابن لا يكرم الاب الذي ارسله) (يوحنا 5: 22- 23)
وقد جاء هذا التقرير مرة اخرى مؤكدا انه هو الديان وهو الشفيع (من هو الذي يدين. المسيح هو الذي مات بل بالحري قام ايضا الذي هو ايضا عن يمين الله الذي ايضا يشفع فينا) (روميه 8: 34)

وشفاعة المسيح بحسب الكتاب المقدس، ليست شفاعة الواسطة او الذي ينحاز مخالفا العدالة لانقاذ الناس الخطاة المحتاجين الى الشفاعة، بل هي تتميم كامل لمطالب العدالة وبهذا يحق له بالفعل ان يكون الشفيع الوحيد لانه اخذ عقوبة الجاني على نفسه ودفع ثمن الخطية :
( 22 على قدر ذلك قد صار يسوع ضامنا لعهد افضل. 23 واولئك قد صاروا كهنة كثيرين من اجل منعهم بالموت عن البقاء. 24 واما هذا فمن اجل انه يبقى الى الابد له كهنوت لا يزول.25 فمن ثم يقدر ان يخلص ايضا الى التمام الذين يتقدمون به الى الله اذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم. 26 لانه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار اعلى من السموات 27 الذي ليس له اضطرار كل يوم مثل رؤساء الكهنة ان يقدم ذبائح اولا عن خطايا نفسه ثم عن خطايا الشعب لانه فعل هذا مرة واحدة اذ قدم نفسه.) (عبرانيين 7: 22- 27)

هذا هو الشفيع الحقيقي، الحيّ في كل حين، الذي يقدر ويحق له الشفاعة بموجب العدالة الالهية التي استوفت القضاء في موت المسيح على الصليب كمخلص وفادي لكل من يؤمن به، فاذا كان الكتاب المقدس يحكم على جميع الناس بانهم خطاة (اذ الجميع اخطاوا واعوزهم مجد الله.) (روميه 3: 23)، اذا فالجميع يحتاجون الى شفيع يتوسط بينهم وبين الله، ومواصفات الشفيع ان يكون بلا خطية وقادر على وضع يديه على كلا الطرفين الذان يقوم بالمصالحة بينهما اي يضع يده على الله وعلى الانسان الخاطيء، وكل هذه الصفات لم تتوفر في انسان واحد، الا ان هذا ايضا لم يعجز الله، (فلبس البر كدرع وخوذة الخلاص على راسه. ولبس ثياب الانتقام كلباس واكتسى بالغيرة كرداء.) (اشعياء 59: 16-17)، وهذا ما اخبر عنه الانبياء في العهد القديم وتحقق في السيد يسوع المسيح في تجسده في صورة الناس ( 5 لانه يوجد اله واحد ووسيط  -او شفيع- واحد بين الله والناس الانسان يسوع المسيح 6 الذي بذل نفسه فدية لاجل الجميع الشهادة في اوقاتها الخاصة) (ثيموثاوس الاولى 2: 5-6) وقد استحق مقام الشفيع واستحق عمل الشفاعة، ويشهد له الحق الالهي انه شفع في المذنبين.



 يقول ف.ب. ماير في كتاب (نبي الرجاء) ترجمة القمص مرقس داود صفحة 107
[وهكذا الحال أيضا مع العهد الجديد الذي فصلت بنوده في عبرانيين الاصحاح 8 ، فانه تأيد بدم يسوع. عندما أخذ الكأس قال "هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمفغرة الخطايا" (متى 26 :28)، "ولاجل هذا هو وسيط -او شفيع- عهد جديد " (عبرانني 9: 15)، ان سفك دم حمل الله يشير الى ان الله قطع عهدا معه ومع كل من ينوب عنهم الذين هم بالايمان أعضاء جسده أي الكنيسة. انه من جانبه يعد بأن يكون لنا الها وبأن يتخذنا شعبا له ، ومن جانبنا نحن نعد المسيح نيابة عنا بأن نكون له " شعبا خاصا غيورا في أعمال صالحة حسنة" (تيطس 2: 14) ، هذا العهد يشمل كل الذين آموا، كل الذين يؤمنون، كل الذين سوف يؤمنون في يسوع.  انه يشملك ان كنت فقط في هذه الحالة تؤمن به ملكا لك وان كنت تريد ان تكون ملكا له الى الابد]


لقد كان دم الذبائح في العهد القديم، يتوسط بين الخاطيء التائب المعترف وبين الله، فكانت تغطي على الخطية الى ان يأتي حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يوحنا 1: 29)، هذا هو الشفيع او الوسيط الذي يتشفع بدم نفسه الذي قطع به العهد المطلوب بين الله والشفيع والخطاة التائبين:
(22  بل قد اتيتم الى جبل صهيون والى مدينة الله الحي اورشليم السماوية والى ربوات هم محفل ملائكة 23 وكنيسة ابكار مكتوبين في السموات والى الله ديان الجميع والى ارواح ابرار مكملين 24 والى وسيط العهد الجديد يسوع والى دم رش يتكلم افضل من هابيل) (عبرانيين 2: 22-24)
**********

(
1 من صدق خبرنا ولمن استعلنت ذراع الرب. 2 نبت قدامه كفرخ وكعرق من ارض يابسة لا صورة له ولا جمال فننظر اليه ولا منظر فنشتهيه. 3 محتقر ومخذول من الناس رجل اوجاع ومختبر الحزن وكمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به 4 لكن احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. 5 وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. 6 كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا. 7 ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه. 8 من الضغطة ومن الدينونة اخذ.وفي جيله من كان يظن انه قطع من ارض الاحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبي. 9 وجعل مع الاشرار قبره ومع غني عند موته.على انه لم يعمل ظلما ولم يكن في فمه غش 10 اما الرب فسر بان يسحقه بالحزن.ان جعل نفسه ذبيحة اثم يرى نسلا تطول ايامه ومسرة الرب بيده تنجح. 11 من تعب نفسه يرى ويشبع.وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين واثامهم هو يحملها.12 لذلك اقسم له بين الاعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من اجل انه سكب للموت نفسه واحصي مع اثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين)
(اشعياء 53)
  
الآن اخي الكريم، امامك الحقائق كاملة، ولك ان تختار الشفيع الحقيقي السيد يسوع المسيح الذي يضمن لك الشفاعة لانه لايخالف بها عدالة وقداسة الله بل لانه قد قام بالفداء وتلقى تحقيق العدالة التي يستحقها المنذنبين في نفسه، فحق له ان يشفع فيهم امام منصة العدالة الالهية.  
**********
موضوعات ذات صلة:
هل حقا يقول القرآن :ان الله غفرلآدم 
القرآن يقول جهنم ممتلئة ؟ بمن ؟ 
اعلان محبة الله للخاطيء بحسب القرآن والانجيل
الانبياء الكذبة
كيف اصبح مؤمنا
هل من العدل ان يرسل الله ابنه ليموت؟
وفديناه بذبح عظيم (1من2)
وفديناه بذبح عظيم (2من2)

هل يحابي الله وينحاز لشعب دون آخر؟

ما معنى شعب الله المختار؟
هل يحابي الله شعبا وينحاز له دون شعوبا أخرى؟
**********
يقول البعض ممن يهاجمون الكتاب المقدس،  ان الله كان دائما مع الشعب الاسرائيلي ضد اي شعب آخر وسنحاول في هذه العجالة ان نقدم اجابة بحسب ما نراه و نفهمه من اعلان الكتاب المقدس عن الله، باختصار مرة اخرى سوف نقدم امثلة ان الله كان مع الشعب الآخر ضد الشعب الاسرائيلي، فعدالة الله ونزاهته وحياديته تجعله امينا نحو صفاته الالهية القداسة والعدل سواء مع الشعب الاسرائيلي او اي شعب آخر.



