************* الشبهة ***************
قال بولس ( فانه ان كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا أدان انا بعد كخاطئ ) (روميه 3: 7) ومن هذا يقول المعترضون ان بولس يشجع على الكذب ، خاصة اذا كان الموضوع في الكلام مع غير المسيحيين و اذا كان الهدف هو زيادة مجد الله .
كاتب هذه الشبهة لم يقرأ الفقرة في سياقها ، فاذا كنت دارسا لرسالة رومية ، واسلوب الرسول بولس في كتابتها ، ووضعت الفقرة كاملة في سياقها بدون اجتزاء وبتر مخلّ ، لاكتشفت ان بولس لا يقولها متكلما عن نفسه أو معبرا عن ارائه .
الفقرة مقتبسة من رسالة الرسول بولس الى اهل رومية ، ويقول وليم باركلي في تفسير الرسالة : " لا يخفى أن اصعب ما يمكن فهمه هو الرسائل ، ويقتبس ديمتريوس قولا لأرتيمون الذي حرر رسائل أرسطو، جاء فيه ان الرسالة يجب ان تكتب في قالب حوار، لانه اعتبر ان الرسالة جانب واحد من الحوار. وبتعبير عصري نقول ان قراءة رسالة تشبة الاستماع لحديث تليفوني من جانب احد، وعلى هذا فاننا حين نقرأ رسائل بولس تواجهنا صعوبة، فنحن لا نملك الرسالة التي يجيب عليها، ولا نعرف بالضبط كل الظروف التي كان يعالجها، كل ما هناك اننا نستنتج الظروف التي دفعت على الكتابة." <1>
في هذه الفقرة من الرسالة الى رومية، يكتب الرسول بولس بصورة حوار بينه وبين شخص (افتراضي) يهودي ، فبولس يحاول اقناع اليهودي انه لا فضل بينه (كيهودي بالولادة) وبين غير اليهودي ، فكتب هذه الفقرة في صيغة حوار ، وكانت هذه الكلمات من ضمن الاقوال التي قالها المعترض على بولس .
النص في سياقه يقول:
(1 اذا ما هو فضل اليهودي او ما هو نفع الختان. 2 كثير على كل وجه.اما اولا فلانهم استؤمنوا على اقوال الله. 3 فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء. افلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله. 4 حاشا.بل ليكن الله صادقا وكل انسان كاذبا.كما هو مكتوب لكي تتبرر في كلامك وتغلب متى حوكمت. 5 ولكن ان كان اثمنا يبين بر الله فماذا نقول العل الله الذي يجلب الغضب ظالم. اتكلم بحسب الانسان. 6 حاشا. فكيف يدين الله العالم اذ ذاك.7 فانه ان كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا ادان انا بعد كخاطئ. 8 اما كما يفترى علينا وكما يزعم قوم اننا نقول لنفعل السيات لكي تاتي الخيرات. الذين دينونتهم عادلة 9 فماذا اذا.انحن افضل.كلا البتة.لاننا قد شكونا ان اليهود واليونانيين اجمعين تحت الخطية 10 كما هو مكتوب انه ليس بار ولا واحد. 11 ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. 12 الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد.)
النص في سياقه يقول:
(1 اذا ما هو فضل اليهودي او ما هو نفع الختان. 2 كثير على كل وجه.اما اولا فلانهم استؤمنوا على اقوال الله. 3 فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء. افلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله. 4 حاشا.بل ليكن الله صادقا وكل انسان كاذبا.كما هو مكتوب لكي تتبرر في كلامك وتغلب متى حوكمت. 5 ولكن ان كان اثمنا يبين بر الله فماذا نقول العل الله الذي يجلب الغضب ظالم. اتكلم بحسب الانسان. 6 حاشا. فكيف يدين الله العالم اذ ذاك.7 فانه ان كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا ادان انا بعد كخاطئ. 8 اما كما يفترى علينا وكما يزعم قوم اننا نقول لنفعل السيات لكي تاتي الخيرات. الذين دينونتهم عادلة 9 فماذا اذا.انحن افضل.كلا البتة.لاننا قد شكونا ان اليهود واليونانيين اجمعين تحت الخطية 10 كما هو مكتوب انه ليس بار ولا واحد. 11 ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. 12 الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد.)
