هل هناك تناقض بين قول الكتاب الله لا يندم ثم يقول في فقرات أخرى الله ندم ؟
دعنا في البداية نضع الشاهد الافتتاحي الذي فتحنا به الموضوع ، فيقول :
في سفر العدد ۲۳: ۱۹
لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟
وفي الأصل العبري جاءت كما يلي
לֹ֣א אִ֥ישׁ אֵל֙ וִֽיכַזֵּ֔ב וּבֶן־אָדָ֖ם וְיִתְנֶחָ֑ם הַה֤וּא אָמַר֙ וְלֹ֣א יַעֲשֶׂ֔ה וְדִבֶּ֖ר וְלֹ֥א יְקִימֶֽנָּה׃
الكلمة مجال البحث في الأصل العبري هي
וְיִתְנֶחָ֑ם (صوتها ويتنحم ) ويندم
وهي من المصدر
נָחַם = نحم = نون حيت ميم (أو بالعربية نون حاء ميم )
وهي كلمة من أصل سامي نجدها في اللغة العبرية واللغة العربية ، واختصارا هي كلمة صعبة الترجمة لأنها كلمة تعبّر عن صوت تنهد يخرج من صدر الإنسان للتعبير عن التنفس العميق أو الراحة أو الأسف وهي الكلمة التي جاء منها (من المصدر) اسم ( נַחוּם = نَاحُومَ ) النبي ومعناه (تعزية)
المصدر: https://www.blueletterbible.org/lexicon/h5151/kjv/wlc/0-1/
معنى الكلمة في الأصل العبري
اللغة الاصلية: נָחַם
عربي: للتأسف : الراحة
انچليزي: to be sorry: comfort
قراءة حرفية: nâcham
التعزية (١) أن تأسف، تعزي نفسك، تتوب، تندم، تعزية، تتعزى (١-أ) (صيغة نيفال) (١-أ١) أن تأسف، تشفق، تعطف (١-أ٢) أن تأسف، تأسف، تعاني من الحزن، تتوب (١-أ٣) لتعزية النفس، التعزية (١-أ٤) التعزية، التعزية (١-ب) (Piel) التعزية، التعزية (١-ج) (Pual) التعزية، التعزية (١-د) (هيثبائيل) (١-د١) أن تكون آسفًا، تتعاطف (١-د٢) يحزن، يتوب من (١-ث٣) ليعزي نفسه، يتعزى (١-ث٤) ليخفف عن نفسه ويعني أيضًا: na.cham ( नë यम : يلينH5162H) ** الندم (١) أن تأسف، تعزي نفسك، تتوب، تندم، تعزية، تتعزى (١-أ) (صيغة نيفال) (١-أ١) أن تأسف، تشفق، تعطف (١-أ٢) أن تأسف، تأسف، تعاني من الحزن، تتوب (١-أ٣) لتعزية النفس، التعزية (١-أ٤) التعزية، التعزية (١-ب) (Piel) التعزية، التعزية (١-ج) (Pual) التعزية، التعزية (١-د) (هيثبائيل) (١-د١) أن تكون آسفًا، تتعاطف (١-د٢) للندم والتوبة من (١-ث٣) لتعزية النفس والتعزية (١-ث٤) للتخفيف عن النفس
وقد جاءت الكلمة في مواضع عديدة بالعهد القديم تم ترجمة البعض منها في العربية إلى (ندم) وسوف نناقش هذه المواضع كلها أو أشهرها في المقالة التالية ، وبعض آخر تم ترجمتها إلى (تعزية) مثل سفر التكوين 5: 29
حيث جاء النص يقول : وَدَعَا اسْمَهُ نُوحًا، قَائِلاً: «هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ».