مرة أخرى نعطي الاجابة السريعة والمباشرة ثم نناقش التفاصيل، فالاجابة هي بالطبع لا ليس عند الله محاباة لشعب دون آخر،  وكما يعلن الكتاب المقدس عن مجازاة و دينونة الله العادلة  بدون محاباة (6 الذي سيجازي كل واحد حسب اعماله.7 اما الذين بصبر في العمل الصالح يطلبون المجد والكرامة والبقاء فبالحياة الابدية.8 واما الذين هم من اهل التحزب ولا يطاوعون للحق بل يطاوعون للاثم فسخط وغضب 9 شدة وضيق على كل نفس انسان يفعل الشر اليهودي اولا ثم اليوناني.10 ومجد وكرامة وسلام لكل من يفعل الصلاح اليهودي اولا ثم اليوناني.11 لان ليس عند الله محاباة) (روميه 2: 6 - 11)، اذا في ضوء هذا المفهوم ما معنى ان يقال عن شعب اسرائيل (شعب الله المختار)؟ ما هي مقومات واسباب اختيار الشعب الاسرائيلي ؟


***************



تكلمنا في موضوع سابق كيف بدأ شعب اسرائيل من نسل ابراهيم، كمكفأة لابراهيم على طاعته وحياته بالخضوع الكامل لله، (واما المواعيد فقيلت في ابراهيم وفي نسله.لا يقول وفي الانسال كانه عن كثيرين بل كانه عن واحد وفي نسلك الذي هو المسيح.) (غلاطية 3: 16) ، كتب الوحي هذا الكلام بالاشارة الى ماحدث في سفر التكوين الاصحاح 22 عندما اطاع ابراهيم أمتحان الله عندما امره بتقديم اسحق ابنه ذبيحة ( 15 ونادى ملاك الرب ابراهيم ثانية من السماء 16 وقال بذاتي اقسمت يقول الرب.اني من اجل انك فعلت هذا الامر ولم تمسك ابنك وحيدك17 اباركك مباركة واكثر نسلك تكثيرا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر.ويرث نسلك باب اعدائه. 18 ويتبارك في نسلك جميع امم الارض.من اجل انك سمعت لقولي) (تكوين 22: 15 - 18)، راجع ايضا تجديد العهد والقسم لاسحق ابن ابراهيم (تكوين 26: 1 - 5)، وايضا (تكوين 26: 24)


 وقد اعطى الله لموسى (اول من سجل اقوال الله في كتاب) الشريعة (او الناموس) والذي يعتبر هو بنود العهد او الاتفاق بين الله وبين الشعب الاسرائيلي (نسل ابراهيم واسحق ويعقوب الذي اصبح اسمه اسرائيل) (تكوين 32: 28)،  وقد اتفق الشعب على قبول الدخول في عهد مع الله يلتزم فيه بالطاعة الكاملة للوصايا مع وجود عقوبات على العصاة وقد صنعوا العهد كعادة الشعوب في اجراء المعاهدات تلك الايام بذبيحة ودم (6 فاخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس. ونصف الدم رشه على المذبح.7 واخذ كتاب العهد وقرا في مسامع الشعب. فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. 8 واخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الاقوال) (سفر الخروج 24 :6-8) .

وقد اظهر الكتاب المقدس ان الله  كان امينا وان صفاته الالهية لا تتعارض ولا تتغير، 
(26 انظر. انا واضع امامكم اليوم بركة ولعنة.27  البركة اذا سمعتم لوصايا الرب الهكم التي انا اوصيكم بها اليوم. 28 واللعنة اذا لم تسمعوا لوصايا الرب الهكم وزغتم عن الطريق التي انا اوصيكم بها اليوم لتذهبوا وراء الهة اخرى لم تعرفوها.) (التثنية 11: 26-28)

فكما كان يعاقب الشعوب الاخرى في حالة العصيان والتمرد، فقط كان يعاقب ايضا شعب اسرائيل بنفس الطريقة، راجع (التثنية 11) وايضا (التثنية 30) ، وكما كان يحب الخاطيء التائب من شعب اسرائيل، فكان يفعل ذلك ايضا مع الشعوب الاخرى بدون محاباة، ولا يسعنا هنا لضيق الوقت الا تذكيركم ببعض الشواهد على هذا، مثل ارسال النبي يونان الى اهل نينوى وافتقادهم بالتوبة ، وبدخول أناس من غير اليهود الى الشعب اليهودي، مثل المصريين الذين خرطوا مع الشعب الاسرائيلي وكان يطلق عليهم (اللفيف) بل والى سلسلة نسب المسيح مثل راحاب من أريحا، وراعوث الموآبية.


(19 اشهد عليكم اليوم السماء والارض. قد جعلت قدامك الحياة والموت.البركة واللعنة.فاختر الحياة لكي تحيا انت ونسلك. 20 اذ تحب الرب الهك وتسمع لصوته وتلتصق به لانه هو حياتك والذي يطيل ايامك لكي تسكن على الارض التي حلف الرب لابائك ابراهيم واسحق ويعقوب ان يعطيهم اياها) (التثنية 30: 19-20)
 
ان الله يحامي عن الشعب الذي اختار الدخول في معاهدة معه  بموجب  شروط وبنود المعاهدة المعقودة بينه وبين الشعب،  وهذه الحماية قد تكون لحماية شعبه من شعب آخر يغزوه او يهجم عليه، فاذا ظهرت محبة الله لشعبه واحترامه لبنود العهد بالدفاع عنه، فلماذا ترى فقط نصف الحقيقة وتقول ان الله قاس، هل نحكم على الشعوب التي  تلتزم بمعاهدات الدفاع بانها شعوب ظالمة او قاسية،  في حين اننا نرى ايضا في الكتاب المقدس انه اذا كان الوضع معكوسا، اي ان الشعب الاسرائيلي هو المخطيء في حق الله  والمعاهدة المعقودة معه (وهو الحاصل في ظروف اخرى كثيرة) فان الله كان يعاقب الشعب الاسرائيلي ويأخذ  جانب شعبا آخر ليقيمه مؤدبا ومعاقبا لهم، مثلما حدث في حماية الله للملك (كورش البابلي)، والذي اسماه ( مسيح الرب) اي المكلف باداء مهمة معينة بتكليف من الله (هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي امسكت بيمينه لادوس امامه امما واحقاء ملوك احل لافتح امامه المصراعين والابواب لا تغلق.) (اشعياء 45: 1)

ولكثرة الادلة التي يمكن الاستدلال بها على ان الله كان محايدا وغير منحازا لشعب دون آخر فسنكتفي بذكر بعض الامثلة على سبيل المثال لا الحصر:

**********

القصة الاولى: 


كانت هناك حربا دائرة بين شعب اسرائيل وبين سبعة من اقوى شعوب الارض، وكانت الانتصارات حليف شعب اسرائيل، ولكن "الجبعونيين" احدى قبائل هذه الشعوب فكروا انهم لن يقدروا على مواجهة شعب اسرائيل فقاموا بحيلة للحصول على معاهدة سلام،  فخدعوا "يشوع" وقادة الشعب في ذلك الوقت بانهم لا ينتمون الى الشعوب المحاربة بل هم يسكنون في منطقة بعيدة ويريدون عقد معاهدة سلام وعدم اعتداء،  (اقرأ القصة كاملة في سفر يشوع الاصحاح 9) وبعد تحقيق المعاهدة عرف الاسرائيليون ان هؤلاء ما هم الا قبيلة من الشعوب المحاربة فلم ينقضوا المعاهدة لاجل الحلف باسم الرب الذي تم فيها وحفظوا لهم سلامتهم، ولكن في زمن "شاول" الملك الاول على الشعب الاسرائيلي قام بقتل كثير منهم، فاحزن ذلك الله وعاقب الاسرائيليين بمجاعة، شعر معها  في العام الثالث "داود " الملك الثاني على المملكة، ان هذه اشارة من الله على خطأ ما، ( 1 وكان جوع في ايام داود ثلاث سنين سنة بعد سنة فطلب داود وجه الرب.فقال الرب هو لاجل شاول ولاجل بيت الدماء لانه قتل الجبعونيين. 2 فدعا الملك الجبعونيين وقال لهم.والجبعونيون ليسوا من بني اسرائيل بل من بقايا الاموريين وقد حلف لهم بنو اسرائيل وطلب شاول ان يقتلهم لاجل غيرته على بني اسرائيل ويهوذا. 3 قال داود للجبعونيين ماذا افعل لكم وبماذا اكفر فتباركوا نصيب الرب. 4 فقال له الجبعونيون ليس لنا فضة ولا ذهب عند شاول ولا عند بيته وليس لنا ان نميت احدا في اسرائيل.فقال مهما قلتم افعله لكم.) (صموئيل الثاني 21: 1 -4)، بدراسة القصة نجد ان الله لم يكن منحازا لشعب اسرائيل بل الى الشعب الآخر خصمهم.
**********
 
