قصة الخلق والسقوط
قراءات في القرآن
قراءات في القرآن
الأخوة الاحباء والقراء ، ليس قصدي استفزاز احد بطرح هذه الموضوعات ، فقد سبقنا اليها الاخ الكاتب ( سعد الله خليل ) في قراءاته للتوراة ، وقد قمنا بالرد عليه بهدوء وبدون عصبية ، ولكن الا يحق لنا نحن ايضا ان نعرض عليكم بعض الاستفسارات والتساؤلات التي تخطر على بالنا عند قراءة القرآن ؟
مرة اخرى اكرر ، ليس غرضي التفسير ولا غرضي اثارة الاخوة ، وانما القي بعض التساؤلات ، آملا ان نلقى عليها ردا واجابة شافية .
*************************
الحلقة الأولى
أولا : قصة الخلق في القرآن
تبدأ قصة الخلق في القرآن بأعلان الله لملائكته انه ينتوي أن يجعل في الأرض خليفة (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) ( البقرة : 30 - 33)
واليكم هذه الخواطر والتساؤلات حول هذه الآيات
(1) بداية في قوله ( جاعل في الارض خليفة ) نواجه ثلاثة تساؤلات أو أفكار :
الفكرة الاولى :
كيف يقول الله انه جاعل في الأرض خليفة في حين انه خلقه في الجنة بحسب التفسيرات الاسلامية ( مستدلين على ذلك بقوله اهبطوا مرتين ( البقرة 36 و 38) ، فقالوا أنه أراد بالاولى هبوطه من جنته الى السماء الدنيا ، وبالثانية هبوطه الى الأرض، فلا شك اذا في أنهم يعتقدون أن جنة آدم كانت في السماء لا على الأرض – وعموما سوف نناقش ذلك بالتفصيل في قصة السقوط )
الفكرة الثانية : اذا كان الله خلق آدم ليكون على خليفة على الأرض ، وأن الجنة كانت على الارض وليست في السماء ، فلماذا طرده الله منها بعد السقوط ، أليس هذا معناه انه طرده من الجنة ومن كونه "خليفة" على الارض ، فالانسان بعد السقوط اصبح في عداوة مع اخيه الانسان ( انظر الى اول جيل في الاخوة ابناء آدم ) والانسان اصبح في عداوة مع المخلوقات الاخرى ، فاصبحنا نعرف حيوانات اسمها ( مفترسة ) لم تكن تستطيع ان ( تفترس ) خليفة الله في الارض قبل السقوط .
الفكرة الثالثة : ويقول تفسير الجلالين (وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد إذْ " قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة" يَخْلُفنِي فِي تَنْفِيذ أَحْكَامِي فِيهَا) فاذا كان القصد ان الله جعل آدم خليفة في الارض بعد السقوط ، فكيف يجعل الله عاصيا في تنفيذ احكام الله خليفة له في تنفيذ احكام الله ؟
(2) يذكر القرآن ما يثبت اعتراض الملائكة على حكمة ربهم في خلق آدم واستخلافه واحتجوا عليه بأن هذا الخليفة سيفسد في الارض ويسفك الدماء ، وهنا ايضا نواجه فكرتان :
الفكرة الاولى : اذا كانت الملائكة صادقين في حجتهم ، فانه ينسب اليهم سبق العلم والقدرة على التنبأ من ذواتهم بدون اعطاء الله النبؤه لهم ، فلا وجه لرد اعتراضهم بقوله ( إني أعلم ما لا تعلمون) لانه ثبت فعلا ان الخليفة افسد في الارض وسفك فيها الدماء ، وبداية هذا كان في الجيل الثاني مباشرة ، اذ قتل قابيل اخوه هابيل وسفك دمائه.
الفكرة الثانية : اذا كانت الملائكة مخطئة في اعتراضها ، فأن القرآن ينسب لهم الأفتراء والكذب والغيبة وهذا مناف لما خصهم به من العصمة .
(3) قوله وعلّم آدم الاسماء فعرفها ، واخفاء الله هذا العلم عن الملائكة ثم سؤالهم عن الاسماء ، فكانت اجابتهم منطقية ( سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا ) ، ولكن نجد ان الله يتباهي بعلم آدم على الملائكة ، وهذا يتنافي مع كون الله ( العليم الحكيم )، اذ كيف يعلم آدم ولا يعلم الملائكة ، ثم يتفاخر أمام الملائكة بعلم آدم وجهلهم واثبات حجته على حجتهم ، فانهم ما جهلوا تلك الاسماء الا لانه اخفاها عنهم ، وما عرفها آدم الا لأنه علّلمه اياها ، فأي وجه للمفاخرة والمباهاة بعلم آدم ، وما وجه تقصير الملائكة في جهل الاسماء وقد طويت عنهم .
(4) الحاصل من هذا الكلام على قدر ما يمكن تحصيله ان الله حاول بقضية معرفة الاسماء أن يدحض دعوى الملائكة بعلمهم السابق أن آدم سيفسد في الأرض ويسفك الدماء ، الا أن ما حجهم به من ذلك ليس بحجة لان معرفة آدم للاسماء كانت بعلم الله وهي لا تبطل ما اقترفه الخليفة في الارض من الفساد وسفك الدماء ، وقوله ( اني اعلم ما لاتعلمون ) ان كان قصده تبرئة ساحة خليفته مما رموه به فقد اثبت عليه م جريمة البهتان والغيبة مع أنه يأمرنا أن نعتقد بعصمتهم ، وان كان اراد به انه لا جناح على من يفسد في الارض ويسفك الدماء فلم ينهي عنه ويعاقب من يفعله الا ان يقال انه قد خفي عليه ان آدم وذريته سيكون اشرارا مفسدين ولم يخف ذلك على الملائكة .