וַיִּקְרָ֧א אֶת־שְׁמ֛וֹ נֹ֖חַ לֵאמֹ֑ר זֶ֞֠ה (יְנַחֲמֵ֤נוּ ) מִֽמַּעֲשֵׂ֙נוּ֙ וּמֵעִצְּב֣וֹן יָדֵ֔ינוּ מִן־הָ֣אֲדָמָ֔ה אֲשֶׁ֥ר אֵֽרְרָ֖הּ יְהֹוָֽה׃
فكانت الكلمة (يعزينا = יְנַחֲמֵ֤נוּ = ينحَمِنو) هي نفس الكلمة التي ندرسها هنا (نحم) ، نقول هذا على سبيل المثال للدلالة أن الكلمة فعلا هي صعبة الترجمة في اللغة العربية ولها استخدامات كثيرة في المقابل العربي ، وهذا بالطبع لأن اللغة العربية المستضيفة لا تستطيع بسهولة استيعاب المعنى الأصلي في اللغة الأصلية
المصدر: https://www.sefaria.org/Genesis.5.29?lang=bi&aliyot=0
والآن قبل ان نشرح معنى النص المشار إليه تعال لنرى معاني ترجمة الكلمة العبرية المقصودة والتي تم ترجمتها هنا (ندم) وفي مواضع أخرى من العهد القديم (تعزية)
قلنا أن الكلمة هي ذات أصل سامي واحد في اللغة العربية والعبرية
معنى (نَحِمَ) في المعاجم العربية
نَحَمَ الوَلَدُ : تَنَحْنَحَ أَوْ سَعَلَ
نحَم: استراح إلى شبهِ أنين يخرج من صَدره
نَحِيمُ الرَّجُلِ : نَحِيحٌ، الصَّوْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِهِ
المصدر: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%86%D8%AD%D9%85/
معنى (نَدِمَ) في المعاجم العربية
أسِفَ ، حَزِنَ، تحسّر
المصدر: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%86%D8%AF%D9%85/
معنى (حسرة) في المعاجم العربية
شدَّة التلهُّف والحزْن
المصدر: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AD%D8%B3%D8%B1%D8%A9/
اذا نعود إلى فهم المقصود في الكتاب بقوله :
العدد ۲۳: ۱۹ لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟
هنا المقصود الواضح أنه لا يمكن مقارنة الله بالإنسان حيث ان الانسان يكذب والله لا يكذب ، ولا ابن انسان فيندم (أو يتأسف ويتراجع عن وعد قطعه على نفسه ) هذا يفعله ابن الإنسان وليس الله ، فإذا وعد الله بالبركة بإعطاء بني إسرائيل أرض الموعد فلابد وأن يفي الله بوعده لن يقول وعدا فيكذب أو يتراجع عن وعده كما يفعل الانسان
هذا إجمال شرح الراباي راشي (القرن 11 ميلادي) ، المصدر: https://www.sefaria.org/Numbers.23.19?lang=bi&with=Rashi&lang2=en
أو كما شرحها أكثر استفاضة الراباي شيزكوني (القرن 13 ميلادي)
فيقول (ובן אדם ויתנחם = وابن آدم فيندم )هناك ثلاثة أنواع من الندم (نحم ) الاول : عدم الوفاء بالوعد. الثاني: عدم القدرة على الوفاء به لأسباب خارجة عن إرادته. الثالث: عدم الوفاء بالوعد لأن المتلقي المقصود قد ارتكب خطيئة في حق الطرف الذي وعده. يقول بلعام عن النوعين الأخيرين: "ولا ابن انسان فيندم ".
المصدر : https://www.sefaria.org/Numbers.23.19?lang=bi&with=Chizkuni&lang2=en
أو كما جاء في اور هاخاييم (القرن 18)
لماذا يسبق حرف العطف (واو) كلمتي (يتنحم = يندم ) و ( يكذب) يعني بلعام أن الله لا يشبه إنسان ولا يشبه آدم. من غير المعقول الشك في أن الله يتصرف بطريقة حقيرة حتى لو تصرف إنسان عادي بهذه الطريقة. عندما يخدع الإنسان أو ينكث عهوده، يُعتبر هذا عيبًا خطيرًا في شخصيته. كيف يمكن لبالاق أن يتوقع أن يصبح الله مذنبًا بمثل هذا العيب في شخصيته بطلبه منه لعن هؤلاء الناس؟ كان عليه أن ينزل إلى مستوى البشر ليصبح قادرًا على التصرف بهذه الطريقة! والسبب في استخدام بلعام لكلمة إنسان وكلمة آدم مرة، هو أنه عندما يقطع المرء وعودًا للآخرين، يُنظر إليه على أنه مهم، أي إنسان؛ بينما عندما يخطط المرء لشيء لا يتضمن تقديم تعهدات للغرباء، فإن مصطلح آدم هو الأنسب.
المصدر: https://www.sefaria.org/Numbers.23.19?lang=bi&with=Or%20HaChaim&lang2=en
او كما قال جون جيل في تفسيره : الإنسان مخلوق من جسد (لحم ودم) ونفس وروح ، ولكن الله وإن كان يشار إليه بالمجاز ببعض الاعضاء الانسانية (كالعين واليد) الا أننا لايمكن أن نتصور أنه له جسد إنساني ، وعلى الرغم من الله روح إلا أنه روح أزلي أبدي سرمدي (ليس كذلك روح الإنسان) اذا الله ليس كالإنسان او ابن آدم ليكذب او ينقض عهوده ووعوده ( لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا.) (رومية 3: 4) مشوراته القديمة هي إخلاص وصدق ، وعوده نعم وآمين في المسيح ، والكتب المقدسة التي أوحى بها صادقة، وتنبؤاتها تتحقق في الوقت المناسب، وخاصة ما تنبأ به عن شعب إسرائيل، ووعدهم به، أنهم سيكونون سعداء، ويرثون أرض كنعان (ارض الموعد) ، "وهذا سيكون صادقًا ومخلصًا لهم، ولا يمكن أن يكون هناك أمل، بأي وسيلة كانت، في جعله كاذبًا وغير أمين لكلمته: ولا ابن الإنسان، أن (يندم بمعنى التوبة) توجد التوبة في الرجال الذين يتوبون عما فعلوه، أو يغيرون رأيهم، فيما يتعلق بما ينوون القيام به أو البدء فيه، مدركين أنه من الخطأ القيام بذلك، أو أنهم غير قادرون على القيام به، بعض الأشياء غير المتوقعة التي تظهر لم يكونوا على علم بها، ولكن لا شيء من هذا النوع ينتمي إلى الله، أو يمكن أن يصيبه، فهو لا يغير رأيه أبدًا، ولا يغير نصائحه وأغراضه وأحكامه، ولا يتغير أبدًا في عواطفه تجاه شعبه، ولا يبطل اختياره لهم، أو عهده معهم؛ ودعوته لهم بنعمته، ومواهب النعمة الممنوحة لهم، هي بلا ندامة ، ( لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ.) (رومية ۱۱: ۲۹ ) وخاصة فيما يتعلق بشعب إسرائيل، لم يكن هناك سبب للأمل أو الاعتقاد بأن الله سيغير مقاصده أو وعوده فيما يتعلق بسعادتهم الخارجية، وتمتعهم بأرض كنعان؛ أو أنه سوف يُقنع بلعنهم، أو يعترف بلعنهم، عندما يكون مصمماً، ووعد بشكل قاطع بأنه سوف يباركهم.