القصة الثانية:

منذ تأسيس المملكة التي ضمت الاسباط الاثني عشر وملك عليها "شاول" كانت مملكة موحدة حتى زمن الملك "داود" ومن بعده ابنه "سليمان" الذي انقسمت من بعده المملكة الى مملكتين، الشمالية باسم "اسرائيل" وعاصمتها السامرة، والجنوبية باسم "اليهودية" وعاصمتها اورشليم. 
وعندما اخطأ شعب اسرائيل وعصى الله مخالفا بنود المعاهدة (شريعة الناموس)،  صبر الله عليهم طويلا للتوبة والرجوع  (حوالي سبعة قرون من أخذ الشريعة واربعة قرون من تأسيس المملكة ) ولكنهم لم يستفيقوا، فاستحق الشعب تأديب الرب، فكان سبي مملكة اسرائيل الى آشور: (1 في السنة الثانية عشرة لاحاز ملك يهوذا ملك هوشع بن ايلة في السامرة على اسرائيل تسع سنين. 2 وعمل الشر في عيني الرب ولكن ليس كملوك اسرائيل الذين كانوا قبله.3 وصعد عليه شلمناسر ملك اشور فصار له هوشع عبدا ودفع له جزية. 4 ووجد ملك اشور في هوشع خيانة.لانه ارسل رسلا الى سوا ملك مصر ولم يؤد جزية الى ملك اشور حسب كل سنة فقبض عليه ملك اشور واوثقه في السجن. 5 وصعد ملك اشور على كل الارض وصعد الى السامرة وحاصرها ثلاث سنين. 6 في السنة التاسعة لهوشع اخذ ملك اشور السامرة وسبى اسرائيل الى اشور) (الملوك الثاني 17: 1 - 6) 
وبعد هذا بحوالي 136 سنة تم سبي المملكة اليهودية الى بابل: ( وفي الشهر الخامس في سابع الشهر وهي السنة التاسعة عشرة للملك نبوخذناصر ملك بابل جاء نبوزرادان رئيس الشرط عبد ملك بابل الى اورشليم. 9 واحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت اورشليم وكل بيوت العظماء احرقها بالنار. 10 وجميع اسوار اورشليم مستديرا هدمها كل جيوش الكلدانيين الذين مع رئيس الشرط. 11 وبقية الشعب الذين بقوا في المدينة والهاربون الذين هربوا الى ملك بابل وبقية الجمهور سباهم نبوزرادان رئيس الشرط.) (الملوك الثاني 25 :8 - 11)

وقد كانت وصية الله للشعب اليهودي في ذلك الوقت ان لا تقاوموا الشعب البابلي الآتي من الشمال فهو ينفذون تأديب الرب على شعب اسرائيل (راجع ارميا الاصحاح 27)


واكتفي بهذا القدر على سبيل المثال لا الحصر، وقد تبين منها ان الله لم يكن ابدا منحازا الى شعب دون آخر، بل الذي يطيعه ويسمع لوصاياه هو الذي يتمتع بالاستقرار والهدوء والرخاء في بلاده كقول الرب (اما الودعاء فيرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة) (مزمور 37: 11)،  فأن الارض وملؤها وكل مافيها للرب (للرب الارض وملؤها.المسكونة وكل الساكنين فيها) (مزمور 24: 1)

********** 


لماذا اسمهم اذا: شعب الله المختار؟


منذ بداية العهد الذي قطعه الله مع شعب اسرائيل على فم ويد النبي موسى، قال لهم الله سبب اختيارهم كشعب، ليكونوا وسطاء وكارزين باسم الله لجميع الشعوب التي لا تعرفه: ( 5 فالان ان سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب.فان لي كل الارض.6 وانتم تكونون لي مملكة كهنة وامة مقدسة.هذه هي الكلمات التي تكلم بها بني اسرائيل) (الخروج 19: 5 - 6)، الامر الذي اساء فهمه معلمو اليهود واعتقدوا ان اختيارهم لانهم افضل من الشعوب الاخرى، بالرغم من تأكيد الله ان سبب الاختيار  ليس لانهم  كذلك، بل لامانة الله وحفظه العهد والوعد الذي اقسمه لابراهم واسحق ويعقوب (7 ليس من كونكم اكثر من سائر الشعوب التصق الرب بكم واختاركم لانكم اقل من سائر الشعوب. 8 بل من محبة الرب اياكم وحفظه القسم الذي اقسم لابائكم اخرجكم الرب بيد شديدة وفداكم من بيت العبودية من يد فرعون ملك مصر. ) (التثنية 7: 7 -8)،  وقد واجه السيد المسيح معلمي اليهود في زمانه بهذه الحقيقة (ويل لكم ايها الناموسيون لانكم اخذتم مفتاح المعرفة.ما دخلتم انتم والداخلون منعتموهم) (لوقا 11: 52)، وكما حذرهم الله في القديم على فم موسى بانهم اذا لم يدركوا لهذه الحقيقة فان الله سيغير الامة الاسرائيلية باخرى (التثنية 32: 21)، فان الرسول بولس يخبرنا ان هذا التهديد قد تم تنفيذه بالفعل (رومية 10: 19) ، وقد اصبح الامم الذي هم من غير اليهود شعبا مختارا لنفس الغرض وهو الكرازة وتعريف الناس بمحبة الله ودعوته لهم ، فها هو بطرس الرسول يكتب الي من كانوا ليس شعبا مختارا في القديم قد اصبحوا الان شعبا مختارا وامة مقدسة اي مفروزة ومكرّسة لغرض محدد يختص بالله القدوس (9 واما انتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي امة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب. 10 الذين قبلا لم تكونوا شعبا واما الان فانتم شعب الله.الذين كنتم غير مرحومين واما الان فمرحومون) (بطرس الاولى 2: 9 - 10)


هذا هو مفهوم تسمية الشعب المختار، فهو ليس امتياز للتعالى بل تكليف وتشريف للتواضع والمحبة والخدمة والكرازة والتعريف باسم الله بين الامم التي لا تعرفه، ويقابله مسئولية كبيرة للشعب المختار امام الله، فالحساب لهم بحسب معرفتهم لله القدوس وقوانينه وكلمته المقدسة فان حسابهم يكون بقدر اعلى من اولئك الذين لم يتم تكليفهم بمسئولية بحفظ كلمة الله وتوصيلها لباقي الناس.

هل تغير الله من العهد القديم الى العهد الجديد؟


هل تغير أو تبدل الله من العهد القديم الى العهد الجديد؟

هل كان عنيفا قاسيا في القديم ثم تغيرالى محبا ومتسامحا ورقيقا؟

********** 
تثار هذه الاسئلة ومثلها من بعض الاخوة المسلمين او حتى المسيحيين الذين ليس لهم دراية أو دراسة كاملة للكتاب المقدس الذي يكشف عن تدّرج الله في اعلاناته  عن نفسه  للناس على مر العصور والاجيال، وسنحاول في هذه العجالة ان نقدم اجابة بحسب ما نراه و نفهمه من اعلان الكتاب المقدس عن الله.