والان تعال لنفهم ونحلل هذا النص، واليكم النص مع وضع باللون الاحمر اسم (بولس) للدلالة على ما هي اقوال بولس في الفقرة ، واسم ( المعترض ) للدلالة على اقوال المعترض على اقوال بولس .من الرسالة
1( المعترض ) اذا ما هو فضل اليهودي او ما هو نفع الختان. (او بصيغة اخرى يقول المعترض لبولس، من كلامك في الاصحاح السابق نفهم انه لا فرق بين اليهودي والوثني لان كليهما يقف في نفس الموقف، فما هو الفرق بين اليهودي والوثني ؟)
2(بولس) كثير على كل وجه. اما اولا فلانهم استؤمنوا على أقوال الله. (او بمعنى آخر يملك اليهود ما لم يملكه الوثنيون ، فعندهم اقوال الله)
3(المعترض) فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء. أفلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله. (او بصيغة اخرى يقول المعترض ماذا يحدث لو ان بعض اليهود عصوا اقوال الله ولم يكونوا امناء له ، فحقت عليهم دينونة الله ؟ اذا كان لليهود مكانة خاصة ووعدا خاصا ، ولكنك تمضي لتقول ان بعض اليهود على الاقل تحت دينونة الله ، هل معنى هذا ان الله نقض وعده فاظهر انه ظالم لا يعتمد عليه ؟ )
4(بولس) حاشا. بل ليكن الله صادقا وكل انسان كاذبا. كما هو مكتوب لكي تتبرر في كلامك وتغلب متى حوكمت ( او بصيغة اخرى ، حاشا ، ان هذا يظهر أن الله لا يحابي احدا ، وانه يعاقب الخطيةأينما وجدت، ان عقاب الله لليهودي الكاذب هو افضل برهان على عدالته المطلقة، ذلك انه لم يتغاض عن خطايا شعبه ، وهذا خير دليل على عدالته المطلقة، وعلى حقه في ادانة كل الارض.
5(المعترض) ولكن ان كان اثمنا يبيّن بر الله فماذا نقول ألعل الله الذي يجلب الغضب ظالم.( او بصيغة اخرى يقول المعترض لقد واجهتنا بمشكلة جديدة، لقد اظهرت ان عصياني اعطى الله فرصة ليبرهن بها على بره وعدالته ، ان اثمي بين بر الله
6(بولس) اتكلم بحسب الانسان. (اضافة استدراك من بولس لكي لا يساء فهمه) حاشا. فكيف يدين الله العالم اذ ذاك.
7(المعترض) فانه ان كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا أدان انا بعد كخاطئ. (او بصيغة اخرى فكيف تدعوني خاطئا اذن، ان خطيتي رائعة لانها اعطت الله الفرصة ليبرهن بها على عدالته وصلاحه ، صحيح انني اخطأت ، ولكن نتائج صالحة ترتب على هذا الخطأ ، ولن تقدر ان تدين انسانا وهب الله فرصة ليظهر عدالته .)
8(بولس) أما كما يفترى علينا وكما يزعم قوم اننا نقول لنفعل السيآت لكي تأتي الخيرات. الذين دينونتهم عادلة (او بصيغة اخرى هذا منطق معكوس وغير معقول ان ينادي به احدا يعرف الله، فهذا القول يجعل الناس غير المؤمنين يفترون على المؤمنين الحقيقين بانهم جميعا يقولون بنفس المنطق، نخطيء لكي يظهر صلاح الله ؟ هذا كلام خاطيء لان كل من ينادي بهذا الفكر يضع نفسه ايضا تحت دينونة الله على الخطية.
9(المعترض ) فماذا اذا. أنحن افضل. ( او بصيغة اخرى، اليس هذا وضعنا كيهود افضل من الآخرين ولن تقع علينا دينونة الله لاننا يهود) ؟
9- 12(بولس) كلا البتة. لاننا قد شكونا ان اليهود واليونانيين اجمعين تحت الخطية كما هو مكتوب انه ليس بار ولا واحد. ليس من يفهم.ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معا.ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد. (او بصيغة اخرى، عدنا الى النقطة الاولى ان اليهود وغيرهم تحت الخطية لان ليس احدا صالح سواء من اليهود او من غير اليهود لكنا خطاة ولم نفعل البر او الصلاح الكافي لكي ننجو من دينونة الخطية، فلكنا فعلنا الخطية ولم يكن فينا من يفعل الصلاح ليس ولا واحد.)
*********
ارجو من الأخوة المسلمين ان يبحثوا ويقرأوا في الكتاب المقدس ولا ينقلوا او يكرروا بغير فهم عن بعض المغرضين المدلسين .الكلمة ليست من اقوال بولس ، بل من اقوال معترض افتراضي يتكلم معه بولس في الفقرة ،فهو يكتب باسلوب شيق وكأن هناك حوارا بينه وبين شخص يهودي معترضا على كلامه .الاسلوب يتبعه الرسول بولس في فقرات اخرى كثيرة من رسالته الى روميه ، ادرس الرسالة وسوف تكتشف المزيد من الفقرات التي كتبها بولس بنفس الاسلوب .
مع تحياتي ومحبتي
************
<1> المراجع المستعان بها ( تفسير رسالة رومية ، وليم باركلي، تعريب القس منيس عبد النور)