المصدر: https://www.biblestudytools.com/commentaries/gills-exposition-of-the-bible/numbers-23-19.html
جاء هذا الكلام في سياق النبؤة التي نطق بها بلعام بن بعور عندما شاهد الشعب بني اسرائيل في خروجهم من مصر حينما استدعى بالاق ملك موآب النبي الوثني بلعام بن بعور ووعده بعطايا بأموال جزيلة إذا لعن شعب بني إسرائيل ، فلم يستطع بلعام الا ان يقول كلمات البركة التي وضعها الله على فمه للبركة وليس للعنة (راجع سفر العدد الاصحاحين الرابع والخامس)
اذا لابد التركيز هنا على أن الله قال انه لا يندم إذا وعد بالبركة فإنه لا يكذب فيها ولا يتراجع ويتأسف وينحم (او يندم) عنها وكما رأينا فإن كلمة (الندم) في اللغة العربية بها كل هذه المعاني ، ولكن الذي قالته الكلمات العبرية تحديدا هو (نحم يهوه) نفهم منها عدم التراجع عن الوعد إذا قطعه الله على نفسه أو قاله بنفسه واعلنه للشعب وخاصة بني إسرائيل .
أما ما جاء عن الله يندم في مواضع أخرى فجاءت في سياق أن الله كان يجعل النبي يرى رؤيا يقضي فيها الله على شعب اسرائيل بقضاء معين ، ونجد وقتها أن النبي يتداخل مسرعا بالتشفع والصلاة من الله أن لا يقيم هذا القضاء على شعبه فيأتي النص العبري يقول (نحم يهوه) بمعنى الصريح المباشرة للغة التي نفهمها نحن ان يهوه (الله ) تنحنح كما يتنحنح الإنسان الذي يؤخر الكلام أو يتوقف قليلا او برهة عن الاستكمال او كما يتنهد الانسان فيخرج صوتا من صدره في برهة من التفكير والتريث ، وهنا لم يجد المترجم العربي امامه الا كلمة (نحم أو ندم) وربما لان كلمة (نحم) العربية غير متداولة بكثرة في وقت الترجمة فاضطر إلى اللجو إلى كلمة (ندم) بمعنى تأسف أو حزن أو تنهد أو تحسر (كما يقول القرآن مثلا على لسان الله (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( سورة يس 30))
هنا اذا جاز لنا ان نقول ان الله (يندم) او يتأسف ويحاول التراجع عن كلامه يجب ان نقول انه لا يتعارض ابدا مع ماجاء في سفر العدد ، حيث سابقا كان يقول ان الله لا يندم عن وعد قطعه على نفسه ، ولكن هنا لا نجد اي وعد ، بل رؤية يريها الله للنبي عن قضاء سوف يتخذه الله للشعب وكأن الله يستشير النبي (اذا جاز التعبير) حيث يتدخل النبي فورا ويطلب من الله الرأفة فيندم الرب على القضاء بالدينونة او ايقاع الفعل العنيف (الشر بحسب التعبير الكتابي) على شعب اسرائيل
الآن ندرس المواضع الأخرى التي جاءت فيها كلمة (نحم يهوه ) او (ندم الرب) على ما كان ينتوي ان يفعله بشعب بني اسرائيل كقضاء بايقاع الدينونة عليه ، جاءت هذه الكلمة في عدة مواضع نضعها الان ونعتذر لطول الرد فنناقشها بالتفصيل في المقال القادم
الكلمة المقصودة بالدراسة جاء في سبع مواضع أخرى هي :
اولا
الخروج ۳۲: ۱٤ فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.