وبداية فان الوحي في الكتاب المقدس يؤكد ان الله لايتغير ولا يتبدل (16 لا تضلّوا يا اخوتي الاحباء. 17    كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند ابي الانوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران) (رسالة يعقوب 1: 16 - 17)، اذا فالاجابة السريعة والمباشرة هي ان الله لم يتغير ولكن الشعب هو الذي يتغير ويتطور، ولذلك فأن الله كان يتواصل معه بحسب نضج البشرية واستعدادها لقبول وفهم اعلانات الله،  وتعالوا اذا نحاول ان نفهم ونستجلي معا كيف تدرج إعلان الله على مر عصور التاريخ البشري؟


***************

تبدأ علاقة الانسان (عندما يؤمن بالله) مع الله بصورة يشبّهها الكتاب المقدس بالولادة الجديدة (اجاب يسوع وقال له الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله.) (يوحنا 3: 3)، وتبدأ بعدها مراحل النمو في العلاقة مع الله (2 وكاطفال مولودين الان اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به 3 ان كنتم قد ذقتم ان الرب صالح.) (بطرس الاولى 2: 2- 3)، بعد ذلك تختلف طريقة استجابة كل انسان في قبول تدريب الله للنمو فمنهم من يتجاوب ويتعلم ومنهم من يحتاج الى تكرار الدرس اكثر من مرة (1 وانا ايها الاخوة لم استطع ان اكلمكم كروحيين بل كجسديين كاطفال في المسيح.2 سقيتكم لبنا لا طعاما لانكم لم تكونوا بعد تستطيعون بل الان ايضا لا تستطيعون) (كورنثوس الاولى 3: 1 - 2).


وكما تصدق هذه الصورة على حياة او ايمان الفرد، فهي تصدق ايضا على حياة الشعوب والبشرية منذ بدايتها (بخلق آدم وحواء) وتستمر حتى  مجيء المسيح فيما يسميه الكتاب "ملء الزمان" (ولكن لما جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس) (غلاطية 4: 4)، ويعلّمنا الكتاب المقدس ان الله بدأ في تسجيل قصة حياة هذا الشعب الوليد عندما بدأ يتكلم مع "موسى" الذي يسجل اسفار التوراة  والتي تبدأ بسفر التكوين (بدايات الاباء ابراهيم واسحق ويعقوب) وبدء تكوين هذا الشعب الذي تسمى  بشعب (اسرائيل) وهو اسم ابوهم يعقوب الجديد (تكوين 32: 28)، و يخبرنا الكتاب المقدس ان اول ما اعلنه الله للشعب الوليد على لسان موسى هو الناموس وكانت خطة الله تبدأ بالناموس الذي اعطاه لموسى وتنتهي بالنعمة في المسيح يسوع (لان الناموس بموسى اعطي.اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا) (يوحنا 1: 17)، وايضا (كان الناموس والانبياء الى يوحنا. ومن ذلك الوقت يبشر بملكوت الله ) (لوقا 16: 16) وايضا ( 23 ولكن قبلما جاء الايمان كنا محروسين تحت الناموس مغلقا علينا الى الايمان العتيد ان يعلن.24 اذا قد كان الناموس مؤدبنا الى المسيح لكي نتبرر بالايمان. 25 ولكن بعد ما جاء الايمان لسنا بعد تحت مؤدب.) (غلاطية 3: 23- 25)

بدأ الله يسجل على لسان موسى في الكتاب المقدس، ويخبر الشعب الوليد عن خطته للفداء التي بدأت بالناموس وانتهت بمجيء المسيح، (واما المواعيد فقيلت في ابراهيم وفي نسله. لا يقول وفي الانسال كانه عن كثيرين بل كانه عن واحد وفي نسلك الذي هو المسيح.) (غلاطية 3: 16)، وبدأت البشرية باستقبال الناموس فترة جديدة عليها، فهذا النسل بدأ يكون شعبا وليدا يعرف الله ويتواصل معه عبر الاستماع الى صوت الله بلسان الانبياء، فكان هذا الشعب مثل الطفل الوليد الذي يحتاج تدريب طويل لاعداده ونضجه لكي يجهز الله العالم لاستقبال مجيء المسيح مولود المرأة الذي اخبر عنه منذ بداية السقوط بخطية آدم وحواء (راجع سفر التكوين الاصحاحات 1 و 2 و 3)، ثم تستمر اسفار التوارة في تسجيل قصة آباء هذا الشعب ( ابراهيم واسحق ويعقوب) في سفر تكوين هذا الشعب الوليد ثم ظهور الشعب  الذي تسمى (شعب اسرائيل)  واستقباله لوصايا الله بالقبول والتعهد على الطاعة الكاملة (6 فاخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس.ونصف الدم رشه على المذبح.7 واخذ كتاب العهد وقرا في مسامع الشعب.فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. 8 واخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الاقوال) (سفر الخروج 24 :6-8).

ولقد أعلن الله ارادته فيما يتعلق بالعبادات الالهية والقرابين والكفارة والحياة الاخلاقية للشعب الذي اختاره، ولكن كان عليه التدّرج في الاعلان خطوة خطوة ورأينا اكتمال الصورة النهائية في نهاية القصة التاريخية في زمن الكرازة بالانجيل، ونرى في ذلك حكمة الله. فاذا قمنا بتغذية الطفل الوليد في الشهور الاولى بالطعام الكامل الذي يتناوله الناضجين والبالغين بدلا من اللبن لاصابته التخمة وسوء الهضم فكان ذلك ضررا عليه بدلا من نفعه، وكما تقوم مناهج التعليم في تلقين النشأ في سنوات التعليم الاولية بتقسيم المواد والموضوعات الى مراحل تتدرج بحسب عمروقدرة الطالب على الاستيعاب لكي يتم التعليم بنجاح، فاذا قام المنهج التعليمي بحشو ذهن الطفل منذ السنة الاولى بكل الموضوعات التعليمية لاصابه الارتباك ولم يتعلم شيء،   ولهذا فأن التعليم يتم تدريجيا على اجزاء بحيث يستند كل جزء على الذي سبقه ويرتبط به، فيتمكن الطفل من الاستيعاب وتقبّل وتحصيل المادة ليصل الى تمام التحصيل بعد استنفاذ جميع مراحل التعليم.


كانت تلك هي طريقة الله في اعداد شعب اسرائيل في مدرسة اعلاناته، وقاده من مرحلة الى مرحلة، ولكن الشعب الاسرائيلي من حين لآخر يتأخر او يتعطل في تحصيل درسا ما فكان يحتاج ان يعيد الدرس او يبقوا في نفس الصف دون ترقية او انتقال الى درجة اعلى وكان على الشعب ان يعيد دراسة المقرر من جديد حتى يفهم الدرس، وكان الله صبورا رؤوفا مع اولاده رغم عصيانهم في اوقات وعدم رغبتهم في التعلم ، وقد صّور النبي موسى تعليم الله لشعبه مثل تعليم النسر لافراخه طريقة الطيران، فالنسر يلقي بفرخه من اعالي الجبال وينزل بسرعه ليستقبله على جناحه قبل ان يسقط على الارض، ويكرر الدرس حتى يتعلم الفرخ استعمال جناحه وتقويته في درس الطيران العملي، في صورة قد تبدو للمتابع بغير دراية انها قسوة من النسر على فرخه.