ثانيا
صموئيل الثاني ۲٤: ۱٦ وَبَسَطَ الْمَلاَكُ يَدَهُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِيُهْلِكَهَا، فَنَدِمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ، وَقَالَ لِلْمَلاَكِ الْمُهْلِكِ الشَّعْبَ: «كَفَى! الآنَ رُدَّ يَدَكَ». وَكَانَ مَلاَكُ الرَّبِّ عِنْدَ بَيْدَرِ أَرُونَةَ الْيَبُوسِيِّ.
ثالثا
أخبار الأيام الأول ۲۱: ۱٥ وَأَرْسَلَ اللهُ مَلاَكًا عَلَى أُورُشَلِيمَ لإِهْلاَكِهَا، وَفِيمَا هُوَ يُهْلِكُ رَأَى الرَّبُّ فَنَدِمَ عَلَى الشَّرِّ، وَقَالَ لِلْمَلاَكِ الْمُهْلِكِ: «كَفَى الآنَ، رُدَّ يَدَكَ». وَكَانَ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَِِنْدَ بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ.
رابعا
إرميا ۲٦: ۱۹ هَلْ قَتْلاً قَتَلَهُ حَزَقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا وَكُلُّ يَهُوذَا؟ أَلَمْ يَخَفِ الرَّبَّ وَطَلَبَ وَجْهَ الرَّبِّ، فَنَدِمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَلَيْهِمْ؟ فَنَحْنُ عَامِلُونَ شَرًّا عَظِيمًا ضِدَّ أَنْفُسِنَا».
خامسا
عاموس ۷: ۳ فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى هذَا. «لاَ يَكُونُ» قَالَ الرَّبُّ.
سادسا
عاموس ۷: ٦ فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى هذَا. «فَهُوَ أَيْضًا لاَ يَكُونُ» قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
سابعا
إرميا ۲٦: ۱۳ فَالآنَ أَصْلِحُوا طُرُقَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ، وَاسْمَعُوا لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، فَيَنْدَمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَلَيْكُمْ.
فإلى لقاء قريب ان شاء الرب وعشنا
المقالة الثانية والأخيرة
انهينا الحلقة السابقة من الدراسة اللغوية للكلمة العبرية (نحم ) والتي جاءت مترجمة في بعض المواضع إلى ( ندم) وفي مواضع أخرى (تعزية) ، حين أن الكلمة العبرية في الأصل هي تعبير في حالة الكلام عن الإنسان عن صوت يصدر من صدره عندما يتنحنح أو يتنحم بحسب اللغة العربية ، وقلنا أن الكلمة هي من أصل سامي واحد للغة العبرية والعربية .
وقلنا أيضا في معرض الكلام عن الشاهد الكتابي (النص أو الآية) التي تقول ( ليس الله إنسانا فيكذب أو ابن انسان فيندم ، هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفي ) وقلنا أنها لا تتعارض مع أي من الشواهد أو النصوص التي تقول ان الله ندم في حالات معينة وقلنا السبب هو ان النص الاول ينفي الله انه التراجع في وعهد او عهد قطعه على نفسه من العهود التي قطعها مع شعبه بني اسرائيل ، ولكنه في رحمته ومحبته يتراجع عن عقاب (وليس وعد) قد يكون أظهره أو أعلنه لنبيه في رؤيا عندما يتدخل النبي ويطلب التخفيف أو السماح والغفران من الله عن عصيان الشعب ، والان سوف نناقش المواضع السبعة التي وردت فيها كلمة (فندم الرب ) كما أسلفنا في الحلقة الأولى
اولا : سفر الخروج الإصحاح 32
وفيه نرى قصة عصيان شعب بني اسرائيل حينما تأخر موسى في لقاء الرب عند استلام لوحي الشريعة (اربعين يوما) فراح الشعب يصنع لنفسه عجلا من الذهب ليتعبد له ، فنقرأ أن الله يطلب من موسى ان يتنحى جانبا لكي ينزل بقضائه القاسي على شعب بني اسرائيل و يبيدهم كلهم (يميتهم في البرية) فيتدخل موسى بالتوسل والصلاة والتشفع لدى الله ويذّكره بمراحمه وصلاحه فنقرأ أن الرب ندم عن الشر الذي كان بصدد أن يصنعه بشعب بني إسرائيل
۹ وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «رَأَيْتُ هذَا الشَّعْبَ وَإِذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ.
۱۰ فَالآنَ اتْرُكْنِي لِيَحْمَى غَضَبِي عَلَيْهِمْ وَأُفْنِيَهُمْ، فَأُصَيِّرَكَ شَعْبًا عَظِيمًا».
۱۱ فَتَضَرَّعَ مُوسَى أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَقَالَ: «لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ الَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ وَيَدٍ شَدِيدَةٍ؟
۱۲ لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ الْمِصْرِيُّونَ قَائِلِينَ: أَخْرَجَهُمْ بِخُبْثٍ لِيَقْتُلَهُمْ فِي الْجِبَالِ، وَيُفْنِيَهُمْ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ؟ اِرْجِعْ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ، وَانْدَمْ عَلَى الشَّرِّ بِشَعْبِكَ.
۱۳ اُذْكُرْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَإِسْرَائِيلَ عَبِيدَكَ الَّذِينَ حَلَفْتَ لَهُمْ بِنَفْسِكَ وَقُلْتَ لَهُمْ: أُكَثِّرُ نَسْلَكُمْ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، وَأُعْطِي نَسْلَكُمْ كُلَّ هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَنْهَا فَيَمْلِكُونَهَا إِلَى الأَبَدِ».
۱٤ فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.
اذا هنا ليس هنا وعد من الله يتراجع ويتأسف عليه بل نقاش دار بين الله وموسى وانتهى بإن الله تراجع عن قراره (وليس وعده) ولهذا جاء النص ليقول (نحم يهوه) أو (ندم الرب) ليس هناك تناقض بين هذا النص وبين نص سفر العدد 23: 19
ثانيا: صموئيل الثاني 24
في هذا الجزء نحن نقرأ عن ما فعله النبي داود عندما أخطأ بغرور فأمر باحصاء او تعداد شعب اسرائيل فجاء النبي محملا برسالة من الله إلى داود أن يختار واحدة من ثلاث كعقاب له على كبريائه وغروره
۱۱ وَلَمَّا قَامَ دَاوُدُ صَبَاحًا، كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى جَادٍ النَّبِيِّ رَائِي دَاوُدَ قَائِلاً:
۱۲ «اِذْهَبْ وَقُلْ لِدَاوُدَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: ثَلاَثَةً أَنَا عَارِضٌ عَلَيْكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَاحِدًا مِنْهَا فَأَفْعَلَهُ بِكَ».
۱۳ فَأَتَى جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَأَخبَرهُ وَقَالَ لَهُ: «أَتَأْتِي عَلَيْكَ سَبْعُ سِنِي جُوعٍ فِي أَرْضِكَ، أَمْ تَهْرُبُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ أَمَامَ أَعْدَائِكَ وَهُمْ يَتْبَعُونَكَ، أَمْ يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَبَأٌ فِي أَرْضِكَ؟ فَالآنَ اعْرِفْ وَانْظُرْ مَاذَا أَرُدُّ جَوَابًا عَلَى مُرْسِلِي».
۱٤ فَقَالَ دَاوُدُ لِجَادٍ: «قَدْ ضَاقَ بِيَ الأَمْرُ جِدًّا. فَلْنَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ وَلاَ أَسْقُطْ فِي يَدِ إِنْسَانٍ».
۱٥ فَجَعَلَ الرَّبُّ وَبَأً فِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمِيعَادِ، فَمَاتَ مِنَ الشَّعْبِ مِنْ دَانٍ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُل.
۱٦ وَبَسَطَ الْمَلاَكُ يَدَهُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِيُهْلِكَهَا، فَنَدِمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ، وَقَالَ لِلْمَلاَكِ الْمُهْلِكِ الشَّعْبَ: «كَفَى! الآنَ رُدَّ يَدَكَ». وَكَانَ مَلاَكُ الرَّبِّ عِنْدَ بَيْدَرِ أَرُونَةَ الْيَبُوسِيِّ.
۱۷ فَكَلَّمَ دَاوُدُ الرَّبَّ عِنْدَمَا رَأَى الْمَلاَكَ الضَّارِبَ الشَّعْبَ وَقَالَ: «هَا أَنَا أَخْطَأْتُ، وَأَنَا أَذْنَبْتُ، وَأَمَّا هؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا فَعَلُوا؟ فَلْتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي».
فندم الرب هنا هو تعبير يقول انه اذا تغير قلب الإنسان الخاطيء العاصي وتاب إلى الله فإن الله في رحمته لن ينزل عقوبته وقضائه التي تكلم بها على لسان النبي ، ليس هناك وعد تراجع الله عنه ولكن بمحبته ورحمته يتأسف ويتراجع عن قضاء بالموت او الهلاك حيث ان داود الملك أعلن عن ندمه وتوبته عن غلطته بالأمر بالتعداد إظهارا لقوته وانتشار مملكته
ثالثا: أخبار الأيام الأول 21
وهي نفس القصة التي وردت سابقا في سفر صموئيل الثاني ، حيث نقرأ
۷ وَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ اللهِ هذَا الأَمْرُ فَضَرَبَ إِسْرَائِيلَ.
۸ فَقَالَ دَاوُدُ لِلهِ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدًّا حَيْثُ عَمِلْتُ هذَا الأَمْرَ. وَالآنَ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي سَفِهْتُ جِدًّا».
۹ فَكَلَّمَ الرَّبُّ جَادَ رَائِي دَاوُدَ وَقَالَ:
۱۰ «اذْهَبْ وَكَلِّمْ دَاوُدَ قَائِلاً: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: ثَلاَثَةً أَنَا عَارِضٌ عَلَيْكَ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَاحِدًا مِنْهَا فَأَفْعَلَهُ بِكَ».