(1 انصتي ايتها السموات فاتكلم ولتسمع الارض اقوال فمي. 2 يهطل كالمطر تعليمي ويقطر كالندى كلامي.كالطل على الكلا وكالوابل على العشب. 3 اني باسم الرب انادي.اعطوا عظمة لالهنا. 4 هو الصخر الكامل صنيعه.ان جميع سبله عدل.اله امانة لا جور فيه صديق وعادل هو 5 افسد له الذين ليسوا اولاده عيبهم.جيل اعوج ملتو. 6 الرب تكافئون بهذا يا شعبا غبيا غير حكيم.اليس هو اباك ومقتنيك.هو عملك وانشاك. 7 اذكر ايام القدم وتاملوا سني دور فدور.اسال اباك فيخبرك وشيوخك فيقولوا لك 8 حين قسم العلي للامم حين فرق بني ادم نصب تخوما لشعوب حسب عدد بني اسرائيل. 9 ان قسم الرب هو شعبه.يعقوب حبل نصيبه. 10 وجده في ارض قفر وفي خلاء مستوحش خرب.احاط به ولاحظه وصانه كحدقة عينه.11 كما يحرك النسر عشه وعلى فراخه يرف ويبسط جناحيه وياخذها ويحملها على مناكبه. 12 هكذا الرب وحده اقتاده وليس معه اله اجنبي. ) (التثنية 32: 1 - 12)

واستمر الشعب في تلقي الدروس والتعليم وخلال السنوات والقرون تدرجوا وترقوا الى اعلى صف الذي يسميه الكتاب "ملء الزمان" وقد تكلم الله اولا بالانبياء وبطرق مختلفة ومتنوعة حتى ارسل ابنه ليكمل ويتمم اعلان الله لشريعته وارادته ( الله بعد ما كلم الاباء بالانبياء قديما بانواع وطرق كثيرة2 كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به ايضا عمل العالمين ) (عبرانيين 1: 1 - 2)



والان بعد ان عرفنا كيف ان الشعب الوليد كان طفلا في البشرية وفي التعامل مع الله، فيستطيع ان يدرك جيدا كل من يعرف شيئا من اصول تربية الطفل انك لا تستطيع ان تحدثه عن الدوافع والمواقف فهو لا يستطيع استيعاب هذه الامور، ولكن ما يفهمه الطفل هو "هل قام بالعمل الموكل اليه والذي طلبه منه والديه ام لا ؟"، فالطفل يحتاج ان تنمو فيه روح الطاعة في حياته المبكرة، ويتعلم ان ينفذ ما يقوله والديه ، دون ان يعرف بالضرورة لماذا يفعل هذا العمل او ما سيترتب عليه بعد ذلك ، فعليه ان يطيع اولا ثم يناقش والديه ويفهم الاسباب بعد ان يصل الى مرحلة النضج.

هكذا كان الله يعامل الشعب الوليد، واول درس تعلمه الشعب هو الطاعة غير المشروطة للوصايا المحددة بأوامر ذات طبيعة ظاهرية مثل تقديم الذبائح بصفات خاصة ومحددة ومن انواع محددة من الحيوانات دون غيرها وتسمية هذه الحيوانات المقبولة للذبائح بالحيوانات الطاهرة، وطالبهم بحفظ كل هذه الوصايا بكل تدقيق، وقد كان الدرس الاساسي في هذه الوصايا وطريقة الله في قبول ورفض الذبائح ان الله قدوس وارادته  لا تنتهك ، وعدم طاعة وصيا الله هو ذنبا فظيعا،  وقد فهمنا نحن الان بعد  نضج البشرية في عهد النعمة والانجيل لماذا كان على الشعب ان يقدم ذبيحة وكيف انها كانت ترمز الى فداء المسيح. 


وقد وصل الانسان في مرحلة النعمة وبعد كرازة الانجيل الى مرحلة النضج الكافي التي جعلت الله يقيم عهدا جديدا مع الشعب الناضج تكون فيه نفس الوصايا  بجوهرها  ومضمونها ليست مكتوبة على الواح حجرية  ينفذها الشعب كطفل صغير ولكن وصايا منقوشة على القلب الداخلي للانسان فهو يفهم الدوافع والاسباب لها، هذا ما اعلنه الله على لسان النبي ارميا (31 ها ايام تاتي يقول الرب واقطع مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا عهدا جديدا. 32 ليس كالعهد الذي قطعته مع ابائهم يوم امسكتهم بيدهم لاخرجهم من ارض مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب. 33 بل هذا هو العهد الذي اقطعه مع بيت اسرائيل بعد تلك الايام يقول الرب.اجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم واكون لهم الها وهم يكونون لي شعبا. 34 ولا يعلمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد اخاه قائلين اعرفوا الرب لانهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم الى كبيرهم يقول الرب.لاني اصفح عن اثمهم ولا اذكر خطيتهم بعد) (ارميا 31: 31 - 34) وهذا ما عرفنا انه تم تحقيقة في زمن العهد الجديد (عبرانيين 8: 7 - 13)
 
ان قصد الله من تدريب الشعب الوليد هو انضاجه وتهيئته لمجيء المسيح المخلّص، وكما يقوم المدرب او المعلم بتدريب وتجهيز النشء وتقوية عضلاتهم واجسادهم في عمليات تدريب قد تكون مؤلمة جسديا وعضليا ولكن في النهاية فهي لخير جسد الانسان وتكوينه واكتمال تشكيله في صورة قوية وسليمة، هكذا فان الله كان يدرب الشعب مثل الاب الذي يربي اولاده لكي ينشأوا اقوياء واصحاء جسديا ونفسيا وروحيا.






(
6 لان الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله. 7 ان كنتم تحتملون التاديب يعاملكم الله كالبنين.فاي ابن لا يؤدبه ابوه. 8 ولكن ان كنتم بلا تاديب قد صار الجميع شركاء فيه فانتم نغول لا بنون.9 ثم قد كان لنا اباء اجسادنا مؤدبين وكنا نهابهم.افلا نخضع بالاولى جدا لابي الارواح فنحيا. 10 لان اولئك ادبونا اياما قليلة حسب استحسانهم.واما هذا فلاجل المنفعة لكي نشترك في قداسته. 11 ولكن كل تاديب في الحاضر لا يرى انه للفرح بل للحزن.واما اخيرا فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام) (عبرانيين 12: 6 - 11)

********
موضوعات ذات صلة 
هل ألغى بولس ناموس موسى ؟
هل غير يسوع شريعة موسى ؟ 1 من 2
هل غير يسوع شريعة موسى ؟ 2 من 2 
العنف والقتال في العهد القديم 
هل يحابي الله وينحاز لشعب دون آخر؟ 

الرد على شبهة: نبيا من وسط اخوتك مثلي (التثنية 18: 15) الجزء الثاني


الرد على شبهة : 
يقيم لك الرب الهك نبيا من وسط اخوتك مثلي
الجزء الثاني

**********



اوجه الشبه بين موسى والمسيح




اولا: اوجه الشبه بين موسى والمسيح في طفولتهما


1- كلاهما جاء من بني اسرائيل 

موسى=" ولما فتحته -السفط- رات الولد واذا هو صبي يبكي.فرقت له وقالت هذا من اولاد العبرانيين." (خروج 2: 6)
المسيح=راجع ايضا سلسلة نسب المسيح من اليهود بني اسرائيل، في بشارة متى 1 و لوقا 3

2- في فترة ولادتهم كان شعب اسرائيل تحت سلطة اجنبية
موسى= "ثم قام ملك جديد علي مصلا لم يكن يعرف يوسف ....." (خروج 1 : 8 – 14)
المسيح= "وفي تلك الايام صدر امر من اوغسطس قيصر بان يكتتب كل المسكونه" (لوقا 2: 1-7)


3- صدور اوامر من الملك بقتل الاولاد
موسى= " .. وقال حينما تولدان العبرانيات وتنظرانهن على الكراسي.ان كان ابنا فاقتلاه وان كانت بنتا فتحيا.
"(خروج 1: 15-16)
المسيح= ".. فارسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها " (متى 2 : 16)

4- ايمان والديهما كان السبب في انقاذ حياتهما:
موسى= "بالايمان موسى بعدما ولد اخفاه ابواه ثلاثة اشهر .. (عبرانيين 11 : 23)

المسيح= " ...اذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا قم وخذ الصبي وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك
.." (متى 2 : 13 – 14)

5- وجدا الحماية في وسط شعب مصر
موسى= " ولما كبر الولد جائت به الى ابنة فرعون فصار لها ابنا ودعت اسمه موسى " (خروج 2 : 10)

المسيح= " فقام واخذ الصبي وامه ليلا وانصرف الى مصر ... " (متى 2 : 14 – 15)