۱۱ فَجَاءَ جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: اقْبَلْ لِنَفْسِكَ:
۱۲ إِمَّا ثَلاَثَ سِنِينَ جُوعٌ، أَوْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ هَلاَكٌ أَمَامَ مُضَايِقِيكَ وَسَيْفُ أَعْدَائِكَ يُدْرِكُكَ، أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ فِيهَا سَيْفُ الرَّبِّ وَوَبَأٌ فِي الأَرْضِ، وَمَلاَكُ الرَّبِّ يَعْثُو فِي كُلِّ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ. فَانْظُرِ الآنَ مَاذَا أَرُدُّ جَوَابًا لِمُرْسِلِي».
۱۳ فَقَالَ دَاوُدُ لِجَادٍ: «قَدْ ضَاقَ بِيَ الأَمْرُ جِدًّا. دَعْنِي أَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ، وَلاَ أَسْقُطُ فِي يَدِ إِنْسَانٍ».
۱٤ فَجَعَلَ الرَّبُّ وَبَأً فِي إِسْرَائِيلَ، فَسَقَطَ مِنْ إِسْرَائِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُل.
۱٥ وَأَرْسَلَ اللهُ مَلاَكًا عَلَى أُورُشَلِيمَ لإِهْلاَكِهَا، وَفِيمَا هُوَ يُهْلِكُ رَأَى الرَّبُّ فَنَدِمَ عَلَى الشَّرِّ، وَقَالَ لِلْمَلاَكِ الْمُهْلِكِ: «كَفَى الآنَ، رُدَّ يَدَكَ». وَكَانَ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَِِنْدَ بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ.
۱٦ وَرَفَعَ دَاوُدُ عَيْنَيْهِ فَرَأَى مَلاَكَ الرَّبِّ وَاقِفًا بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ بِيَدِهِ وَمَمْدُودٌ عَلَى أُورُشَلِيمَ. فَسَقَطَ دَاوُدُ وَالشُّيُوخُ عَلَى وُجُوهِهِمْ مُكْتَسِينَ بِالْمُسُوحِ.
۱۷ وَقَالَ دَاوُدُ ِللهِ: «أَلَسْتُ أَنَا هُوَ الَّذِي أَمَرَ بِإِحْصَاءِ الشَّعْبِ؟ وَأَنَا هُوَ الَّذِي أَخْطَأَ وَأَسَاءَ، وَأَمَّا هؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا عَمِلُوا؟ فَأَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي لِتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي لاَ عَلَى شَعْبِكَ لِضَرْبِهِمْ».
رابعا: إرميا 26
۱۷ فَقَامَ أُنَاسٌ مِنْ شُيُوخِ الأَرْضِ وَكَلَّمُوا كُلَّ جَمَاعَةِ الشَّعْبِ قَائِلِينَ:
۱۸ «إِنَّ مِيخَا الْمُورَشْتِيَّ تَنَبَّأَ فِي أَيَّامِ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، وَكَلَّمَ كُلِّ شَعْبِ يَهُوذَا قَائِلاً: هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنَّ صِهْيَوْنَ تُفْلَحُ كَحَقْل وَتَصِيرُ أُورُشَلِيمُ خِرَبًا وَجَبَلُ الْبَيْتِ شَوَامِخَ وَعْرٍ.
۱۹ هَلْ قَتْلاً قَتَلَهُ حَزَقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا وَكُلُّ يَهُوذَا؟ أَلَمْ يَخَفِ الرَّبَّ وَطَلَبَ وَجْهَ الرَّبِّ، فَنَدِمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَلَيْهِمْ؟ فَنَحْنُ عَامِلُونَ شَرًّا عَظِيمًا ضِدَّ أَنْفُسِنَا».
هنا نقرأ عن النبي إرميا الذي واجه صعوبات كثيرة أمام الكهنة والأنبياء والملك رفضا لرسالته النبوية التي كان يحذر بها الشعب من أن قضاء الله عليهم سوف يكون بالسبي بسبب عصيانهم وتمردهم وتركهم طاعة الله والعيش بحسب وصايا الناموس ، ويقارن هنا إرميا النبي بين خدمته وخدمة النبي ميخا المورشتي ، والتي كانت شبيهة لخدمته فذكرهم أنه عندما جاء النبي ميخا ليخبرهم بقضاء الله بالعقوبة عليهم فلما خافوا وتابوا وطلبوا وجه الرب (فندم الرب عن الشر) وصفح عنهم ، نحن إذا لازلنا بصدد نفس النمط ، اعلان الله على لسان النبي بالقضاء فيرجع الشعب عن خطيتهم فيرجع الرب عن الشر الذي سوف يفعله به (ندم ) أي تأسف وحزن وتراجع عن قضاء بالدينونة هنا لا يتراجع الله عن وعد قطع على نفسه ؟ ليس هناك تناقض بين هذا النص ونص سفر العدد 23 : 19 الذي يقول ان الله لن يندم ولن يتراجع عن وعد بالبركة قطعه على نفسه لصالح شعبه
خامسا وسادسا : سفر عاموس 7
نقرأ
۱ هكَذَا أَرَانِي السَّيِّدُ الرَّبُّ وَإِذَا هُوَ يَصْنَعُ جَرَادًا فِي أَوَّلِ طُلُوعِ خِلْفِ الْعُشْبِ. وَإِذَا خِلْفُ عُشْبٍ بَعْدَ جِزَازِ الْمَلِكِ.
۲ وَحَدَثَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَكْلِ عُشْبِ الأَرْضِ أَنِّي قُلْتُ: «أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، اصْفَحْ! كَيْفَ يَقُومُ يَعْقُوبُ؟ فَإِنَّهُ صَغِيرٌ!».
۳ فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى هذَا. «لاَ يَكُونُ» قَالَ الرَّبُّ.
٤ هكَذَا أَرَانِي السَّيِّدُ الرَّبُّ، وَإِذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ قَدْ دَعَا لِلْمُحَاكَمَةِ بِالنَّارِ، فَأَكَلَتِ الْغَمْرَ الْعَظِيمَ وَأَكَلَتِ الْحَقْلَ.
٥ فَقُلْتُ: «أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، كُفَّ! كَيْفَ يَقُومُ يَعْقُوبُ؟ فَإِنَّهُ صَغِيرٌ!».
٦ فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى هذَا. «فَهُوَ أَيْضًا لاَ يَكُونُ» قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
۷ هكَذَا أَرَانِي وَإِذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَى حَائِطٍ قَائِمٍ وَفِي يَدِهِ زِيجٌ.
۸ فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «مَا أَنْتَ رَاءٍ يَا عَامُوسُ؟» فَقُلْتُ: «زِيجًا». فَقَالَ السَّيِّدُ: «هأَنَذَا وَاضِعٌ زِيجًا فِي وَسَطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. لاَ أَعُودُ أَصْفَحُ لَهُ بَعْدُ.
۹ فَتُقْفِرُ مُرْتَفَعَاتُ إِسْحَاقَ وَتَخْرَبُ مَقَادِسُ إِسْرَائِيلَ، وَأَقُومُ عَلَى بَيْتِ يَرُبْعَامَ بِالسَّيْفِ».
هنا نرى أن الله أعلن للنبي عاموس من خلال ثلاث رؤى أراها له قضاء الرب على شعب المملكة الشمالية مملكة اسرائيل ( بعد انقسام المملكة المتحدة ايام سليمان إلى مملكتين في عهد ابنه وهما المملكة الشمالية وتضم عشرة اسباط اشهرهم سبط دان واكثرهم عددا سبط افرايم والمملكة الجنوبية التي كانت من سبط يهوذا ونصف سبط بنيامين) الرؤية الاولي (ولن نخوض في تفاصيل لكي لا نطيل) تدخل بعدها النبي عاموس وطلب التخفيف فقال (اصفح يارب لان القضاء رهيب ولن يتحمله يعقوب ) ونقرأ فندم الرب على هذا وقال لا يكون ، هنا تراجع الرب وتأسف أو ندمه هو عن شر كان سيفعله بمملكة إسرائيل الشمالية ، ثم يرى النبي الرؤيا الثانية فيكرر كف أيها الرب عن هذا لنفس السبب يعقوب صغير ولن يحتمل، فيكرر الرب رده وهذا ايضا لن يكون ، ثم القضاء الثالث وهو الذي تم بسبي شعب المملكة الشمالية إلى مملكة آشور فكانت الرؤيا التي رآها تقول ان هناك مقياس مستقيم لن يعوجه الرب وسيتم على الاسباط العشرة الشمالية وهو ما حدث بالفعل
سابعا: ارميا 26
ونقرأ
۱۲ فَكَلَّمَ إِرْمِيَا كُلَّ الرُّؤَسَاءِ وَكُلَّ الشَّعْبِ قَائِلاً: «الرَّبُّ أَرْسَلَنِي لأَتَنَبَّأَ عَلَى هذَا الْبَيْتِ وَعَلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ بِكُلِّ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ.
۱۳ فَالآنَ أَصْلِحُوا طُرُقَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ، وَاسْمَعُوا لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، فَيَنْدَمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَلَيْكُمْ.
۱٤ أَمَّا أَنَا فَهأَنَذَا بِيَدِكُمُ. اصْنَعُوا بِي كَمَا هُوَ حَسَنٌ وَمُسْتَقِيمٌ فِي أَعْيُنِكُمْ.