6- متعلمين واظهرا حكمة وفهما غير عاديين:
موسى= " فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدرا في الاقوال والاعمال " (اعمال 7 : 22)

المسيح= " ... وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته " (لوقا 2 : 46 – 47)

**********
ثانيا : اوجه الشبه بين موسى والمسيح في صفاتهما :


1- الوداعة والحلم
موسى= " واما الرجل موسى فكان حليما جدا اكثر من جميع الناس لاذين على وجه الارض "
(عدد 12 : 3)
المسيح= " احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم "
(متى 11 : 29)

 

2- الامانة الكاملة
موسى= " واما عبدي موسى فليس هكذا . بل هو امين في كل بيتي .." (عدد 12 : 7)
المسيح= " ... حال كونه امينا للذي اقامه كما كان موسى ايضا في كل بيته " (عبرانيين 3: 1 – 6)

**********
ثالثا : اوجه الشبه بين موسى والمسيح في تجاربهما الشخصية :
 
1- رفضهم شعبهم
موسى= " ... من جعلك رئيسا وقاضيا علينا .. " (خروج 2 : 14)
المسيح= " فسأل الوالي : من من الاثنين تريدون ان اطلق لكم ؟ فقالوا بارباس . فقال لهم بيلاطس : فماذا أفعل بيسوع الذي يدعى المسيح ؟ قال له الجميع " ليصلب " ( متى 27 : 21 – 22)
"قال لهم بيلاطس أاصلب ملككم.اجاب رؤساء الكهنة ليس لنا ملك الا قيصر." (يوحنا 19: 15)

2- انتقدهم اخوانهم واخواتهم:
موسى= " وتكلمت مريم وهارون علي موسى بسبب المرأة الكوشية التي اتخذها ... " (عدد 12 : 1)
المسيح= " ... من اين لهذا الحكمة والقوات . اليس هذا ابن النجار ؟ اليست امه تدعى مريم واخوته يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا ..." (متى 13 : 54 – 57)
" لان اخوته ايضا لم يكونوا يؤمنون به " (يوحنا 7 : 5)

3- نالوا قبولا من الامم عندما رفضهم شعبهم:
موسى= "... فهرب موسى من وجه فرعون وسكن في ارض مديان .. فارتضى موسى ان يسكن مع الرجل فاعطى موسى صفورة ابنته " (خروج 2 : 15 – 21 )
المسيح= ".. فلما سمع الامم ذلك كانوا يفرحون ويمجدون كلمة الرب . وآمن ميع الذين كانوا معينين للحياة الابدية " (اعمال 12 : 44 – 48)

 

4- طلبوا الغفران من اجل شعبهم:
موسى= " فرجع موسى الى الرب وقال : آه قد أخطأ هذا الشعب خطية عظيمة وصنعوا لانفسهم آلهة من ذهب . والآن ان غفرت خطيتهم والا فامحني من كتابك الذي كتبت " (خروج 32 : 31 – 32)
المسيح= " فقال يسوع. يا أبتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون " (لوقا 23 : 34 )

 

5- كانا مستعدان ان ينالا العقاب بدلا عن الشعب
موسى= ".. والا فامحني من كتابك الذي كتبت "
(خروج 32 : 31 – 32)
المسيح= ".. فان المسيح ايضا تألم مرة واحدة من اجل الخطايا البار من اجل الاثمة لكي يقربنا الى الله .. " (بطرس الاولى 3 : 18)
 

6- الصوم لمدة اربعين يوما
موسى= " وكان هناك عند الرب اربعين نهارا واربعين ليلة ولم يأكل خبزا لم يشرب ماء " (خروج 34 : 28)
المسيح= " فبعد ما صام اربعين نهارا واربعين ليلة جاع اخيرا " (متى 4 : 2)

 

7- الحديث المباشر مع الله
موسى= " .. فما الى فم وعيانا اتكلم معه لا باللغاز وشبه الرب يعاين .. " (عدد 12 : 7 – 8)
المسيح= " الله لم يره احد فط . الابن الوحيد الذي هو في حضن الاب هو خبـّر " (يوحنا 1 : 18)
" والكلمة صار جسدا وحل بيننا"  (يوحنا 1 : 18)

8- الصعود الى الجبل والشركة مع الله في شهادة اتباعهم:
موسى= " ثم صعد موسى وهارون وناداب وابيهو وسبعون من شيوخ اسرائيل ورأوا اله اسرائيل .." (خروج 24 : 9 – 10)
المسيح= " وبعد ستة ايام اخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا اخاه وصعد بهم الى جبل عال منفردين " (متى 17 : 1- 5)

 

9- لمعان الوجه بعد اللقاء مع الله
موسى= " فاذا رأي بنو اسرائيل وجه موسى أن جلده يلمع كان موسى يرد البرقع على وجهه حتى يدخل ليتكلم معه " (خروج 34 : 35 )
المسيح= " وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور " (متى 17 : 2)

 

10- حديث الله معهما بصوت مسموع امام الشهود:
موسى= " فكان صوت البوق يزداد اشتداد جدا وموسى يتكلم والله يجيبه بصوت .. " (خروج 19 : 19 – 20)
المسيح= " ايها الاب مجد اسمك . فجاء صوت من السماء مجدت وامجد ايضا " (يوحنا 12 : 28)
 


**********
رابعا : اوجه الشبه بين موسى والمسيح في خدمتهما :

1- خدمة التعليم
موسى= "فالان يااسرائيل اسمع الفرائض والاحكام التي انا اعلمكم لتعملوها لتحيوا ... " (تثنية 4 : 1)
" لما رأي الجموع صعد الى الجبل فلما جلس تقدماليه تلاميذه فعلمهم قائلا .." ( متى 5 : 1 – 2)
المسيح= " كان انسان من الفريسين امه نيقوديموس رئيس لليهود . هذا جاء الى يسوع ليلا وقال له يامعلم نعلم انك قد اتيت من الله معلما ..." (يوحنا 3 : 1 – 2)

2- رعاية الشعب:
موسى= " هديت شعبك كالغنم بيد موسى وهارون .. " (مزامير 77 : 20)

المسيح= " انا هو الراعي الصالح . والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف " (يوحنا 10 : 11)

3- اعلان اسم الله للشعب:
موسى= " فقال موسى لله : ها أنا اتي الى بني اسرائيل واقول لهم اله ابائكم ارسلني اليكم، فاذا قالوا لي ما اسمه ؟ فماذا اقول لهم ؟ فقال الله لموسى " أهيه الذي أهيه ... " (خروج 3 : 13 – 14)

المسيح= " انا اظهرت اسمك للناس الذين اعطيتني من العالم .. " (يوحنا 17 : 6)

4- اطعام الشعب الجائع بطريقة معجزية:
موسى= " ولما ارتفع سقيط الندي اذا عل وجه البرية شيء دقيق مثل قشور . دقيق كالجليد على الارض . فلما رأي بنو اسرائيل قالوا بعضهم لبعض " من هو ؟" لانهم لم يعرفوا ما هو فقال لهم موسى " هو الخبز الذي اعطاكم الرب لتأكلوا " (خروج 16 : 14 – 15)

المسيح= ".. ثم اخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر واعطي الارغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع . فاكل الجميع وشبعوا . ثم رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشرة قفة مملؤة ..والاكلون كانوا نحو خمسة الاف رجل ماعدا النساء والاولاد .." (متى 14 : 19 – 21)

5- منقذ ومخلّص الشعب:
موسى= " فقال الرب : اني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم .. فالان هلم فارسلك الى فرعون وتخرج شعبي بني اسرائيل من مصر .."(خروج 3 : 7 – 10)

المسيح= " روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب . لانادي للمأسورين بالاتطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية . واكرز بسنة الرب المقبولة .." (لوقا 4 : 18 – 19)

6- خدمة الشفاء:
موسى= " فصنع موسى حية من نحاس ووضعها على الراية فكان متى لدغت الحية انسانا ونظر الى حية النحاس يحيا .. " (عدد 21 : 9)
المسيح= " وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت . ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب " (متى 4 : 23)


7- عمل معجزات عظيمة وباهرة:
موسى= " ولم يقم نبي في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه . في جميع الآيات والعجائب التي ارسله الرب ليعملها في ارض مصر بفرعون وجميع عبيده وكل ارضه " (تثنيه 34 : 10 – 11)

المسيح= " ايها الرجال الاسرائيليون اسمعوا هذه الاقوال يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم ايضا تعلمون " (اعمال 2 : 22)

8- اقاما عهدا بين الله والشعب مختوما بالدم
:

موسى= " واخذ موسى الدم ورش علي الشعب وقال : " هوذا دم العهد الي قطعه الرب معكم على جميع هذه الاقوال " (خروج 24 : 8)
المسيح= "لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا " (متى 26 : 28) 

 

***********


ولا يسعني الا ان انهي هذه الادلة كلها بسؤال للاخوة المسلمين الذي يحاولون لي اعناق الكلمات لتفسيرها وتأويلها على غير حقيقتها، وقد ذكرنا تفسيرها بالوحي المقدس نفسه وليس بتفسير بشري، هل محمد نبي الاسلام لم يعرف ان موسى كان يقصده بهذه النبؤة فيذكر اي شيء عنها او يقول انا الذي تتحقق فيه هذه النبؤة كما ذكر المسيح صراحة او الوحي المقدس على لسان تلاميذه كما اشرنا؟

نستطيع نحن المسيحيون ان نضع كتاب اليهود (العهد القديم) بكل الثقة والاطمئنان جنبا الى جنب مع كتابنا (العهد الجديد) ليكون معا الكتاب المقدس الذي يحتوي النبؤات لكل الانبياء من موسى ومن بعده الى يوحنا المعمدان آخر نبي جاء قبل المسيح، لاننا نثق ان المسيح هو محقق هذه النبؤات وفيه وحده تتحقق كل نبؤات الانبياء، فلماذا يخاف المسلمون حتى من قراءة الكتاب المقدس ناهيك عن وضعه مع القرآن، بل واتهامه بالتحريف والتغيير لانهم لم يستطيعوا ان يجدوا مرجعية شرعية صحيحة واحدة تشير الى صدق نبؤة محمد نبي الاسلام ؟

واخيرا، فمن الواضح الجلي انه ليس هناك اي تشابه بين موسى ونبي الاسلام، وبعض المسلمين الذين يقولون ان وجه الشبه هو انه مولود لابوين في حين المسيح مولود من عذراء بدون اب، نقول لهم ان هذه نقطة يتشابه فيه جميع البشر وليس دليل النبؤة ان يكون للانسان ابوين !! كما ان موسى قد تزوج واحدة فقط (نبؤة عن المسيح العريس الذي يتزوج الكنيسة) في حين ان نبي الاسلام تزوج الكثيرات، كما ان محمد لم يصنع معجزة واحدة يسجلها له القرآن، بل على العكس القرآن يسجل صراحة عدم اجراء محمد لاي معجزة يراها معاصروه.  

الرد على شبهة: نبيا من وسط اخوتك مثلي (التثنية 18: 15) الجزء الاول

الرد على شبهة : 
يقيم لك الرب الهك نبيا من وسط اخوتك مثلي
الجزء الاول
**********
مرة اخرى اعتذر من الاخوة المتابعين والقراء لتكرار الرد على شبهة تكررت كثيرا، وربما تم الرد عليها في اماكن اخرى كثيرة اكثر من مرة، ولكن لانه حتى الان تصلني بعض الرسائل الاليكترونية تذكر هذه الشبهة وكأن ليس لدينا رد عليها، او ربما يكون طارح الشبهة في احدي الدول التي يتعذر منها الوصول الى بعض المواقع التي تحتوي الرد على هذه الشبهة، فاسمحوا لي بأن اضع الرد باختصار مرة اخرى وفي التكرار الافادة.


يزعم بعض المسلمين ان هذه النبؤة تتكلم عن محمد "نبي الاسلام"،  ولكن بقراءة متأنية قليلا للنص في سياقه وبعض التفهّم  لمن هو القائل ولمن قيلت او من هو المستمع  نستطيع بسهولة ان ندرك خطأ هذا التفسير واخراج للنص من سياقه ومضمونه،  وكعادتنا نضع الكلام كله في سياقه، ونناقشه ونحلله ونفهمه  وهو كلام الله الى موسى ليخبر به شعب بني اسرائيل، فجاء الكلام كما يلي:

(15 يقيم لك الرب الهك نبيا من وسطك من اخوتك مثلي.له تسمعون. 16 حسب كل ما طلبت من الرب الهك في حوريب يوم الاجتماع قائلا لا اعود اسمع صوت الرب الهي ولا ارى هذه النار العظيمة ايضا لئلا اموت 17 قال لي الرب قد احسنوا فيما تكلموا. 18 اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به 19 ويكون ان الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي انا اطالبه. 20 واما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم اوصه ان يتكلم به او الذي يتكلم باسم الهة اخرى فيموت ذلك النبي. 21 وان قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب. 22 فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه)



والآن تعال لنفهم ماجاء في هذه النبؤة، ونبحث في الوحي المقدس الذي أخبر عن النبؤة، هل اخبر عن شخص اشار اليه انه تحققت النبؤة بالفعل فيه ام ننتظر آخر ؟

النص يتضمن بعض الصفات لهذا (النبي)، وهي:
اولا: نبيا صادقا يتكلم بكلام الرب الاله
ثانيا: نبيا من وسط اخوتك
ثالثا: نبيا مثلي (اي مثل موسى)
نناقشها فيما يلي، ثم نذكر كيف يشرح الوحي المقدس تحقيق النبؤة


اولا: نبيا صادقا يتكلم بكلام الرب الاله
**********
وهنا لم يتركنا النص حيارى لنضع شروط هذا النبي بانفسنا، بل وضعها لنا الوحي المقدس نفسه، انه يتكلم بكلام عن المستقبل ويتحقق فعلا، وجدير بالذكر هنا ان محمد لم يذكر في القرآن ( الذي يزعم انه كلام الله له) عن نبؤة واحدة مستقبلية، وبالطبع حيث انه لم يذكر اي نبؤة عن المستقبل فليس هناك مجال للبحث هل تحققت ام لم تتحقق.
وهنا لا يفوتنا ان نذكر وننبه الاخوة المسلمين الذين يزعمون ان القرآن يحوي مثل هذه النبؤة  فيشيرون الى (غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (الروم  2 و3)، ان المفسرين ذكروا انها كانت تقرأ على الوجهين (غلبت بضم الغين وبفتحها) ولم يتفقوا على القراءة الحالية الا بعد ان وجدوا انها تناسب الاحداث التي تمت بعد ذلك اي انهم صنعوا منها نبؤة وهي لم تكن كذلك، وبغير هذه الآية ليس هناك اي شيء يمكن ان يقول عنه المسلمون انه نبؤة قرآنية لاحداث المستقبل، وعلى هذا فالشرط الاول لا ينطبق على محمد

ثانيا: نبيا من وسط اخوتك
 **********
وبدون الدخول في متاهات كثيرة لتفسير من هو المقصود بالاخوة هنا، فالمسلمين يزعمون ان المقصود بها اخوة اسماعيل الى اسحق لكي يتحقق لهم المراد من تلفيق النبؤة على محمد، في حين ان النص واضح، حيث ان موسى هنا وهو يكلم بني اسرائيل (اي يعقوب) فهو يقصد اخوة الاسباط الاثني عشر بعضهم لبعض، ومرة اخرى لم يتركنا الوحي المقدس لنجتهد في هذا التفسير، ففي الاصحاح السابق مباشرة من نفس سفر التثنية، نجد توصيات الله لموسى باختيار ملك على نفس الشعب الذي يخاطبه موسى فيقول:
(14 متى اتيت الى الارض التي يعطيك الرب الهك وامتلكتها وسكنت فيها فان قلت اجعل علي ملكا كجميع الامم الذين حولي.15 فانك تجعل عليك ملكا الذي يختاره الرب الهك. من وسط اخوتك تجعل عليك ملكا.لا يحل لك ان تجعل عليك رجلا اجنبيا ليس هو اخاك. )
(التثنية 17: 14 - 15)
والكلام هنا واضح ولا يحتاج الى مزيد من الشرح او التحليل، فشعب بني اسرائيل كانوا يختارون دائما عليهم ملكا (من وسط اخوتهم) اي ان الملك من بين الاسباط الاثني عشر الاخوة، وفي هذا الصدد يقول عن اي ملك آخر من خارج الاسباط (رجلا اجنبيا).