هنا لازال الكلام للنبي ارميا ، الذي رأيناه سابقا يقارن بين خدمته وخدمة النبي ميخا فيقول لهم سابقا ان الشعب والملك تابوا وخافوا الرب وطلبوا وجهه فندم الرب عن الشر الذي كان سوف يفعله بهم ، ويقول لهم النبي ارميا افعلوا مثلهم وتوبوا لانه اذا فعلتم سوف يندم الرب عن الشر الذي تكلم به عليكم ، اي سوف يتأسف ويحزن عن الشر الذي سوف يفعله بكم ويتراجع عنه ولكن وللاسف لم يستجيب الشعب في هذا فتم وقوع القضاء عليهم بسبي المملكة الجنوبية إلى بابل على يد الملك نبوخذ نصر
وبناء على ما سبق ليس هناك أي تناقض بين اعلان الرب عن عدم ندمه (نحم الرب) عن وعد قطعه على نفسه بالبركة وبين قضاء على الشعب اراه للنبي في انتظار ان يتدخل النبي بطلب العفو واعلان التوبة وخوف الرب وطلب وجهه فيتراجع الرب عن الشر الذي قال انه سوف يفعله بهم ، هل ترى اي تناقض بين هذا وذاك اذا كنت منصفا ؟
بقي ان انهي كلامي بشيء أخير ان كلمة (نحم ) العبرية هي واحدة من الكلمات صعبة الترجمة كما قلنا لانها تعبّر عن صوت وليس فعل ، صوت يصدر عن صدر الانسان بالتنهد او الحزن والتأسف فلا يمكن استيعاب اللغة العربية لها ، وهي ليست كلمة واحدة في العبرية التي نواجه فيها هذه الصعوبة بل وجدت أيضا بعض الكلمات العبرية التي تعبر عن صوت ، وليس لها ما يقابلها في اللغة العربية ، مثال ذلك على سبيل المثال وليس الحصر
كلمة הוֹ־ה֑וֹ ( حروفها هاء + واو) وصوتها العبري هوه - هوه ، وتم ترجمة في العربية إلى ( آه - آه ) وفي الإنجليزية إلى “Ah, woe!”
فهذه الكلمة في العبرية عبارة عن صوت وليس كلمة بالمعنى المألوف ولذا يصعب ترجمتها حرفيا
לָ֠כֵ֠ן כֹּֽה־אָמַ֨ר יְהֹוָ֜ה אֱלֹהֵ֤י צְבָאוֹת֙ אֲדֹנָ֔י בְּכׇל־רְחֹב֣וֹת מִסְפֵּ֔ד וּבְכׇל־חוּצ֖וֹת יֹאמְר֣וּ הוֹ־ה֑וֹ וְקָרְא֤וּ אִכָּר֙ אֶל־אֵ֔בֶל וּמִסְפֵּ֖ד אֶל־י֥וֹדְעֵי נֶֽהִי׃
لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ: «فِي جَمِيعِ الأَسْوَاقِ نَحِيبٌ، وَفِي جَمِيعِ الأَزِقَّةِ يَقُولُونَ: آهِ! آهِ! وَيَدْعُونَ الْفَلاَّحَ إِلَى النَّوْحِ، وَجَمِيعَ عَارِفِي الرِّثَاءِ لِلنَّدْبِ.
عاموس 5: 16
المصدر: https://www.sefaria.org/Amos.5.16?lang=bi&lookup=remnant&with=Lexicon&lang2=en
كلمة ה֥וֹי ((حروفها هاء+ واو+ ياء) وصوتها (هووي) وترجمتها يحمل معاني (آه!، للأسف!، ها!، هو!، أوه!، الويل!) او في الانجليزية تترجم ah!, alas!, ha!, ho!, O!, woe!
ה֥וֹי הַמִּתְאַוִּ֖ים אֶת־י֣וֹם יְהֹוָ֑ה לָמָּה־זֶּ֥ה לָכֶ֛ם י֥וֹם יְהֹוָ֖ה הוּא־חֹ֥שֶׁךְ וְלֹא־אֽוֹר׃
وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَشْتَهُونَ يَوْمَ الرَّبِّ! لِمَاذَا لَكُمْ يَوْمُ الرَّبِّ؟ هُوَ ظَلاَمٌ لاَ نُورٌ.
(عاموس 5: 18)
المصدر: https://www.sefaria.org/Amos.5.18?lang=bi&lookup=%D7%94%D6%91%D7%95%D6%B9&with=Lexicon&lang2=en
هذه مجرد امثلة لكلمات عبرية صعبة الترجمة حيث انها اصوات للتعبير عن حالة او عاطفة او احساس معين ، ولا نجد لها ما يقابها بالتحديد في اللغة العربية لذا يحاول المترجم ايجاد ما يمكن ان يكون اقرب إلى المعنى أو توضيح الصورة المطلوبة في النص
واعتذر للاطالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا حول الموضوع نفسه، حتى وان اختلفت معي يبقى الود والحب الشخصي مع كل انسان .
ملحوظة: يسمح حتى بسب وشتم الكاتب ، أما الأم أو الاب او باقي اعضاء العائلة ، فلن يسمح بنشرها ، لهذا السبب فقط يتم الاشراف على التلعيقات ونشرها بعد مراقبتها .
أي تعليق خارج الموضوع لن يسمح بنشره لعدم التشتيت والاحتفاظ بالنظام، شكرا لتفهمك. الرب يبارك حياتك