وقد ذكر الناموس ان الاسباط العبرانيين بين بعضهم يسمون ( اخوة واخوات):
(اذا بيع لك اخوك العبراني او اختك العبرانية وخدمك ست سنين ففي السنة السابعة تطلقه حرا من عندك.) (التثنية 15: 12)




ثالثا: نبيا مثلي (اي مثل موسى)

********** 
ومرة اخرى ايضا لم يتركنا الوحي المقدس لكي نضع شوطا من عندنا بل ذكرهو هذه الشروط فيما يلي (10 ولم يقم بعد نبي في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه 11 في جميع الايات والعجائب التي ارسله الرب ليعملها في ارض مصر بفرعون وبجميع عبيده وكل ارضه 12 وفي كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التي صنعها موسى امام اعين جميع اسرائيل) (التثنية 34: 10-12)

وكما نرى فانها شروط يصعب في ان تتحقق في انسان عادي، ولكن عندما يقول الوحي المقدس انها تحققت في المسيح اي الله الظاهر في الجسد في صورة الناس، فبالطبع نجد تحقيقا سهلا لها، كما نرى فان احدا لم يكلم الله وجها لوجه، ولكن المسيح هو كلمة الله المتجسد (يوحنا 1: 1و 14)، وايضا (تيموثاوس الاولى 3: 16)، فقد كان الانبياء يتكلمون بكلام الله ولكن المسيح الازلي نفسه هو كلمة الله الينا (عبرانيين 1: 1 و2)، والمسيح ايضا هو صانع المعجزات الذي تفوق بمعجزاته على كل معجزات الانبياء مجتمعين، سواء في العدد او القدرة او التفرد، فهو الوحيد الذي اعطى تلاميذه سلطان اجراء المعجزات باسمه (اي اسم المسيح نفسه) ووعد ان يصنع المعجزات مع المؤمنين به الى مدى الايام (يوحنا 14: 12-13 )، وايضا (مرقس 16 :17-18)، وايضا (متى 28: 20)، وسنأتي على هذا بالتفصيل في الجزء الثاني عند سرد اوجه الشبه بين المسيح وموسى.






واخيرا، فعند تفسير النبؤات لا نقوم نحن بتفسيرها بمجهودات بشرية، حيث ان الوحي المقدس يقوم بشرح النبؤة بنفسه كما يقول الكتاب المقدس (20 عالمين هذا اولا ان كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص. 21 لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس) (بطرس الاولى 1: 20-21)

وقد ذكر الكتاب المقدس ان النبؤة تحققت بالفعل في شخص المسيح وليس سواه، فقد قال المسيح بنفسه لليهود ان موسى انما كان يخبر عنه (45 لا تظنوا اني اشكوكم الى الاب. يوجد الذي يشكوكم وهو موسى الذي عليه رجاؤكم. 46 لانكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لانه هو كتب عني. 47 فان كنتم لستم تصدقون كتب ذاك فكيف تصدقون كلامي) (يوحنا 5: 45 - 47) 

ولم يغب عن التلاميذ ان النبؤة تحققت في يسوع المسيح (فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والانبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة.) (يوحنا 1: 45)، واضح اذا ان موسى كان يتنبأ عن (النبي المتميز الذي هو المسيح المنتظر نفسه)  وعندما جلس المسيح يعلم في الموعظة الشهيرة كان يقول (سمعتم انه قيل واما انا فاقول) في اشارة واضحة الى سلطان المسيح وسموه في التعليم الذي يفوق سلطان موسى  في الناموس المعطى له من الله،  وفي حادثة تجليّ السيد المسيح بالمجد الازلى امام التلاميذ وظهور موسى وايليا يتكلمان معه، فراح بطرس يقترح ان يصنعوا ثلاث مظال للمسيح وايليا وموسى، ولكن الله اخفي موسى وايليا وابقى المسيح وحده امامهم ليفهموا مقام المسيح  المتفرد  (متى 17: 1 - 7)، وبعد قيامة المسيح  ظهر لتلميذي عمواس وبدأ يشرح لهما كيف ان النبؤات في الكتاب تتحدث عن مجيئه وآلامه وموته وقيامته مبتدأ من موسى  الذي تنبأ عن المسيح (ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الانبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب) (لوقا 24: 27)،ثم ظهر مرة اخرى الى التلاميذ  في العلية وقال لهم نفس الكلام (وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء والمزامير.) (لوقا 24: 44).
ثم تكلم الوحي المقدس بالروح القدس على لسان بطرس في حواره مع اليهود بعد صلب وقيامة وصعود المسيح واشار في كلمات حاسمة وقاطعة الدلالة ان النبؤة التي قالها موسى في سفر التثنية انما تتحقق في السيد المسيح :
(17 والان ايها الاخوة انا اعلم انكم بجهالة عملتم كما رؤساؤكم ايضا. 18 واما الله فما سبق وانبا به بافواه جميع انبيائه ان يتالم المسيح قد تممه هكذا. 19 فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب. 20 ويرسل يسوع المسيح المبشر به لكم قبل. 21 الذي ينبغي ان السماء تقبله الى ازمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع انبيائه القديسين منذ الدهر.22 فان موسى قال للاباء ان نبيا مثلي سيقيم لكم الرب الهكم من اخوتكم.له تسمعون في كل ما يكلمكم به. 23 ويكون ان كل نفس لا تسمع لذلك النبي تباد من الشعب. 24 وجميع الانبياء ايضا من صموئيل فما بعده جميع الذين تكلموا سبقوا وانباوا بهذه الايام. 25 انتم ابناء الانبياء والعهد الذي عاهد به الله اباءنا قائلا لابراهيم وبنسلك تتبارك جميع قبائل الارض. 26 اليكم اولا اذ اقام الله فتاه يسوع ارسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره) (اعمال الرسل 3: 17-26)

وفي محاكمة استفانوس، كان يذكر الادلة على ان يسوع هو المسيح المنتظر الذي اخبر عنه الانبياء كلهم بما فيهم موسى، وهي مقالة طويلة نذكر منها فقط ما يخصنا الان في قوله (37 هذا هو موسى الذي قال لبني اسرائيل نبيا مثلي سيقيم لكم الرب الهكم من اخوتكم.له تسمعون. 38 هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية مع الملاك الذي كان يكلمه في جبل سينا ومع ابائنا.الذي قبل اقوالا حية ليعطينا اياها. ) (اعمال الرسل 7: 37 - 38)
وهي اشارات واضحة ان موسى كان يتكلم عن المسيح، وان المسيح هو ملاك العهد (او ملاك يهوه) الذي يؤمن اليهود انه ظهورات يهوه القدير نفسه في العهد القديم .

ويطول بنا سرد الادلة اذا ذكرنا كل ما كتبه الرسول بولس في رسائله في مقارنات واضحة بين خدمة ناموس موسى بالجسد وخدمة الروح بالمسيح يسوع في المجد (رسالة كورنثوس الثانية الاصحاح 3 على سبيل المثال)،( او الرسالة الى العبرانيين الاصحاح 3)

اما عن اوجه الشبه بين المسيح وموسى فهي كثيرة ولذلك نرجيء لها مقالا خاصا في الجزء الثاني


مقــالات ســابقــة